إيران وسوريا على خط المواجهة الدولية بعد القرم

على وقع العقوبات والعقوبات المضادة بين واشنطن وموسكو، وقَّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قانون انضمام شبه جزيرة القرم إلى الاتحاد الروسي، واضعاً هذا الملف خارج التداول بالنسبة إلى بلاده.

توقيع بوتين لقيَ صداه لدى الديبلوماسيين الروس الذين أدلوا أمس بدلوهم في هذا الشأن عبر وسائل الإعلام المختلفة، في إشارة الى أنّ المواجهة مع الولايات المتحدة الاميركية وحلفائها تحوّلت نحو ملفّات دولية أُخرى لا تقلّ تعقيداً عن ملف القرم.

مصادر الخارجية الروسية تؤكّد أنّ الديبلوماسيين الروس سيركّزون جهودهم في المرحلة المقبلة على ملفّات أخرى، خصوصاً أنّ أحداً لن يتمكّن من انتزاع حقوق شعب القرم الذي اختار العودة والانصهار مجدّداً في المجتمع الروسي، وبالتالي بات الغرب أمام الأمر الواقع، ولا خيارات أمامه سوى الاعتراف بخريطة روسيا الجديدة، بعدما أدرك أنّ لغة العقوبات لن تجدي نفعاً، لا بل إنّ انعكاساتها ستطاول غالبية مرافقه السياسية والاقتصادية.
وتشير هذه المصادر إلى ضرورة العمل على حلّ الأزمة الأوكرانية، لأنّ بقاء الأوضاع على ما هي، سيزيد التأزّم، ما يُهدّد الكيان الأوكراني برُمّته.

وتكشف أنّ موسكو تلقّت طلبات مساعدة وحماية كثيرة من أقاليم شرق أوكرانيا حيث الغالبية الناطقة بالروسية، وذلك بعدما شعرت تلك الأقاليم بالحماية الغربية للقوى الأوكرانية المتطرفة. وانطلاقاً من ذلك، ترى موسكو أنّ الحلّ الأنسب هو العودة الى اتّفاق 21 شباط، وتحويل أوكرانيا دولة فيدرالية، لضمان حقوق جميع قومياتها، خصوصاً بعدما اختبرت تلك القوميات تجربة القوى المتطرّفة في أحداث كييف وخاركوف ودونيتسك.

ولا تخفي المصادر أنّ العقوبات زعزعت الثقة بين روسيا والغرب، وستكون لها انعكاساتها وأصداؤها على تسوية ملف إيران النووي، على الرغم من التقدّم الحاصل بين طهران والمجموعة الدولية، لأنّ بعض الإشارات الآتية من عواصم غربية عدّة يشير إلى نيّات مبيتة لا هدف لها سوى الانتقام من روسيا، كونها أحد الرعاة الأساسيّين لعودة هذا الملف إلى طاولة التفاوض.

وتعتبر المصادر نفسها أنّ أبرز الإشارات هي عودة الحديث في دوائر الغرب عن ملف العقوبات ضدّ طهران على خلفية اتّهامها بتوريد الأسلحة والمقاتلين الى سوريا، إضافة الى إشارات اخرى تفيد أنّ تسوية الملف النووي الايراني لن تلغي الاستمرار في برنامج نشر منظومة الدرع الصاروخية.

وتستغرب الحديث عن هذا الأمر لأنّه في حال توصّلت طهران مع مجموعة الـ 5+1 إلى توافق نهائي على الملف النووي، فإنّ ذلك سيضع كلّ المنشآت الإيرانية تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرّية، ما يعني إزالة كلّ الهواجس الغربية التي بُنيَ على أساسها أصلاً برنامج نشر الدرع الصاروخية.

ولا تستبعد المصادر محاولات غربيّة جديدة لعرقلة الاتّصالات على محور «جنيف ـ 2» الساعي إلى حلّ سياسي للأزمة السورية، وذلك من خلال عودة الحديث عن تزويد المعارضة أسلحة متطوّرة، علماً أنّ العواصم الغربية الفاعلة في الأزمة، وفي مقدّمها واشنطن، قد أقرَّت باستحالة حسم المعركة ميدانيّاً لمصلحة أيّ طرف، ما يعني أنّ هذه الخطوات تصبّ في خانة الانتقام من روسيا أيضاً، خصوصاً أنّ روسيا لعبت ولا تزال دوراً مهمّاً في تمهيد الطريق أمام طرفي النزاع للاحتكام الى الحوار.

إذاً، تداخلت الملفّات في ما بينها، وفتَحت أبواب تثبيت النفوذ على مصاريعها، ولا شكّ في أنّ المواجهة الدولية حول ملفّي إيران النووي والأزمة السورية ستَّتخذ أشكالاً أخرى، خصوصاً أنّ روسيا تمكّنت من وضع عصر القطب الواحد على الرفّ بعد تفرّدٍ استمرّ نحو عقدين ونيّف، وعادت إلى موقعها الطبيعي لترسم قواعد جديدة للسياسة الدولية.

السابق
مكاسب النظام لن تدفع الحزب إلى الانسحاب
التالي
كن مقاوماً أو… مت