البلد صار فيه حكومة: 96 ثقة نيابية

مجلس النواب

ليس عدد النواب الذين أعطوا الثقة مهماً، طالما أن القرار بإقفال ملف تشكيل الحكومة، الصادر من خارج مجلس النواب، ما يزال ساري المفعول. 27 نائباً لم يجدوا في حضور جلسة معروفة النتائج سلفاً أولوية. وبالرغم من أن الكلمات ازدادت حدة في اليوم الثاني، لاسيما من «المستقبل» الذي ردد بعض نوابه أنه أعطى الثقة على مضض و«الكتائب»، إلا أنها لم تنعكس على نتيجة التصويت، فأعطى 96 نائباً الثقة للحكومة وحجبها أربعة نواب (ثلاثة من «القوات» والنائب نقولا فتوش)، فيما امتنع النائب عماد الحوت عن التصويت. كما اليوم الأول كذلك اليوم الثاني، وبعد أن دامت الجلسة لـ15 ساعة تخللتها كلمات لـ35 نائباً، لم تكن مناقشة البيان الوزاري إلا مدخلاً لمناقشة «حزب الله»، لا بل محاكمته. تعانقت كلمات نواب تيار «المستقبل» و«الكتائب» لتنتج خطاباً تصعيدياً في وجه «حزب الله»، وصل إلى حد اتهامه بتدمير لبنان، كما قال النائب سامي الجميل، واتهامه بالسعي إلى إلحاق لبنان بإيران، كما قال النائب خالد ضاهر.

وللمفارقة فإن كلمة «القوات»، غير المؤتلف مع الحزب في حكومة واحدة، بدت أكثر هدوءاً واتزاناً. وبالرغم من محافظة النائب جورج عدوان على موقف «القوات» المواجه لـ«حزب الله»، إلا أنه لم ينجر إلى اللهجة الاتهامية كما فعل الآخرون، إنما خلص الى أن «لا بديل عن التفاهم بين الجميع لبناء الوطن». وإذا كانت كلمة عدوان قد امتصت كلمة زميله إيلي كيروز الاستفزازية أمس، وأكملت «الكلام الحواري» الذي بدأته النائبة ستريدا جعجع، فإن الجميل الذي ذهب بعيداً في هجومه على «حزب الله»، أكمل محاولات تبرير موقف «الكتائب» من البيان، معطياً قيمة قانونية للتوضيحات التي أعطاها الرئيس ميشال سليمان للرئيس أمين الجميل بشأن مرجعية الدولة وأمرتها. ومن بين أربع نقاط أشار الجميل إلى أن عمل الحزب سيتركز عليها في الحكومة، ثلاث منها خصصت لمسألة النازحين السوريين الذين سيغيرون «هوية لبنان». وبعد أن صعّد نواب «المستقبل» من نبرة خطابهم في جلسة أمس، إلا أن الرئيس فؤاد السنيورة عاد وضبط الإيقاع في كلمته.

وفيما كان الجميع ينتظر كلمته ليبني على الشيء مقتضاه، ولاسيما «حزب الله»، أعاد رئيس الحكومة الأسبق التذكير بالخلافات الكثيرة مع الحزب، ولكن بنفس هادئ وغير صدامي، دعا فيه «حزب الله»، «باسم الشراكة في الوطن، إلى العودة من سوريا». وعلى المنوال ذاته، ألقى النائب محمد رعد الكلمة الأخيرة في المناقشات، قبل أن يتلو سلام رد الحكومة على مداخلات النواب، فاتسمت أيضاً بالهدوء والحسم على السواء، رافضاً التذرع بالخلاف السياسي مع المقاومة والتنكر لتضحياتها. قبل ذلك، كان ضاهر وفتفت يرفعان، في الجلسة الصباحية، من مستوى الاستفزاز، من خلال ضم الجيش اللبناني إلى لائحة المتهمين، فوصفه الأول بـ«شبيحة طرابلس»، رافضاً أن يمر ترشيح قائد الجيش إلى الرئاسة من خلال شوارع المدينة.

