في ضيافة الكتيبة الفرنسية في الجنوب

تحرص الكتيبة العسكرية الفرنسية العاملة في اطار القوات الدولية “اليونيفيل” في جنوب لبنان على تفعيل أواصر التعاون مع المجتمع الجنوبي، لا سيما فئة الشباب، من خلال جملة برامج تربوية تثقيفية للتلامذة والراشدين ومشاريع انمائية وسلوكية.

حاولت “النهار” تسليط الضوء على بعض هذه المشاريع من خلال حديث مع القائد العام للكتيبة العقيد لويك ميزون وبعض أفرادها.

بعد مضي ساعتين ونصف الساعة على مغادرتنا بيروت، وصلنا الى مقر الكتيبة في جبل مارون – دير كيفا. كانت في استقبالنا مسؤولة الاعلام والتواصل فيها الملازم أول ماري لور، وهو العُرف المعتمد في الكتيبة للتعريف عن أنفسهم من خلال رتبتهم العسكرية واسمهم الأول.

قبل دخولنا للحديث مع العقيد لويك ميزون عن المباراة السنوية للتلامذة بعنوان “الفرنكوفونية جواز للسفر” والتي تنظم بالتعاون مع المعهد الفرنسي وتندرج ضمن نشاطات شهر الفرنكوفونية، تصفحنا النشرة الصادرة عن الكتيبة التي أفادت أن “الكتيبة تبدل عناصرها قريباً، ووفقاً للوتيرة الاعتيادية للتبديل فان ما لا يقل عن 800 جندي يغادرون جنوب لبنان آخر شهر آذار الجاري وفي المقابل يصل عدد مماثل لهم الى المنطقة…”.

الفرنكوفونية… باللون والحبر

توقفنا عن القراءة للقاء العقيد ميزون الذي بادر قائلاً: “أنتم تمتازون بالحفاوة في استقبال الضيف. هذا ما سأشتاق اليه بعدما انتهت هذا الشهر مدة الـ 6 أشهرعلى اقامتنا الى جانبكم في جنوب لبنان”. وعندما سألناه ما اذا كانت الكتيبة تنفرد في تنظيم هذه المباراة؟ أجاب: “لا ندعي أبداً أننا ننفرد في ما نقوم به لأن الكتيبة الايطالية تمضي مثلاً في تنظيم مباراة مدرسية”.
وما اذا كانت معايير المباراة تغيرت منذ انطلاقتها في العام 2011؟ نظر ميزون الى الضابط المسؤول في فرقة التواصل العسكري المدني النقيب بول مطالباً اياه بالاجابة. فقال النقيب بول: “شاركت 51 مدرسة من منطقة محيط الليطاني في هذه المباراة ومعظمها من القطاع الرسمي. ينقسم المشاركون الى فئتين الأولى مولجة تسليم عمل فردي وهي تعني تلامذة من سن الـ 7 الى الـ 10 سنوات بينما الفئة الثانية معنية بتسليم عمل جماعي وتعني تلامذة من سن الـ10 الى 15 عاماً”.
وأكمل النقيب بول حديثه عن “المباراة التي استقطبت عدداً ملحوظاً من تلامذة قسميّ الابتدائي والمتوسط، وبلغ العدد النهائي منهم 1800 تلميذة قدموا 968 عملاً”.
وفي العودة الى أسباب اختيار موضوع المباراة عن “الفرنكوفونية جواز للسفر” قال ميزون: “يعكس هذا العنوان المسار العالمي والشمولي للفرنكوفونية في لبنان وفرنسا، الى أهمية اللغة الفرنسية وانتشارها في العالم”. وشدد على أن “لدى اللبنانيين شغفاً كبيراً بالسفر منذ عهد الفينيقيين الى اليوم”، لافتاً الى أنهم “يتوقون دائماً لتفعيل التبادل الاقتصادي مع بلدان أخرى ولتحصيل علمهم في أنحاء العالم قاطبة”.
وعرّف ميزون “الفرنكوفونية بأنها نمط حياة ووسيلة للتواصل بين شعوب عديدة ولغة نتشاركها جميعاً”. وأعلن أن “لجنة التحكيم المؤلفة من ممثلين عن الكتيبة الفرنسية ووزارة التربية والمركز الفرنسي تقوّم الأعمال وستعلن النتائج في نيسان المقبل على أن توزع الجوائز في احتفال رسمي في 27 أيار المقبل”. وأشار الى أن “لجنة التحكيم ستختار 19 تلميذاً للسفر الى باريس مع مجموعة من التربويين وأعضاء من الكتيبة الفرنسية لمدة أسبوع في أواخر حزيران المقبل للتعرف على تاريخ فرنسا وثقافتها ومعالمها التاريخية والثقافية مع محطة خاصة في عالم أوروديزني”.
على صعيد آخر، تدعم الكتيبة برامج عديدة، منها تكرير المياه واستخدام الطاقة الشمسية وصولاٌ الى التعاون بين الكتيبة والقوات المسلحة اللبنانية، ووفقاً لميزون، نفّذت الكتيبة في خربة سلم تجهيز طريق خطرة طولها 1800 متراً باشارات عاكسة للضوء.

