نهر حبّوش.. ثروة ضائعة

هدر نهر حبوش ـ عربصاليم الرافد الرئيسي لنهر الزهراني مجدداً فترة وجيزة إبان الشتوة الماضية بعد نضوب فاق العشرة أشهر، لكن منسوب مياهه سرعان ما تراجع إلى أدنى مستوى له بعد توقف المطر، ما يدل على أن كمية الأمطار لم تكن كافية لفيضان النهر. علماً أن هذه المياه المهدورة لطالما استصرخ تدفقها وزارة الطاقة والمياه والنواب الجنوبيين للإسراع في إقامة السدود على مجرى النهر المذكور، كي لا تذهب هدراً إلى البحر من دون الإفادة منها بقطرة واحدة، في وقت يحتاج أهالي المنطقة إلى مياه وافرة لري مزروعاتهم. كذلك يمكن تحويل الفائض من مياه النهر إلى القرى والبلدات العطشى في المناطق القريبة والبعيدة، وهذا ما دعا الكثيرين من أبناء منطقة إقليم التفاح للمطالبة بالحفاظ على هذه المياه إبان الشتاء عبر بناء عدد من السدود في المنطقة.
وكانت بلدية عربصاليم قد أعدت في وقتٍ سابق دراسة عن تطوير مياه نهر الزهراني في منطقة الوادي الأخضر، وفق رئيس البلدية محمود حسن، وذلك عبر إنشاء ثلاث بحيرات خلف ثلاثة سدود صغيرة في وادي مجرى النهر.
وقد استندت البلدية في دراستها إلى الراصد المائي لمصلحة مياه نبع الطاسة ومصلحة الليطاني، قبل الاستغلال شبه الكامل لهذه المياه. ووفق الدراسة المذكورة تبين أنه في الإمكان حفظ كمية مليون متر مكعب من المياه من خلال بناء سدين أو ثلاثة سدود صغيرة من الإسمنت أو الردم، وفق المواصفات الفنية الحديثة في عدد من الأماكن المناسبة في الوادي، وقدّرت كلفة هذا المشروع منتصف العقد الماضي بنحو مليوني دولار أميركي.
ويطالب حسن ببناء هذه السدود في أسرع وقت، تلافياً لاستمرار ذهاب الفائض من مياه نبع الطاسة هدراً إلى البحر.
بدوره يؤيد رئيس «الجمعية التعاونية الزراعية» في بلدة عربصاليم المهندس قاسم حسن إنشاء السدود اللازمة في مجرى نهر الزهراني، بهدف إنعاش ضفتيه والحفاظ على اخضراره وازدهاره سياحيا واقتصاديا وزراعيا ما يعود بالنفع على كافة أهالي المنطقة. ويلفت إلى أن المجرى المذكور هو من أجمل الأودية والمنتزهات في منطقة الجنوب، وهو المتنفس الوحيد لأهالي إقليم التفاح. ويشير حسن إلى سحب ما نسبته 95 في المئة من مياه النبع حتى الآن، خلافاً لكل القوانين والأعراف الدولية والمحلية، ما ألحق الضرر بالبيئة والطبيعة الجميلة في الوادي، وحولها من الاخضرار إلى اليباس، في غياب عدم إقامة السدود المقترحة في حوضه، والتي يمكن من خلالها إعادة الرونق والحياة إلى الوادي المنكوب، بعدما كان لفترة خلت الوجه المميز للمنطقة.
وتنظم رئيسة «جمعية نداء الأرض» في عربصاليم زينب مقلد مع أهالي المنطقة حملة لإعادة الحياة لوادي نهر الزهراني. وترى أن من حق أهالي البلدات المجاورة الذين يعانون ضيقا اقتصاديا، الإفادة من مياهه لري المزروعات وإقامة المنتزهات واستعمالها في مختلف الأصعدة، «لأن الله حباهم هذه النعمة».
وتعتبر مقلد أن ما من نبع في لبنان عومل بالفوضى التي عومل بها نبع الطاسة، بعدما سحبت مياهه إلى مناطق غنية جداً بالمياه الجارية، وأخرى تحتوي أرضها على مياه جوفية، ويتيسر حفر الآبار فيها. وتسأل عن سبب هذا التركيز الظالم على النبع؟، وكأن هناك نية مبيتة للقضاء عليه وحرمان المنطقة مما يميزها سياحيا وطبيعياً.
وإذ تشير إلى أنّ هذا النبع ذكره المؤرخون والرحالة وأبدعوا في وصف جماله لكونه يشبه قطعة من الجنة، حذرت من الآثار البيئية والمناخية المدمرة التي ترتبت على سحب مياه النبع بكاملها، وقد أصبح كل ما حوله يباساً بعدما كان يضج بالحياة. وطالبت بإعادة النظر في كل المشاريع التي تستفيد من مياه الزهراني، والمشاريع المشبوهة التي يجري تنفيذها في محيط منبعه.

السابق
كنيسة المخلّص الأثرية: أثرٌ بعد عين
التالي
الحاج حسن: ماذا ستفعلون للبنانيين الذين يئنون من القتل والارهاب؟