اﻹساءة إلى الجيش.. بالدفاع عنه

إذا اعتبرنا أن النقد الموجه له من طرف معين بمثابة الاساءة فإن الدفاع عنه من الطرف اﻵخر هو ايضا عبارة عن اساءة لا تقل عن الاولى. خصوصا اذا اخذنا بعين الاعتبار أن هذا الطرف الذي يلعب دور المدافع انما يمارس يوميا فعل الهجوم الحقيقي عليه، ويساهم بشكل مباشر في اضعاف الركيزة الاساسية التي يقوم عليها احترام الجيوش عبر النيل الممنهج من هيبته. وذلك بواسطة إيجاد سلاح رديف يمارس ابشع عملية الاستقواء عليه اولا، وعلى اللبنانيين اﻵخريت ثانيا.

طبيعي جدا ان يكون الجيش اللبناني، بما يمثل من حاضنة وطنية، ومن ضامن اساسي للسلم الاهلي، خارج نطاق اي نوع من النقاشات، فضلا عن التجاذبات السياسية.  وهذا الامر يجب ان يكون اكثر من بديهي عند الجميع، وهو كذلك. لكن ما يحصل عندنا اليوم هو مغالطة يعمل حزب الله على تكريسها من اجل اهداف سياسية غير خافية على احد، من خلال  هذا الخلط المقصود بين الجيش كمؤسسة وطنية تشكل حاجة وجودية للوطن والمواطن، وبين اداء هذه المؤسسة القابل للخطأ والصواب.

فإذا كان الحديث عن المؤسسة واصل وجودها واهمية ما يجب ان تلعبه من دور كصمام امان هو حتما من المحرمات الوطنية، فهذا لا يعني وضع حُرم على النقاش وانتقاد الاداء والسلوك. خصوصا إذا ما كان هذا النقد صادرا من فريق سياسي واسع يصرّخ طوال الليل والنهار، عبر مفرداته وادبياته السياسية كلها، عن حاجته إلى هذه المؤسسة واعتبارها عمليا كحام وحيد له. وهذا ما يؤكده ايضا المسار العملي لهذا الفريق.

تزداد حالة الغرابة المصحوبة بالشك والريبة عندما يكون المسوّق لحُرم كهذا هو طرف يتمتع بكامل القوة الذاتية المسلحة من خارج اطار مؤسسة الجيش!
طبعا ان استهداف ضباط وعناصر الجيش اللبناني هو رد فعل مدان ومستنكر ومرفوض باشد عبارات الاستنكار ومن اي جهة كان، ولا يمكن تبريره تحت شعار الاحساس بالمظلومية. لكن على قيادة الجيش بالخصوص ان تعي جيدا بأن الخطر الاكبر ليس هو فقط بهذا النوع من الاستهداف المباشر لدوريات الجيش من قبل ارهابيين ومجرمين… بل إن الخطر الحقيقي الذي يمكن ان يهدد هذه المؤسسة ومن ورائها السلم الاهلي برمته هو تحويل الجيش اللبناني الى طرف في مقابل طرف آخر.
وعليه فإذا اعتبرنا أن النقد الموجه له من طرف معين  بمثابة الاساءة فإن الدفاع عنه من الطرف اﻵخر هو ايضا عبارة عن اساءة لا تقل عن الاولى.

خصوصا اذا اخذنا بعين الاعتبار أن هذا الطرف الذي يلعب دور المدافع  انما يمارس يوميا فعل الهجوم الحقيقي عليه، ويساهم بشكل مباشر في اضعاف الركيزة الاساسية التي يقوم عليها احترام الجيوش عبر النيل الممنهج من هيبته. وذلك بواسطة إيجاد سلاح رديف يمارس ابشع عملية الاستقواء عليه اولا، وعلى اللبنانيين اﻵخريت ثانيا.
هذا ﻷن من يريد حقا الدفاع عن هذه المؤسسة ويحرص على السلم الاهلي لا يعمل ليلا ونهارا على انتزاع دوره، ليغدو بعد ذلك هدفا للتراشق، عندما يرتضي له أن يتحول الى جيش بلا دور.

السابق
«ما في شي بطرابلس»
التالي
صحافة النساء بلبنان من الريادة العالمية الى ’النفطنة’