صحافة النساء بلبنان من الريادة العالمية الى ’النفطنة’

تحولت المرأة اللبنانية الى ما تريده العقلية العربية في نظرتها اتجاه المرأة باعتبارها سيدة مجتمع لا يهمها اي شيء اكثر من مكياجها واناقتها وسيارتها وصبحياتها. على عكس واقع الغالبية العظمى من نساء المجتمع العربي اللواتي يعانين الفقر والعنف والحرمان والبؤس والظلم السياسي عدا عن الاجتماعي والديني. هنا تحقيق تاريخي من أول مجلة نسائية في العالم إلى اليوم.

عرف العالم العربي الصحافة في نهاية القرن الثامن عشر عندما صدرت أول جريدة في مصر على يد نابليون بونابرت عام 1798، وهي صحيفة Courrier de l’Égypte. اما الصحافة النسائية فقد بدأت مع اللبنانية هند نوفل صاحبة مجلة “الفتاة” التي أصدرتها بالإسكندرية 1892.

أما الصحافة النسائية اللبنانية فتعد مجلة “الحسناء” التي أصدرها جرجي نقولا باز عام 1909 رائدتها. وكانت تصدر شهرية، وتعنى بالأخلاق والاجتماع وما يخص المرأة. ثم قامت عفيفة كرم بإصدار مجلتين نسائيتين هما:”المرأة السورية” عام 1911، ومجلة “العالم النسائي الجديد” في 1912 في نيويورك.

كذلك صدرت مجلة “فتاة لبنان” الشهرية لصاحبتها سلمى أبو راشد عام 1914، كما صدرت مجلة “منيرفا” لصاحبتها ماري يني، ومجلة “الفجر” أصدرتها الأميرة نجلاء أبو اللمع في 1919، و”الخدر” في 1919 من عفيفة صعب، ومجلة “المرأة الجديدة” سنة 1921 لصاحبتها “جوليا طعمة”، و”صوت المرأة” عام 1945، و”المرأة والفن”، و”دنيا المرأة”، و”هي”، و”الحسناء” التي صدرت في 1961، ومجلة “مود” وكانت تصدر بثلاث لغات.

بعد انتهاء الحرب اﻷهلية صدر عدد كبير من المجلات منها: “اللبنانية”، و”مشوار”، و”فيروز”، ومجلة “عفاف” التي صدرت عام 1985، ومجلة “زينة” التي صدرت عام 1986، ومجلة “جمالك”، و”نور” ومجلة “وفاء” عام 1991.

وثمة عدد كبير من الرائدات في الادب والثقافة ومنهن: زينب فواز، لبيبة ميخائيل صوايا، عفيفة كرم، مي زيادة، سلمى صائغ، روز عطالله شحفة، نظيرة زين الدين، عنبرة سلام الخالدي.

بعيد الحرب الاهلية  التي توقفت عسكريا في العام 1990 هبّت موجة من الاصدارات والمطبوعات على القراء، خصوصا بعد حرب الخليج الثانية اي بعيد احتلال العراق للكويت. اذ تدفق النفط العربي في الاقلام اللبنانية، وغزت السوق اللبناني اسماء وعناوين مطبوعات تتسم بما يمكن تسميته بالتفاهة والتسخيف لقضايا المرأة. فمن يراقب السوق الطباعي والرخص والمكتبات التجارية يجد ان مضمون هذه الاصدارت ليس الا عبارة عن موضة وازياء وطبخ وتربية الطفل والحمل والابراج، واخبار الامراء، والاميرات، وابناء الامراء وزوجات الامراء وكل ذلك بطباعة فاخرة ومكلفة ومميزة وبسعر زهيد نسبة إلى حجم تكلفة الاصدار والإستكتاب والطباعة.

وغابت المجلات الثقافية والادبية والشعرية والحقوقية، على ندرتها، ودخلت المرأة اللبنانية في بازار الجمعيات الاجتماعية كـ”برستيج” ليس اكثر. والدليل ان الجمعيات النسوية في لبنان لم تتمكن من ايصال امرأة واحدة الى البرلمان اللبناني، تحديدا بعد حرب طاحنة خاضتها المرأة كما الرجل جنبا الى جنب، ودفعت اثمانا باهظة من بيتها وعائلتها ووطنها وتقدمها.

وبعد مرحلة “التتفيه” و”السطحية” تعامل المجتمع مع القضايا النسوية، التي حملها اليسار على عاتقه طيلة 15 عاما.. على اعتبارها قضايا “لا طائل منها”. فتحولت المرأة اللبنانية الى ما تريده العقلية العربية في نظرتها للمرأة على اساس انها سيدة مجتمع لا يهمها اي شيء اكثر من مكياجها واناقتها وسيارتها وصبحياتها.. على عكس واقع الغالبية العظمى من نساء المجتمع العربي اللواتي يعانين الفقر والعنف والحرمان والبؤس والظلم السياسي عدا عن الاجتماعي والديني.

فكانت صورة ثلة من نساء الخليج هي صورة المرأة العربية التي تتصدر الاعلام سواء المكتوب او المرئي، ما شكل عائقا كبيرا في تغيير هذه النظرة داخل المجتمع المحلي وخارجه.

من هنا لا نستغرب ان تتولى نساء غربيات مسألة اثارة ملفات تخص المجتمع العربي في حين ان اي امرأة عربية لم تقم بذلك.

بحكم المال والنفط صارت صورتنا كنساء غير حقيقية وغير واقعية، اما الصورة الحقيقية فمغيّبة بحكم سلطة المال والاعلام.

السابق
اﻹساءة إلى الجيش.. بالدفاع عنه
التالي
«العطاء دون مُقابل» في حملة جديدة للتبرّع بالدم