الممانعون ومعركة الجنرال

جريدة النهار

منذ تعيينه سفيرا لبلاده في بيروت يتبع ديفيد هيل “حرفيا” سياسة شديدة التحفظ اتباعا لسياسة القيادة الخلفية لإدارة باراك اوباما. وليس ادل على سياسته هذه من ندرة التصريحات التي يدلي بها حتى انه في مناسبة اخيرة لفت محدثته الى عدم جواز ادلاء السفراء بأي كلام عن المعركة الرئاسية اللبنانية. لكن القصة ليست هنا بل في مكان آخر حيث تتولى مجموعة سياسية – اعلامية من الفريق “الممانع” التبشير بصفقة اميركية – ايرانية تأتي بالجنرال ميشال عون الى رئاسة الجمهورية.

تصاعد هذا المنحى يستوجب اثارة تساؤلات مبكرة حول ابعاده. فثمة اولا توظيفا مكشوفا لعوامل وهن في صفوف قوى ١٤ آذار زيّنت لبعض الممانعين ان الفرصة قد حانت للاجهاز على مناعة هذا الفريق بالترويج لصفقة تحمل العماد عون الى قصر بعبدا. وثمة في الزاوية الخلفية استحضار لإرث من عصر الوصاية السورية يراد له ان يزين للبنانيين ان “انتصارات” النظام السوري على معارضيه فتحت له مجددا ابواب الاعتراف الاميركي على مصاريعها تحت عنوان مكافحة الإرهاب وتاليا اسقاط هذه المكاسب على الاستحقاق الرئاسي في لبنان برئيس “يحمي الممانعة” الى جانب تجديد ولاية الاسد.
ولعل السؤال “الحشري” الملح الذي يثيره هؤلاء هو هل تراهم فعلا ينضوون في معركة لتزكية الجنرال ام ان شيئا آخر “في البال” يحركهم؟ بل هل يراد لهذه الحملة تكبير حظوظ العماد عون ام التسبب باحراقه المبكر لمصلحة مرشح آخر “في البال” ايضا؟
لا نعتقد لوهلة بأن القائمين على هذه الحملة والنافخين في ابواقها هم “ولاد مبارح” في هذا “الكار” والا لما استأهل الامر مجرد التفاتة. ولكن هل تراه العماد عون يرتاح الى تبشير مبكر كهذا لا يفترض ان تخفى دلالاته وتداعياته على طموحاته الرئاسية فيما يجري تصويره مرشح حسم للممانعين وليس بالصورة التي يجهد الى تظهيرها منذ اتخذ قرار الانفتاح على سائر القوى الداخلية وفي مقدمها تيار المستقبل؟ واي فارق بين حملة كهذه وتلك الانماط البائدة التي كانت تطل على المشهد اللبناني في عشايا الانتخابات الرئاسية ايام الوصاية مع اسقاط الاسم المحظوظ سلفا وما على الرعايا الا انتظار مراسم تكريسه وتثبيته؟
بطبيعة الحال ثمة فوارق هائلة بين استحقاق ٢٠١٤ وكل ما سبقه من استحقاقات سواء في عصر الطائف او في حقبات الحرب او ما قبلها بدليل ان الشكوك في اجراء الانتخابات تطغى على كل الاحتمالات الايجابية الاخرى الآن على الاقل. وتبعا لذلك من المشروع السؤال: لماذا يطرح اسم مرشح اساسي يشغل الساحة كفزاعة على ألسنة “محبيه” الممانعين؟

السابق
بدء الاجتماع الامني في بعبدا برئاسة سليمان
التالي
اسرائيل تحذر القوات السورية