وتوقف عند مشروع “دمان زيتون 2” الذي أطلق “في تعاونية برج قلاويه في رعاية سفير فرنسا باتريس باؤلي”. قال: “انطلق المشروع بمبادرة من الكتيبة الفرنسية وموّلته الوكالة الفرنسية للتنمية وتنفذه مؤسسة التنمية الريفية بالتنسيق مع المؤسسة الفرنسية للارشاد في التنمية الزراعية “أغريات”. و”من أولوياته تطوير الأساليب الزراعية وادارة المعاصر من خلال التأهيل وتحديث معدات الانتاج بفضل تأمين المعدات الملائمة وتقوية القدرات الادارية والمالية للتعاونيات ودعم نمو الدوائر الاقتصادية المنتجة”.
وختم قائلاً: “لا يمكن أن ننسى الدعم التربوي وتعليم الصغار والكبار اللغة الفرنسية وأسس المعلوماتية في هذه اللغة كما سترونها الآن في ثانوية قلاويه”.
ثم توجهنا الى مبنى الثانوية الجديد لقسميّ الابتدائي والمتوسط. استقبلنا مدير الثانوية حسن الأمين قائلاً: “تضم الثانوية 120 تلميذاً يتعلمون الانكليزية ويحظون بفرصة تطوير اللغة الفرنسية والمعلوماتية باللغة نفسها بدعم من الكتيبة الفرنسية”.

وقدّم النقيب بول المشروع بأنه “ينتشر في 6 مدارس رسمية وخاصة جنوبية وهي تتوزع في بلدات رميش، دير كيفا، قلاويه، برج قلاويه، أرزون وتبنين”. ودخلنا الى “حصة المعلوماتية التي يعطيها الرقيب أمبراك بمشاركة المترجمة همسة العمار”. وقال امبراك: “نعطيهم دروساً بالفرنسية في برامج أساسية في المعلوماتية كأنظمة word, excell, power point.
ويمكنهم جمع نصوص بالفرنسية مرفقة بصور بعد استخدامهم هذه البرامج”. وعن المشكلات التي تواجهه أجاب: “علينا التأقلم مع انقطاع الكهرباء مثلاً وعودة التيار بواسطة المولّد الكهربائي. نضطر أحياناً بسبب الغياب الكلي للكهرباء ان نعطي الدرس على اللوح من دون أي تطبيق على الكومبيوتر…”.

أما الفرنسية فتتوافر من خلال حصص خاصة لـ3 فئات، الأولى لتلامذة من 4 الى 6 سنوات والثانية من 6 الى 12 عاماً والفئة الثالثة للراشدين.
وشرح عن هذا البرنامج كلاً من النقيب بيار والملازم أول فرانك. فقال فرانك: “نخصص الخميس لحصص المعلوماتية والثلثاء لتعليم الفرنسية والجمعة للمحادثة بالفرنسية. تعطى للفئة الأولى حصصاً في تعلم كل من الأبجدية الفرنسية، الأرقام وبعض المفردات السهلة. والفئة الثانية التي ينتسب اليها بعض التلامذة السوريين يحظون بفرص تعلم القواعد والنحو بواسطة أفلام رسوم متحركة توجيهية للغة”.

وتوقف فرانك عند الفئة الثالثة المعنية بالمحادثة الفرنسية. وقال: “ان الحصة تغطي الثقافة الفرنكوفونية من زوايا مختلفة، بدءاً من مقاربات جيوسياسية، اقتصادية وثقافية… يهمنا الحديث عن تاريخ فرنسا وبعض مدنها مثل “رون ألب التي تتميز بمحترفات خاصة بالقماش، وأنواع رياضية مختلفة، ومنها رياضة التزلج. كما أننا نطرح معاً اسئلة عديدة عن لبنان…”.

السابق
جعجع: لتجهد 14 أذار في إيصال مرشح منها إلى الرئاسة
التالي
أبو فاعور يحذر مستشفيات رفضت استقبال ريتا