ما لم تقُله جعجع لنصرالله

خطاب النائبة ستريدا جعجع في جلسة الثقة في البرلمان كان موفقاً في مقاربة ملف سلاح “حزب الله”، لكن نواب الحزب قفزوا فوقه ولم يبادلوا التحية بمثلها. وعندما قالت جعجع عن الامين العام للحزب الذي “استشهد إبنه هادي في مواجهة العدو الاسرائيلي” أعادت التذكير بهوية العدو الذي أعطى سلاح “حزب الله” شرعية كلفت لبنان،ويا للأسف، خسائر فادحة لم يتحمل مثلها العدو الاسرائيلي. وكم بدا ساذجا كل الجدل الذي رافق ولادة البيان الوزاري والمتصل بموضوع المقاومة ومرجعية الدولة عندما حصر البحث في اسرائيل، فلم يقل البيان إن لا شرعية للمقاومة ضد “العدو السوري” الذي صار قضية “حزب الله” فعليا. ولمن فاته ما نشرته “الشرق الاوسط” من وثائق عليه العودة اليها لا سيما تلك التي يقول فيها نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف: “كان لي لقاء في بيروت مع الشيخ محمد رعد والسيد حسن نصرالله حيث اجتمعت مع الأخير في منتصف الليل واستمر الاجتماع حتى الساعة الثالثة فجراً. قال لي (…) تستطيعون أن تنقلوا للاسرائيليين ان أهدأ مكان في الدنيا هو على الحدود اللبنانية الجنوبية، لأن كل اهتمامنا منصب على ما يجري في سوريا…”.
مئات الشباب أعادهم “حزب الله” قتلى من سوريا من دون إغفال قتلى آخرين في صفوف تنظيمات لبنانية في الجهة المقابلة كما كشفت تطورات الشمال قبل يومين. وبدا صادما شريط الفيديو الذي تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي وفيه والدة احد القتلى من الحزب راحت تخاطبه ممتدحة موته في سوريا، ووعدت أمام جثمانه بعدما قبّلته ان يلتحق به من تبقى من أشقائه الاحياء! ويأتي هذا الشريط فيما كان معظم نساء لبنان يتلقين هدايا عيديّ الام والمرأة، في وقت نجد ان هناك نساء يقدمن لـ”حزب الله” وتنظيمات أصولية اولادهن “هدايا” لخوض حرب سوريا. لن يجدي نفعاً اليوم مناقشة هؤلاء النسوة في سلوكهن لكن يجب مناقشة النسوة اللواتي ما زالت فيهن عواطف الامومة الخالدة حول ما آلت اليه احوال المرأة في بلادنا.فهل صارت المرأة بلا قلب بعدما صار الرجل بلا عقل؟ ان ما تفعله جمعيات نسائية على صعيد مناهضة العنف ضد المرأة يستحق الاهتمام، لكن سكوت النساء عما تفعله نساء بحق شريعة الامومة يجب ان ينتهي. ففي البرلمان كان أجدى بالصوت النسائي على رغم قلته ان ينتفض على “ترجيل” نساء لبنان في زمن “وحشنة” الرجال. ويا حبذا لو ان هناك حملة تطلقها نساء تحرّم ابادة الشباب، واعلان فترة يحظر خلالها ارسالهم الى الموت في سوريا تماما كما تنص عليه قوانين في لبنان والعالم تمنع صيد الاسماك او الطيور او الحيوانات في أزمنة معيّنة وذلك بغية الحفاظ على هذه الاجناس من الانقراض والسماح بتوالد أنسال جديدة تنمو وتترعرع بعيدا عن خطر الاندثار. ربما هذا ما كان يجب ان يسمعه نصرالله من ستريدا جعجع لا سيما وان “حزب الله” لم يقدّم منذ نشأته امرأة تتبوأ موقعاً في الحياة العامة.

السابق
لعلها ليست سوى البداية لبوتين
التالي
فتفت: حزب الله فقد الشرعية التي فرضها بقوة السلاح