جيل 2014: لا أحزاب بل نشاطات ’على القطعة’

الشعب يريد اسقاط النظام
نحن جيل لا علاقة له بالأحزاب. في Facebook وTwitter تجد الشباب الذين هم في مثل عمري يشاركون في "عصابات" من الأصدقاء. تجمعهم "نشاطات" يشاركون بها "على القطعة". مثل "حملة إسقاط النظام الطائفي". يجمع بين هؤلاء ميول علمانية، لكن لا يوجد حزب يعبّر عن هذه الميول. فتنظيم "اليسار الديمقراطي" هو ليساريي "تيار المستقبل" و"الحزب الشيوعي" ليساري "حزب الله". والحزب "القومي السوري" تابع لنظام بشار الأسد. فلا يبقى أمامنا إلا Facebook وTwitter كحزب عملاق نشارك في نشاطاته واجتماعاته ومجموعاته "على القطعة".

بين العام 1950 و1990 ولدت أجيال انتخبت وترشحت وحاربت باسم أحزاب لم تعترف يوما بالوطنية والتوحيد الإنساني في المجتمع اللبناني. فخلال تلك الأعوام الأربعين لم يشهد لبنان يوما من الراحة. من الحروب الأهلية والإجتياحات الإسرائيلية والسورية إلى سيطرة الأحزاب والميليشيات اللبنانية على كل شيء… ما دفع الآلاف من أبناء تلك الأجيال إلى الإنضمام في أحزاب مختلفة للحصول على الحصانة الأمنية والمساعدات الإجتماعية للبقاء على قيد الحياة والعيش براحة بال.

حين بلغت الخامسة عشرة من عمري، كنت أحتفل بعيد ميلادي في منزلي محاطاً بالأخبار العاجلة من معارك 7 أيار 2008، وحينها كنت أسكن في منطقة الشياح على أحد مداخل ضاحية بيروت الجنوبية.

وبالطبع، بصفتي كنت أمتلك بعض الميول اليسارية في تلك الفترة بسبب قراءاتي لكارل ماركس وأبحاث قمت بها عن الثورة البولشيفية، خفت أن يأتي الهائجون لأذيتي في منطقة يحكمها مقاتلو حركة “أمل” و”حزب الله”.

شفيت سريعا من الميل الماركسي، ونفدت فلم أنضمّ إلى الحزب الشيوعي اللبناني لأنني كنت أعتبره “مسخرة” الأيديولوجية الداعية إلى العدالة الاجتماعية. فكل من كان في الحزب الشيوعي كان عسكريا. كلّ أصدقائي الشيوعيين كانوا ينضمون إلى تدريبات عسكرية عند انضمامهم للحزب، وإن لم يقوموا بالتدريب العسكري فكان عليهم أن يتابعوا اجتماعات الحزب الأسبوعية التي رفض أصدقائي البوح بمضمونها. وأنا من جيل لا يرى الأحزاب إلا “مسخرة” تنظيمية، مثل “الشيوعي”، أو يستحيل أن أنضمّ إلى أخرى “مذهبية” مثل “أمل” و”حزب الله”، ولن تقبلني الأحزاب المسيحية أو السنّية، مثل “الكتائب” أو “الجماعة الإسلامية” على سبيل المثال.
عام 2005، وخلال نهضة الطرفين السياسيين 8 و 14 آذار، كنت صغيرا، عمري 12 عاما، وحين كبرت صرت أشبّههما بالتماثيل السوداء والبيضاء على طاولة الشطرنج، ملوكها صنّاع الحرب الأهلية اللبنانية، من جميع الأحزاب التي تقاتلت 15 عاما من أجل الوصول إلى الحكم، ولم ينضج الشعب اللبناني حتّى الآن للانتفاض على البيروقراطية السياسية والتوريث والمذهبية.

في Facebook وTwitter تجد الشباب الذين هم في مثل عمري يشاركون في “عصابات” من الأصدقاء، لا رابط بينها أحيانا إلا الصداقات وصداقات الصداقات. وأحيانا تجمعهم “نشاطات” يشاركون بها “على القطعة”. مثل “حملة إسقاط النظام الطائفي” أو “حملة دعم إقرار قانون حماية النساء من العنف الأسري” أو “شطب المذهب عن إخراج القيد” أو “الزواج المدني” وغيرها. وبعدها يتفرّق العشّاق.

يجمع بين هؤلاء ميول علمانية، لكن لا يوجد حزب يعبّر عن هذه الميول. فتنظيم “اليسار الديمقراطي” هو ليساريي “تيار المستقبل” و”الحزب الشيوعي” ليساري “حزب الله”. والحزب “القومي السوري” تابع لنظام بشار الأسد. فلا يبقى أمامنا إلا Facebook وTwitter كحزب عملاق نشارك في نشاطاته واجتماعاته ومجموعاته “على القطعة”.

نحن جيل لا علاقة له بالأحزاب. وربما كان الذين شاركو في 8 و 14 آذار آر الحزبيين اليساريين أو العلمانيين… بانتظار شيء جديد ربّما، أو أنّ هذا هو مستقبل النشاط السياسي: “على القطعة”، في ظلّ نموّ الفردية إلى درجة Facebook وTwitter

السابق
جدال سخيف انتهى بتشويه إلى الأبد!
التالي
المواطنون رعايا الدولة… أما الشعب فقد يكون بلا دولة