أما الثاني فأكمل ما بدأه زميله طارحاً أسئلة عديدة تتعلق بأدائه، وتمييزه بين منطقة وأخرى. ولأن تناول الجيش بدا تخطياً للخطوط الحمراء بالنسبة لكثر، استدعى الأمر تدخل رئيس المجلس مؤكداً ان «الجيش على حق حتى لو كان ظالماً»، كذلك كانت مداخلة لسلام، قال فيها إن «الجيش والقوى الأمنية في قلوبنا جميعا». كذلك وللمرة الأولى، سجلت جلسات الثقة نقاشاً مباشراً، تخللته اتهامات متبادلة بين «المستقبل» و«التيار الوطني الحر»، الذي تعاقب نوابه على الدفاع عن الجيش في وجه الهجوم الذي بدأه ضاهر. كذلك، لم يسكت «حزب الله» على اتهام الجيش في أحداث طرابلس، فطلب النائب الوليد سكرية كشفا بكل الخروقات الأمنية، وكل من يتجاوز الأمن في طرابلس ليظهر من هو الذي يخرق امن طرابلس ويعرضها للخطر. ولأن الجلسة معنية بكل شيء إلا البيان الوزاري، فقد عاد النقاش عشرات السنوات إلى الوراء وصولاً إلى مناقشة هوية لبنان. وبعدما اتهم ضاهر الحزب بمعاداة العرب و«تنفيذ جمهوريتكم لربط لبنان بإيران»، رد النائب علي فياض مذكراً بما سبق أن أعلنه السيد حسن نصر الله عن نهائية الكيان اللبناني، ومميزاً بين الخلاف السياسي مع بعض العرب والعروبة. كذلك، توقف بري عند الأمر، مذكراً بأن لبنان وطن نهائي وعربي الهوية، بحسب الدستور.

بعد أكثر من عشرين نائباً انتظموا في جبهة مهاجمة «حزب الله» والمقاومة، حان دور النائب حسن فضل الله، الذي ألقى كلمة اتسمت بالهدوء، رد فيها على معظم الملاحظات التي تليت في الجلسة، ومبدياً الحرص «على مناقشة الكلام المسؤول الجدي والمنتج، ومن موقع الإختلاف في الرؤى والمواقف للوصول إلى قواسم مشتركة وهي كثيرة، بخاصة في ظل التحديات التي تواجه بلدنا، وقد تكون هذه الحكومة هي المدخل». بعيداً عن السياسة وتجاذباتها، تقدم النائب نقولا فتوش بمداخلة قانونية ودستورية محبوكة استحوذت على اهتمام الجميع، فند فيها كل الإشكاليات التي تضمنها البيان الوزاري، جامعاً بين الاستناد إلى المراجع القانونية والفكاهة. وقد انتقد فتوش بيان بعبدا وطاولة الحوار التي «لا قيمة قانونية لها»، وكذلك انتقد ذكر المساعدات المالية (الهبة السعودية) في البيان، في سابقة لم تعتدها البيانات الوزارية، فيما غاب الشهداء عنه، مسمياً الحكومة بحكومة المصلحة لا حكومة المصلحة الوطنية. وأكثر فتوش من الاستخفاف بعبارات وردت في البيان، منتقداً اللجوء إلى «السين المتسكعة» بدل «السين المتسرعة».

