آثار الإنفجارات والوضع الأمني على الطفل

مشاهد الانفجارات والقتلى والحرائق والتدمير والبكاء وصفارة سيارات الإسعاف وتسمّر الأهل أمام الشاشة، حالة لا تمرّ مرور الكرام في حياة الطفل، بل تترك آثارًا نفسية سلبية ستظهر إضطرابات آنية الحدوث وأخرى ستتتبلور أوجهها في مراحل عمرية متقدّمة في حال تكرارها وعدم التنبّه لمخاطرها من جانب الأهل.

ذلك أن الطفل يتمثل خوف الأهل وقلقهم، ويتفاعل مع ردود أفعالهم إزاء المشاهد المخيفة التي تبثها شاشات التلفزة، ويتأثر بأحاديثهم عن تردّي الوضع واحتمال توسّع رقعة حدوث الانفجارات. ثم يتبع ذلك حرمان الطفل من عيش حياته بشكل طبيعي والخروج في النزهات أو إلى أماكن اللهو في المجمّعات التجارية.. فيتأثر نفسيًا إذ يتملكه الخوف على الذات وعلى أهله الذي يخرجون من المنزل لأسباب مختلفة. ثم يظهر خوفه على شكل اضطراب يصيب سلوكه اليومي ويطبَعه بالعصبية والصراخ والعنف، ويتسم نومه بالكوابيس.

الأطفال رهائنْ تغيّر سلوك الأهل

في أثناء إضطراب الوضع الأمني يتغيّر سلوك الأهل وتتغيّر العلاقة العاطفية تلقائيًا مع الطفل لأسباب متعددة نذكر منها:

ـ يعجز الأهل نسبيًا عن توفير الظروف العاطفية العلائقية المناسبة لنمو الطفل بسبب انشغالهم بأخبار الأوضاع الأمنية وترقب الانفجارات وخوفهم على أبنائهم وعلى المصير.

ـ تخفّ قدرتهم على تقديم نموذج عن السلطة القوية والمتماسكة التي يحتاج الطفل إلى التوحّد بخصائص سماتها للسير في طريق التطوّر النفسي الإيجابي.

ـ يحرمونه، بغير انتباه أو قصد، من الحنان الذي اعتاد عليه في ظروف الحياة الطبيعية المستقرة، ما يترك آثاراً نفسية تتجلى في سرعة إنفعاله وعصبيته.

ـ ينعكس خوفهم وقلقهم وتوترهم انفعالاً وصراخًا يولّد لدى الطفل الشعور بفقدان الأمن النفسي.

أسباب تساعد في التأثير على الأطفال

1 ـ طغيان جو القلق والتوتر الذي يعيشه الطفل وسط أهله الذين ينقلون إليه هذه الحالات الانفعالية، فيشعر أن ثمة شيئًا غير اعتيادي يحصل، ما يؤدي إلى سقوط الطمأنينة الوجودية، لا سيما مع ما يسمعه عن تفاقم الضغوط الاقتصادية، وما يستشفه من سخط وحقد على لا إنسانية المعتدي.

2 ـ سيطرة تبعية الطفل النفسية واتكاله على أهله بسبب حاجته إلى وجودهم كعامل طمأنينة نفسية وحماية جسدية، ما قد يولّد تعلقاً تبعياً يعيق قدرته على تحقيق استقلاليته النفسية عنهم بسبب اعتياده على الرضوخ لمتطلباتهم خوفاً من فقدان حمايتهم ورعايتهم.

3 ـ من شأن مشاهدة الطفل لصور العنف والدمار والقتل وحالات الذعر والخوف المحيطة به أن يتشكل مخزون الذاكرة من هذه الصور الذهنية التي ستسيطر على مخيلته ولغته وتصوره للعالم على أنه مخيف، ما يدفع به إما إلى الهروب من الواقع أو التحول إلى العدوانية كردة فعل طبيعية.

4 ـ فقدان الطفل الثقة بالذات والعالم بسبب سقوط مبدأ الإستقرار والطمأنينة الوجودية المهددَين، لتحلّ مكانهما ثقافة إجتماعية جديدة قائمة على العدوانية والتدمير التي تظهر صورتها في سلوك الطفل.

بين طفل يشاهد صور الحرب وآخر يعيش أجواءها.. هذا ما يصيب أطفالنا

الطفل الذي يعيش أجواء الخوف والرعب الناجم عن وجود منزل أهله في مكان الانفجار يتعرّض لصدمات نفسية ناتجة عن الشعور بالخطر الذي يجعله في مواجهة مباشرة مع الخوف من الموت أو الأذى أو الألم أو خسارة أهله.. فيعبّر عن انفعالاته السلبية بالبكاء والصراخ أو الإنزواء، وتظهر عليه عوارض الإكتئاب، أو أعراض دالّة على أمراض نفس بدنية كالصداع والغثيان والتقيؤ والمغص والصعوبة في التنفس. كما يعاني، بصورة متزايدة، من الخوف والقلق والكوابيس والتبوّل اللاإرادي وفقدان الشهية.

السابق
هكذا تجنون الملايين من مقاطع فيديو على يوتيوب
التالي
اللقاء التشاوري لمنطقة بعلبك ـ الهرمل يستنكر تقاعس الدولة وأجهزتها