أوباما في السعودية واحتمالات تصلّب أميركي في سوريا

تحيط مناخات تصعيدية، من سوريا إلى أوكرانيا، بالزيارة المرتقبة التي سيقوم بها الرئيس الأميركي باراك أوباما للمملكة العربية السعودية، وهي الأولى له منذ تردّي العلاقات بين الحليفين التاريخيين قبل أشهر عدة بسبب تلكوء الولايات المتحدة في تنفيذ تهديداتها لنظام بشار الأسد بالتواطؤ مع روسيا، وانفتاحها المفاجئ على التفاوض مع إيران بشأن ملفّها النووي.
ويرى مراقبون أن تفرّد الولايات المتحدة في تزعم العالم على مدى عقود تأكّل بسبب مبالغتها في مدّ يدها الى الخصوم ولو على حساب الحلفاء والأصدقاء، متذرّعة بأنها تعبت من حروبها في أفغانستان والعراق وتريد الانصراف إلى مشكلاتها الداخلية، سياسية كانت أو اقتصادية. ويتساءلون عما إذا كانت الزيارة المرتقبة قبل نهاية الحالي ستكرّس الانسحاب الأميركي من المنطقة أو أنها ستنهي فعليّاً سياسة التلكؤ في سوريا والإرباك في مصر مثلاً؟

وتلفت المصادر نفسها إلى أن أوباما استبق الزيارة بخطوة مفاجئة تجسّدت في إغلاق سفارة سوريا وقنصلياتها وطرد العاملين، متسائلين عن احتمال أن يكون هذا التصعيد الديبلوماسي مؤشراً إلى تصعيد عسكري أو شبه عسكري.

وتأتي الزيارة وسط أجواء تصعيدية شملت مثلاً إطلاق دفعات من الصواريخ على إسرائيل من قطاع غزة بعد هدوء استمر بضعة أشهر. كما سقطت مدينة يبرود السورية، الحدودية مع لبنان، بيد مقاتلي النظام وداعميه من مقاتلي «حزب الله« وميليشيات عراقية بما سيضع أوباما في موقف حرج تجاه العاهل السعودي المتشدّد في ضرورة دعم الثوار للتخلّص من نظام الأسد. كما يصل الرئيس الأميركي إلى السعودية وهو يحمل أثقال فشله في أوكرانيا حيث لم تنفع تهديداته بردع روسيا عن ضم شبه جزيرة القرم.

ويتساءل مراقبون عما إذا كانت هذه التطورات ستجعل من هذه الزيارة محطة تغيّير فعلي في سلوك الأميركيين تجاه الثورة السورية ليدعموها بأسلوب فعّال، سواء للحماية بحظر جوي أم بأسلحة حربية تخفّف من وطأة البراميل المتفجرة التي تستهدفهم من الجو. ويذكر المراقبون كيف سبق للولايات المتحدة أن رسمت خطوطاً حمراً للأسد بهت لونها قبل التنفيذ ومنها التلويح بضربة عسكرية لأسلحته الكيماوية التي استخدمها ضد شعبه. لكن، وبالتواطؤ مع الروس، امتنع الأميركيون عن التنفيذ بعد أن تعهّد الأسد تسليم أسلحته الكيماوية تمهيداً لتدميرها.

فقوة الموقف الروسي في أوكرانيا والاستخفاف بالتهديد بـ«عزلة دولية»، رغم التمهيد لها بالعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ناجمان عن المواقف الأميركية المتردّدة في سوريا إضافة إلى تهافتها على التفاوض مع إيران بشأن ملفّها النووي. وذلك كله شجّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الساعي إلى فرض توازن دولي جديد قائم على الثنائية القطبية، على المضي في ضم شبه جزيرة القرم إلى سلطته.

ويتساءل المراقبون: «هل سيكون لقاء أوباما بالعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز محطة لاستعادة الدور في الشرق الأوسط حفاظاً على الحلفاء والمصالح، بما فيها أمن إسرائيل والنفط؟ أو أن الولايات المتحدة ستكتفي بالنظر مكتوفة الأيدي إلى بوتين يعمل خطوة خطوة على استعادة أجزاء من أمبراطوريته القديمة في أيام الاتحاد الروسي، معتمداً سياسة تنشيط القومية الروسية؟»، ويضيف المراقبون: «لكأن «القيصر» الروسي الجديد يتأثر بما لحق ببلاده إبان القطب الأميركي الواحد سواء عندما تدخّل الحلف الأطلسي في يوغوسلافيا أم عندما لم تؤخذ مصالحه في الاعتبار سواء في العراق أم مؤخراً في ليبيا«.

السابق
إسرائيل تدعم ملف تسليح مصر في واشنطن
التالي
أمن الدولة : توقيف شبكة بتجارة المخدرات بالنبطية