في اليوم الثاني على مناقشة البيان الوزاري في مجلس النواب، تناوب على الكلام 9 نوّاب، غير أن «الأدسم» في جلسة الثقة، أمس، هو مداخلات النواب التي تعدّت العشرين، في ظلّ مشادات كلامية بين عدد منهم، والتي كان أكثرها خلال كلمة النائب خالد ضاهر الذي هاجم الجيش. وبالرغم من هذه المشادات الكلاميّة، فإنّ الحكومة نالت الثقة بـ96 صوتاً. منح عضو كتلة «الكتائب» النائب فادي الهبر الحكومة الثقة، داعيا اللبنانيين إلى «التمثل بالتجربة الإيرانية وانتخاب رئيس متنور منفتح أوروبياً وعالمياً يؤسس للحوار». وأكثر التعليقات المنتقدة نالتها كلمة النائب خالد ضاهر، الذي أشار إلى «ممارسات خاطئة (في الشمال) في الأمن. فهناك مسلحون «بسمنة» ومسلحون «بزيت». تدخّل النائب ابراهيم كنعان معترضاً على المسّ بالجيش، فردّ ضاهر قائلاً: «لا أقبل أن يعارضني أحد. الثقة مفقودة بين الناس. هناك حصار على التبانة»، ليردّ بري: «الزميل له الحق أن يقول ما يريد».

وقال ضاهر: «أنا أتكلم هذا الكلام لمعالجة الأمر. الموضوع حساس ويحتاج الى معالجة». ثم أكّد بري: «ليس لنا مصلحة. جيشك على حق حتى ولو كان ظالما»، فتابع ضاهر: «وينتقدون رئيس الجمهورية في أحلك الظروف»، حينها قال بري: «أقلب هذه الصفحة»، ليشير إلى «استهداف الطائفة السنية»، فعلّق بري: «تشطب هذه العبارة. إن استهداف أي لبناني من أي طائفة كان، استهداف للجميع. إذا كان هناك أخطاء، سيكون هناك مراجعة. أنا في قلب طرابلس، أنا مشترك بخطة أمنية، والسياسة كانت تعطل أكثر من الأمن، مثل سجن رومية. لا أستطيع أن أعرف من يؤمن الحماية». واعترض النائب حكمت ديب على انتقاد ضاهر الجيش. كذلك علّق النائب نبيل نقولا بالقول: «الجيش مؤسسة». فردّ ضاهر: «أولاد عكار في الجيش. لا تزايدوا علي. أنتم لا تدخلون الى الجيش». فردّ نقولا: «لا تقسموا البلد». كما انتقد ضاهر كلمة النائب علي عمار أمس الأول، وأضاف: «لدينا مخاوف من اقامة دولة اسلامية في لبنان تابعة لإيران، وانتم تستعدون العرب». وغمز من قناة قائد الجيش العماد جان قهوجي، قائلاً: «هل من يريد أن يعمل رئيس جمهورية يريد ان يأتي على حساب دم طرابلس؟». وبعد انتهاء كلمة ضاهر، تحدّث وليد سكريّة «بالنظام»، فشدّد على أنّ «الجيش يقوم بمهمته وهو حريص على طرابلس حرصه على كل لبنان». وكما سكريّة كذلك تحدّث النائب علي فياض «بالنظام»، فأشار إلى أنّ «خطاب ضاهر ينطوي على شعبويّة ما، نحن لدينا مشكلة مع بعض الأنظمة، واتهمنا بمعاداة العرب، هذا الكلام غير صحيح، هذه مسألة سياسية صرفة ولا يجوز أن تُقدم على أساس ان هناك معاداة للعرب». وأضاف فياض: «بعض المشايخ في طرابلس أعلن مبايعة داعش، وهو حليف لبعض النواب الموجودين في القاعة، وهذا ما يقلق الاستقرار»، مشدداً على «أنّنا نؤمن بهذا الكيان وأن تكون هناك دولة عادلة وقادرة، وولاية الفقيه لا تتعارض مع الدستور، نحن نوظف علاقاتنا في سبيل مصلحة هذا البلد». وهنا ردّ ضاهر بالقول: «لا أحد يؤيد داعش في طرابلس، وأتمنى أن يجاوبني بخطاب صريح. فلا أمان واستقرار إلا بانسحاب حزب الله من سوريا».

