عرسال تستعدّ لتسليم حزب الله إدارة أمنها

عرسال
يفصح بعض أبناء عرسال وفاعلياتها استعداد العرساليين عموما إلى تسليم الأمن في البلدة إلى حزب الله إذا قررت الحكومة تكليف حزب الله بهذه المهمة. وقال بعض هؤلاء لـ"جنوبية" إنّ "المطلوب من حزب الله أن يستصدر قرارا من الحكومة اللبنانية أو موقفا من قيادة الجيش يعطيه صلاحية استلام البلدة أمنيا وعسكريا، علّ في مثل هذه الخطوة ما ينقذ العلاقة بين عرسال ومحيطها، ويساهم في معالجة قضية اللاجئين السوريين ويؤمّن عودتهم إلى بلداتهم التي فرّوا منها".

عرسال إلى الواجهة مجددا. عملية الحصار تستكمل عناصرها الأخيرة بانتظار ساعة الصفر. فالمدينة التي صارت ملجأً أكثر من 100 الف نازح سوري، تعاني من عمليات تضييق تطال كل ما تحتاجه من دواء وغذاء. ليس هناك قرارا بمنع دخول ما تحتاجه على هذا الصعيد، لكنّ عمليات التفتيش والتهديد المستمر على مداخلها وفرت مناخ حصار بات يقلق الأهالي، لما تحمله من إشارات على الأسلوب الذي سيتّبعه “حزب الله” لتطويع البلدة وتسليم الأمن فيها إلى “سرايا المقاومة”.

الجيش اللبناني ليس خارج عرسال. هو في قلبها الجغرافي والطبيعي، لكن ما هو مطلوب أن يخرج أهالي البلدة عن بكرة أبيهم ويعلنوا البراءة من كل ما هو ضدّ النظام السوري وحزب الله. وفيما يستمر حزب الله بضخّ مقاتليه نحو الميدان السوري المطلوب من أهالي عرسال أنّ يضبطوا كلّ ردود الفعل. إاذا لم يستطيعوا ذلك فيمكن أن يوكلوا الامر إلى من يستطيع ذلك: حزب الله.

على أنّ اللافت، رغم الانتصارات التي يحققها حزب الله في القلمون، أنّ هناك إصرارا على منع عودة اللاجئين إلى قراهم وبلداتهم ومدنهم السورية. فأهالي القصير ممنوعون من العودة إلى بلدتهم، ويبرود ليست أفضل حالا. اللاجئون السوريون لا يرغبون في البقاء داخل عرسال، لكنّ طريق العودة مستحيلة إلى القلمون. هذا ما تؤكده مصادر متابعة لأوضاع اللاجئين في عرسال. لا بل إنّ ما يؤكّده هؤلاء هو أخطر من ذلك بكثير: عملية تدمير منظّم جارية في أكثر من بلدة. فمن نجا منزله من التدمير في القتال ينهبه جنود الجيش السوري ثم يدمّرونه. وكلّ هارب من بلدته، وليس لديه ما يؤكّد وقوفه إلى جانب النظام السوري، هو عدوّ مباح ماله وبيته وأرضه. وإلى ذلك كلّه يحرق جنود “النظام”، الأراضي الزراعية لا سيما المشجّرة منها. وهذا، لا شكّ، هدفه منع الأهالي من العودة إلى قراهم، أي “شطب حقّ العودة” إلى القصير ويبرود وغيرها، ضمن خطّة واسعة لتغيير الديمغرافيا في تلك المنطقة الممتدّة من حمص إلى جبال القلمون.

لا شكّ أنّ حالة إحباط تطال اللاجئين الذين فقدوا الثقة ليس بالنظام السوري فحسب، بل حتّى بقوى المعارضة التي عجزت عن توفير الحدّ الأدنى من الشعور بالأمان وبالقدرة على حمايتهم. كذا بلدة عرسال التي باتت تستشعر أنّها مُستفرَدَة في معركة لا أفق لها، وسط مخاوف متزايدة من انفجار اجتماعي وأمني في البلدة ومحيطها. مخاوف تعزّزها قناعة لدى بعض المسؤولين في مجلسها البلدي أنّ ما يجري في القلمون عملية تغيير ديمغرافي صريح لا زالت مدينة عرسال، بسبب طبيعة الديمغرافيا فيها وحجمها، تشكّل تهديدا له.

الإحباط الذي تعانيه البلدة مع لاجئيها يعزّزه شعور متنامٍ لديهم بأنّهم متروكون من قبل الحكومة والدولة اللبنانية عموما، لقمة أمام حزب الله والجيش السوري النظامي، ويترقّبون بقلق تطورات دراماتيكية تطال البلدة في القريب العاجل من الأيّام.

الانطباع لدى بعض أهالي عرسال هو أنّ حزب الله نجح إلى حدّ بعيد في

ترسيخ الحالة العدائية ضدّ البلدة من محيطها الشيعي. وإزاء هذا الواقع يفصح بعض أبناء البلدة، وفاعلياتها أيضا، استعداد العرساليين عموما إلى تسليم الأمن في البلدة إلى حزب الله إذا قررت الحكومة تكليف حزب الله بهذه المهمة.

وقال بعض هؤلاء لـ”جنوبية” إنّ “المطلوب من حزب الله أن يستصدر قرارا من الحكومة اللبنانية أو موقفا من قيادة الجيش يعطيه صلاحية استلام البلدة أمنيا وعسكريا، علّ في مثل هذه الخطوة ما ينقذ العلاقة بين عرسال ومحيطها، ويساهم في معالجة قضية اللاجئين السوريين ويؤمّن عودتهم إلى بلداتهم التي فرّوا منها، ودائما برعاية حزب الله وكفى الله المؤمنين شرّ القتال”.

السابق
الحرب حتمية دورية؟
التالي
نتانياهو: حدود سوريا مليئة بعناصر حزب الله وهذا يضع أمامنا تحدياً جديداً