الانتخابات في المطوّلات والمستقبل يطلق النار على الجيش والتيار يرد

حتى الساعة، لم تترجم “التسريبة” الرئاسية عن نية الدعوة الى استئناف جلسات الحوار الوطني في بعبدا الى واقع رسمي. بقي الأمر في سياق ما رأى فيه النواب “اعلان نيات” من قبل دوائر القصر الجمهوري، التي لم تقرن القول بالفعل حتى الآن، فلم تصل الى البريد الالكتروني للقيادات المعنية أي رسالة رسمية، ولم ترن هواتفهم لإخبارهم بأن “فخامة الرئيس ينتظر حضورهم الى بعبدا في الساعة…من يوم… لاستئناف النقاشات الحوارية”.

هذا الموضوع كان أحد العناوين الرئيسية خلال نقاشات ساحة النجمة في الساعات الماضية التي سجّلت فيها ملاحظة “فاقعة” مفادها ان العديد من نواب الأمة يرتكبون المجازر في حق اللغة العربية في الصرف والنحو والاعراب. بينما كان الأجدى بمختلف الكتل التقليل من الكلام طالما انها ستمنح الثقة، على غرار ما فعل تكتل التغيير والإصلاح، لأن الناس ينتظرون الأفعال في هذه المرحلة، لا المطولات والسجالات.
في داخل قاعة الهيئة العامة، شعر العديد من الوزراء الجدد والقدامى بالملل، فخرجوا الى البهو الخارجي للمجلس، حيث تغيب العدسات والنقل المباشر، ويصبح الحديث أكثر راحة، عما سيحدث، لا ما يجب ان يقال.
ارخى العديد من النواب والوزراء ربطات عنقهم، وارتشفوا القهوة والنسكافيه، على وقع انطلاق الحديث عن الأيام الآتية، قبل خمسة أيام بالتمام والكمال على دخول البلاد في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
“حتى الساعة، يبدو المناخ الدولي ملائماً لإجراء الاستحقاق الرئاسي”. هو لسان حال أكثر من نائب من كتل مختلفة. يقول نائب بارز استلم حقيبة سيادية أخيراً “انه سمع من السفراء الذين زاروه في الأيام الأخيرة حرص بلادهم على الاستقرار في لبنان، واحترام المواعيد الدستورية”. لكن معاليه يبقى مقتنعاً رغم التطمينات، “بأن الأمور رهن بأوقاتها، لاسيما ان الأوضاع الأمنية على وقع ما يحدث على الحدود الشمالية، قد ترخي بظلالها على ما عداها من ملفات”.
على بعد أمتار منه كان يقف نائب آخر. سعادته الذي كان يفضّل ان تقتصر جلسة مناقشة البيان الوزاري على كلمة لكل كتلة فقط، يقر بأن “بعض الحاضرين، يشاركون جسدياً في الجلسات، وقلوبهم وعقولهم عند الاستحقاق الرئاسي”.
يشرح بأن في داخل القاعة وخارجها أكثر من نائب ووزير ومسؤول مدني او أمني “من الذين يمشطون ذقونهم طمعاً بلقب صاحب الفخامة”. لكنه لا يخفي اعتقاده، المبني على تحليلات لا معلومات، حسب قوله، “بأن الاستحقاق الرئاسي لن يحصل في موعده، وان البلاد داخلة في الفراغ لأسابيع عدة، وبعدها لكل حادث مرشّح، ولكل وضع سياسي او أمني او اقتصادي مواصفات”.
التكتل قرع جرس الإنذار
لم يغب هذا المنحى عن بال تكتل التغيير والإصلاح داخل القاعة، فالخشية موجودة من “الفراغ القاتل”، فكان سعي الى تصويب مسار الجلسة والتأكيد ان المطلوب من الحكومة امر أساسي: توفير الأمن وتحضير المناخات للاستحقاق الرئاسي والاّ فستتحوّل من حكومة المصلحة الوطنية الى حكومة “الكارثة الوطنية”، ما دفع بالنائب إبراهيم كنعان في كلمته باسم التكتل الى قرع جرس الإنذار واعتبار “ان الفراغ في رئاسة الجمهورية يشكل رسالة سيئة إلى العالم واللبنانيين وخصوصا المسيحيين تضاف إلى واقع تهميشهم في معظم إدارات الدولة، ما يخرق مقتضيات الوفاق الوطني ويعطل مبادئ العيش المشترك”.
في البهو الخارجي، حضرت كلمة التكتل في نقاشات النواب والإعلاميين، وكان رأي بأنها حددت بوضوح مسار الحلّ المطلوب، حيث لا وقت لإضاعة الوقت.
صمت نواب التنمية والتحرير عن المنبر، لكنهم لم يسكتوا عن متناولي رئيسهم فكانت الردود بالنظام وخارجه من النائبين علي بزي وهاني قبيسي والوزير غازي زعيتر.
نائب قواتي: سليمان يريد التمديد