فتدخّل بري: «هناك دستور لبناني. لبنان عربي الهوية، ولبنان وطن نهائي والكل يعرف من أين أتت ووصلت الى الطائف. كلنا عرب وكلنا لبنانيون. العروبة لم تكن يوما ضد الإسلام او المسيحية». كذلك، أثارت كلمة النائب أحمد فتفت، الذي منح الثقة لحكومة الرئيس تمام سلام، عاصفة من الردود. إذ انتقد ما جاء على لسان الرئيس نجيب ميقاتي «الذي ارتضى أن يمضي ثلاث سنوات في الحكومة دون أن يقدم موازنة». وتطرق الى أحداث الضنية قائلا: «لسنا نحن من حاول حماية الإرهابيين في نهر البارد، نريد جيش الشعب اللبناني، ولا نريد وضع خطوط حمر ما دام الجيش سيكون عادلا». وقاطعه الرئيس سلام: «هناك معاناة وهي ليست بنت الأمس، لا يمكن أن يبنى شيء فيه جدوى للوطن، إذا ما بني على كراهية أو زغل. هذه المعاناة ليس الجيش وحده المسؤول عنها، ونحن تابعنا الجهد الكبير الذي تمثل في كشف الشبكات الإرهابية والعمالة، ويسجل ذلك للجيش والقوى الأمنية، فالجيش والقوى الأمنية في قلوبنا جميعا، وآمل أن نتابع تعلقنا بهذه المؤسسات وأن نعطيها الغطاء والدعم ونحرر هذه المؤسسات من خلافاتنا السياسية وتبايناتنا السياسية، ولا أحد فوق المحاسبة». وأكد فتفت أنه سيمنح الحكومة الثقة.

وتناول عدم التزام لبنان بالقرار 1701، فرد عليه بري، قائلاً «منذ 10 دقائق وأنت تتناول عدم التزام لبنان بالقرار 1701 إلا أنك لم تذكر عدم التزام إسرائيل بهذا القرار». فقال فتفت متبرئاً: «أنا ضد إسرائيل.. وحين كنا نقاوم في الجنوب كان غيرنا يدبدب». واتهم فتفت الجيش اللبناني بالانحياز قائلاً: «لماذا يتدخّل الجيش بعنف في بيروت ولم يكن له أي تحرك لفتح طريق عرسال مباشرة؟ نسأل وزير الدفاع لماذا القبول بقطع طريق على منطقة أساسية ولا يتحرك إلا بعد قطع طرق أخرى؟». وقال: «نحن لا نقبل أن تلقى علينا سهام فشل الحكومة، فالبعض لم يستطع أن يتحمّل خروجه من السلطة لأنه فشل سياسياً وانمائياً واقتصادياً. وسنكون مسؤولين في المجلس النيابي إذا حصل فراغ في الرئاسة الأولى».

