الصراع السعودي – الإيراني إلى أين؟

يتواجه الإيرانيون والسعوديون في أكثر من ساحة عربية. في لبنان وسوريا واليمن والبحرين والعراق. هي مواجهة مفتوحة وتترك أثرها وتداعياتها على مجمل الوضع العربي والإسلامي. إلى أين يتجه هذا الصراع خاصة بعد التغيرات التي شهدتها الإدارة السعودية مؤخرا؟

قبل رصد آفاق هذا الصراع، تتوقف مصادر متابعة لهذا الملف عند تطورات ستترك أثرها على مستقبل العلاقة بين طهران والرياض: أولا، بدء تطبيق الاتفاق الانتقالي الإيراني ــ الدولي حول الملف النووي الإيراني والذي سيترك انعكاسات إستراتيجية على المنطقة والعالم وفي حال استكماله باتفاق نهائي يلح الإيرانيون على انجازه قبل انتهاء الفترة الانتقالية (6 أشهر). ثانيا، التطورات العسكرية المتسـارعة في سوريا، وآخرها سقوط مدينة يبرود عاصمة القلمون، وذلك غداة فشل مؤتمر جنيف-2 وبروز مؤشرات تنعى احتمال عقد جنيف 3 والبدء بوضع ترتيبات تشريعية تعني أن الرئيس بشار الأسد سيرشح نفسه لولاية جديدة في الصيف المقبل. ثالثا، بروز متغيرات هامة في عدد من الدول التي كانت تدعم المعارضة السورية (تركيا، قطر، والأردن)، وبدء تركيز الدول الغربية على دور المجموعات الإسلامية المتشددة في سوريا والعراق ولبنان واعتبارها الخطر الأكبر في المرحلة المقبلة بعد أن تم دعم هذه المجموعات ضد النظام السوري سابقا، من دون إغفال لقرارات المملكة السعودية الأخيرة بشأن المجموعات المتطرفة والمقاتلين السعوديين خارج المملكة، على مسافة قريبة من وصول الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى السعودية. رابعا، استمرار موجة التفجيرات والعمليات الانتحارية في لبنان والتي أدت إلى سقوط المئات من الضحايا والجرحى والخوف الكبير من تعاظم المخاطر الأمنية من المرحلة المقبلة، برغم الانجازات الأمنية التي حققتها الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية في كشف الشبكات التي تنفذ التفجيرات، وتقديرات «حزب الله» بانحسار التفجيرات بنسبة 50 في المئة على الأقل بعد سقوط يبرود وما كانت تمثله من خزان أساسي للانتحاريين وتجهيز السيارات الناسفة. خامسا، استمرار «معركة الانبار» في مواجهة «الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام» (داعش) بتغطية دولية وإقليمية واضحة سادسا، عودة التصعيد إلى الملف البحراني من قبل الحكم والمعارضة وفشل العودة إلى طاولة الحوار وبروز مؤشرات عنفية دانتها المعارضة السلمية وجعلتها ترسم الكثير من علامات الاستفهام حول أهداف مرتكبيها. سابعا، انجاز البيان الوزاري للحكومة اللبنانية برئاسة تمام سلام بعد تجاوب «تيار المستقبل» وخاصة رئيسه سعد الحريري مع الصيغ التي طرحت لبند المقاومة، والتي أدت إلى إعادة تكريس ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة ولو بطريقة جديدة. إن استعراض هذه المحطات يبين أن المستفيد منها هو «المعسكر الإيراني» وحلفاؤه في المنطقة، وهو الواقع الذي جعل بعض المقربين من السعودية، ينظرون بسلبية كبيرة إلى ما أعقب وصول الشيخ حسن روحاني إلى سدة الرئاسة الإيرانية، وما أدى إليه من تفكيك لواقع الحصار العربي والإسلامي والدولي الذي كان مفروضا على إيران في عهد محمود أحمدي نجاد. وتقول مصادر إيرانية إن هذه التطورات السياسية والإستراتيجية والأمنية التي برزت في الأشهر الأخيرة «حملت وستحمل نتائج مهمة على صعيد مستقبل العالمين العربي والإسلامي لا بل على مستقبل الوضع الدولي»، تضيف: «برغم مد اليد الإيرانية إلى السعودية فان ذلك لا يلقى حتى الآن التجاوب الايجابي، ما أدى إلى استمرار الصراع بين إيران والسعودية وتزايد العمليات الانتحارية وعمليات التفجير في عدد من هذه الدول وخصوصاً العراق ولبنان وعدم التوصل إلى حلول للأزمات الساخنة في سوريا ومصر واليمن وليبيا وتونس». تستنتج المصادر الإيرانية أن المرحلة المقبلة ستشهد تصعيدا عسكريا وميدانيا في انتظار اقتناع القيادة السعودية بوجوب الجلوس حول طاولة التوافق والتسوية والمفاوضات مع إيران «إلا إذا كان السعوديون يسعون مجددا لتغيير الوقائع على الأرض، مع العلم إن الدول الغربية ليست مقتنعة بخيار التصعيد وهي تريد الضغط على النظام السوري لتحقيق تسوية تحول دون إقدام الرئيس الأسد على ترشيح نفسه لولاية جديدة منذ الآن، برغم القناعة الدولية المتزايدة، حول صعوبة إيجاد بديل حقيقي للأسد». وتتوقع المصادر الإيرانية بروز متغيرات أساسية ومنها : أولا، الانتقال من الاتفاق الانتقالي بين إيران والدول الكبرى إلى اتفاق شامل ونهائي. ثانيا، إعادة تطبيع العلاقات السعودية ــ الإيرانية والعمل على معالجة الأزمات العالقة بين البلدين. ثالثا، اقتناع القادة السعوديين بضرورة تسهيل التوصل إلى حلول سياسية للأزمات القائمة في عدد من الدول العربية والإسلامية (العراق، سوريا، البحرين). رابعا، عودة مصر والأزهر الشريف للعب دور فاعل على الصعيدين العربي والإسلامي في مواجهة التطرف والعنف. خامسا، التوافق الإسلامي ــ الإسلامي على مواجهة خطر المجموعات الإسلامية المتشددة المتطرفة أو التفكيرية، لان خطرها يطال الجميع ولا يستثني أحدا. وتشدد المصادر الإيرانية على أهمية تعزيز الحوار والتواصل بين مختلف مكونات الأمة وخصوصاً القوى والحركات الإسلامية وتعزيز الحوار الإسلامي ــ المسيحي والدفع باتجاه التوصل إلى حلول للأزمات المختلفة، «لأن لا بديل للحوار سـوى الحروب وأعمال العنف والصراعات المتنقلة». من نافل القول أن لبنان يشكل إحدى ساحات الصراع السعودي الايراني، خاصة بعد دخول «حزب الله» على خط الحرب السورية، وتحديدا بعد معركة القصير. هل تؤسس يبرود لتبريد المواجهة أم تزيدها احتداما؟ لننتظر ما سيواجهه «حزب الله» من تحديات أمنية، خاصة في مناطق الضاحية الجنوبية والجنوب والبقاع.

السابق
44 جريحاً سورياً دخلوا عرسال بينهم 12 مقاتلاً
التالي
الجديد: وليد المعلّم أمام دعوى قضائية ببيروت بتهمة قتل لبنانيين