بين مدخل القاعة العامة والمدخل الرئيس للمجلس المطل على ساعة العبد، حيث الإجراءات الأمنية المشددة حالت دون الحركة الناشطة المعهودة لرواد المقاهي المحيطة بساحة النجمة، كان عدد من النواب والوزراء منشغلين بالتقاط الصور التذكارية مع الإعلاميين، لاسيما الحسناوات من بينهم. وبين الداخل والخارج، كانت حركة أحد نواب القوات لافتة، اذ راح بين الحين والآخر يتشاور مع رئيس المجلس، ليتنقل بعدها بين زملائه من الكتل المختلفة في القاعة طمعاً باختصار الكلام، رغم ان نواب كتلته كانوا أكثر طالبيه قياساً بعدد أعضائهم، قبل ان يأخذ استراحة “للتسريب والتعليق” بين الإعلاميين.
يتبيّن من حديثه ان القوات تركّز على الاستحقاق الرئاسي. ترى ان حظوظ رئيسها متوافرة، ولكن هل سيعلن ترشيحه رسمياً بعد تحديد “المواصفات التي تشبهه” خلال كلمته في ذكرى 14 آذار في البيال؟ يقول النائب القواتي: “ستلتئم الهيئة التنفيذية للقوات في وقت قريب وتتخذ الموقف المناسب في هذا السياق. نعم سمير يتمتع بالمواصفات والحظوظ”.
من هذه الزاوية يقارب الدعوة الى الحوار ليعلّق بما حرفيته “معليش، بست سنين ما طلع شي من هل حوار، جايي اليوم فخامة الرئيس ومستشارينو يبشرونا بالحوار؟ مين فاضي اليوم بظل الاستحقاق الرئاسي الأهم”.
حسب رأيه، يريد الرئيس الحوار ” tramplin” للقفز من خلاله الى التمديد او التجديد، “فلو كان حريصاً على موقع الرئاسة فعلياً، لما شغل الساحة بالحديث عن حوار ودعوات ما بعد دخول البلاد في المهلة الدستورية، بل ترك التركيز ينصب على اجراء الاستحقاق في موعده”.
التيار: لا للتطاول على الجيش
هدوء اليوم الأول، خرقه ارتفاع سقف اليوم الثاني. قيل كلام كثير، فبدا ان تيار المستقبل يحاول حرق بعض الأوراق الرئاسية. على لسان أكثر من نائب من الكتلة ترددت عبارة واحدة “نرفض ان يحقق أحدهم طموحات رئاسية على حساب طرابلس وعرسال”. ما دفع بأحد نواب “التنمية والتحرير” الى طرح التساؤل التالي: هل يسعون الى حشر او حرق أوراق أحد القادة الأمنيين؟
في المقابل، لم يمر حديث النائب خالد الضاهر عن الجيش واعتبار انه يكيل بمكيالين مرور الكرام، فقاطعه النائب كنعان الذي “رفض التطاول على المؤسسة العسكرية تحت قبة البرلمان…فاذا كانت من ملاحظات هناك قضاء عسكري، ومن الممنوع التعرض للجيش ولا تواصلوا حملاتكم الخارجية هنا”. لم يقتنع الضاهر وحاول الرد على كنعان الذي سأل “شو جايي تعطينا محاضرة”، ما أدى الى تدخل النائبين حكمت ديب ونبيل نقولا في مداخلات مفادها ان هناك استهدافاً للجيش واعتداء عليه بالرصاص والكلام والعبوات الناسفة، ولشهدائه حرمة لا يتجاوزها أحد”. هنا تدخّل بري، فطلب قلب الصفحة بعدما سجّل ان “جيشك على حق حتى ولو كان ظالماً”.
وبعد مسار الأمور في الأيام الأخيرة، الذي رأى فيه المراقبون ان حزب الكتائب تصرّف خلاله بمنطق “اجر بالفلاحة واجر بالبور”، حان وقت الجدّ فمنح الحزب الحكومة الثقة، وبدت كل المصائب بالنسبة الى النائب سامي الجميل تبدأ وتنتهي عند حزب الله الذي اخذ الحيز الأبرز من كلمته.
في بهو المجلس، بدا ان العلاقة بين القوات والكتائب ليست “سمنا على عسل” في التعليقات والزكزكات. حتى ان أحد نواب القوات كان واثقاً في حديثه الى الإعلاميين ان النائب الجميل لم يصعد الى المنبر مساء الأربعاء “لأنو ما كان في نقل مباشر…حديثو منّو للنواب والحكومة…في ناخبين عم يسمعوه”.
خلال النقاشات، انتظروها من النائب فؤاد السنيورة فجاءت من عضو كتلته النائب احمد فتفت الذي تسبب بسجالات عدة في كلمته المطولة مع كتلة التنمية والتحرير ورئيس المجلس ورئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي. أطلق فتفت رصاصات رسائله في أكثر من اتجاه، بخلفيات تسجيل النقاط الطرابلسية، وتصفية الحسابات بين المستقبل وميقاتي.
رغم كل شيء، خرجت الحكومة بأقل الخسائر الممكنة. سارت بين الغام التصريحات، لكنها وصلت الى وجهتها المحددة: ثقة المجلس النيابي…فيما الأنظار ستكون في الأسابيع المقبلة للإجابة على السؤال التالي: هل من انتخابات رئاسية؟ ومتى؟

السابق
الجمهورية: مؤسس جند الشام قتل على الحدود
التالي
3 أسرار لا تعرفها عن G-mail