واكد «اننا ذاهبون إلى الحوار احتراماً للرئاسة الأولى وللشعب اللبناني وحفاظاً على شعرة معاوية، لكن لا قيمة لأي حوار إذا لم يتمّ الالتزام بمقرراته السابقة». وردّ رئيس الحكومة السابق النائب نجيب ميقاتي، الذي أعرب عن مفاجأته بكلام فتفت، قائلاً: «مداخلتي بالأمس خلال الجلسة كانت مد اليد للآخر وكلمة انفتاح. في حكومتي لم يكن هناك قرار اتهامي كما أن المكون الأساسي في الحكومة لم يكن يحارب خارج لبنان»، مشدداً على أن «البعض لا يحتمل عقله أن يكون خارج الحكم». ورفض ميقاتي اتهامات فتفت الاقتصادية، مشدداً على أن «حكومتنا أرسلت الموازنة في تموز العام 2012»، مضيفا «إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا». فردّ فتفت قائلاً «من يطعن حلفاءه ليصبح رئيس حكومة عليه أن يستتر. يا ليتك صمتّ». من جهته، رد عضو كتلة «القوات» النائب أنطوان زهرا على مداخلة ميقاتي بالقول: «نحن في صدد مناقشة البيان الوزاري، وأتمنى ألا تدافع الحكومة السابقة عن نفسها وكأنها تطلب الثقة من جديد». ورد رئيس المجلس النيابي نبيه بري على سؤال النائب احمد فتفت حول موضوع تلبية وفد نيابي لبناني دعوة إيران للمؤتمر النيابي لأصدقاء سوريا، انه «تلقى دعوة من إيران إلى مؤتمر أصدقاء سوريا، وهي موجهة إلى اللجان الخارجية في عدة بلدان، وأنا شخصيا من انتدبت الوفد إلى إيران». وسأل بري فتفت: «من سمح لك بالذهاب إلى البرلمان الأوروبي والحديث من دون علم أو إعلام رئيس المجلس النيابي؟ نحن سكتنا كثيرا ولا زلنا نسكت. وأنا بحب مين يعلق معي». فرد فتفت بالقول انه تحدث باسم كتلة «المستقبل»، فقال بري «أنا أسكت من اجل الحكومة، وإذا كان أعضاء الحكومة يوجهون لبعضهم هذه الاتهامات، ماذا تركنا للقوى خارج الحكومة؟». وأضاف أن «عضو كتلة القوات النائب جوزيف المعلوف ذهب إلى برلمان الاتحاد الأوروبي من دون علم رئاسة المجلس، وكان من المفترض ذهاب رئيس كتلة المستقبل النائب فؤاد السنيورة وفتفت من دون علم رئاسة المجلس». فرد فتفت قائلاً: «أين النأي بالنفس في المشاركة في مؤتمر طهران للدفاع عن النظام السوري تحت أي مسمى، لجان او غيرها؟». فرد عضو كتلة «التنمية والتحرير» علي بزي على فتفت بالقول: «نحن حين ذهبنا إلى طهران ذهبنا ليس كحركة أمل بل موفدين من مجلس نواب. أنتم تنشرون الغسيل اللبناني أمام البرلمان الأوروبي». أما وزير الأشغال غازي زعيتر فقال لفتفت خلال مقاطعته بري بالقول: «ممنوع مقاطعة رئيس المجلس، ويجب أن تسكت حتى يتابع بري كلامه». وأشار عضو كتلة «المستقبل» النائب هادي حبيش في مداخلة له في الجلسة العامة في مجلس النواب إلى أن «الوزراء ليسوا موظفين عند رئيس الحكومة والنواب ليسوا موظفين عند رئيس المجلس النيابي».

اما النائب سامي الجميل، فمنح الحكومة الثقة، رغم انتقاده لبعض بنود البيان الوزاري، مشيرا الى أن «الخطر في البيان هو انه تعمم وهناك التباس وغموض حول مرجعية الدولة في عملية استعمال السلاح في لبنان».

وكان للنائب عن كتلة «التنمية والتحرير» هاني قبيسي مداخلة، مشيرا الى أنه «ثمة نواب مع البيان الوزاري وضده ومع الجيش وضده وما تم الحديث فيه عن الـ1701 امر خطير». من جهته أكد النائب جورج عدوان حجبه الثقة عن الحكومة تماشياً مع قرار كتلة «القوات»، مشيرا الى أن «عدم مشاركة الكتلة في الحكومة كان لأننا نبحث عن تسوية حقيقية وليس تسوية لفظية». بدوره أكد النائب حسن فضل الله أن «المقاومة هي في صلب الوفاق الوطني وكل الحكومات اكدت هذا الحق»، سائلا «هل يريدون ان نتخلى عن مسؤولياتنا؟». وقال بعد ان منح الحكومة الثقة، «لا نريد للحكومة ان تكون حكومة متاريس داخلية بل منتجة بالرغم من مدتها القصيرة». وبعد كلمة فضل الله، رفع بري الجلسة التي عادت واستؤنفت بعد الظهر بكلمة للنائب نقولا فتوش، الذي تحدّث لساعة كاملة ارتجالياً، واستند إلى الكثير من المراجع القانونية، لا سيما الفرنسية منها، لنقد بنود البيان الوزاري قانونياً. فتوش انسجم مع نفسه فانتقد البيان وحجب الثقة عن الحكومة في آن، قائلاً: «لا يمكن إعطاء ثقة لحكومة بلا لون ولا عنوان». وقاطع فتوش النائب علي عمّار فلفت الانتباه إلى أنّ «هناك أكثر من 200 مذكرة أرسلها سفير سوريا علي عبد الكريم علي إلى لبنان ومسجلة في الوزارات المختصة للتنسيق والتعاون بقضية النازحين السوريين، وبالتالي لو تمّ التنسيق لكان ثلث الموجودين في لبنان (من نازحين) يعودون إلى سوريا». فردّ الوزير وائل أبو فاعور بصفته وزيراً سابقاً للشؤون الاجتماعية، واعتبر أنّ «نحو 70 بالمئة من النازحين هُجروا بسبب النظام السوري»، متسائلا «كيف انسّق مع السفير السوري بينما هو يمثل نظاما يعتبره جزء كبير من الشعب السوري مسؤولا عن مأساة النازحين؟». وبعد فتوش، تحدّث رئيس «كتلة المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة الذي كان هادئاً، فأكد أنّ «الجيش في لبنان وحده هو المؤسسة الحامية والموثوقة ومعه المؤسسات الأمنية الأخرى». وسأل: «ما قيمة مؤسسات الشرعية إن كان اجراء الانتخابات الرئاسية في كل مرة يخضع لتعديل دستوري وتعديل في المواعيد؟».

وشدد على «أنّنا بانتظار دعوة رئيس الجمهورية للحوار لمناقشة ما تبقى على جدول اعمال هيئة الحوار علنا نصل إلى تفاهم فيما بيننا، وعلى أمل أن يصار إلى الالتزام به وبما سبق لنا ان اتفقنا عليه وتنفيذها جميعا هذه المرة». أما رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمّد رعد فرأى أن «الجماعات التكفيرية تحمل مشروعا يهدد جديا التنوع والعيش المشترك في كل من سوريا ولبنان»، معتبراً أن ما «قمنا بمسؤوليتنا للدفاع عن أهلنا وناسنا، وسؤال من شرع لنا ذلك، هو نفسه طرح علينا عندما ذهبنا لمقاتلة اسرائيل».

وذكّر رعد، الذي منح الحكومة الثقة، أنّ «البيان أكد حق اللبنانيين في مقاومة العدو الإسرائيلي»، مشدداً على «أنّنا لا نريد فراغاً في السلطة وهذه الحكومة تشكل فرصة للجميع لتفهم طروحات الآخرين». وقبل أن تنال الحكومة ثقة 96 نائباً، تحدّث الرئيس تمّام سلام الذي أشار إلى «انني ألتقي مع النواب الذين تناوبوا على الكلام، على المطالبة بأمور جوهرية ثلاثة: تحقيق الأمن، ومعالجة مأساة النازحين السوريين، واجراء انتخابات الرئاسة في موعدها. وهذه بالذات هي الأمور التي تم التمسك بها وإبرازها في بياننا الوزاري». وأضاف: «لا يظنن أحد أن حكومتنا باحثة عن ملء الفراغ الرئاسي، بل إننا نبحث عن إعادة الحيوية إلى مؤسساتنا الدستورية، ونعتبر أن الفراغ هو أسوأ ما يمكن أن يصيب نظامنا السياسي، ونعول على مجلسكم الكريم لمنع حدوث هذا الأمر».

السابق
لا تأكلوا اللبنة التي تحتوي على Natamycin
التالي
الأمة العربية مقابل النفط