الحسيني: تدخلنا في سورية يجلب كل المصائب على لبنان

الحسيني: تدخلنا في سورية يجلب كل المصائب على لبنان

حسين الحسيني

اكد الرئيس السابق لمجلس النواب حسين الحسيني في حوار مع “الانباء” الكويتية ان الحديث عن الحياد لا معنى له مادمنا في حالة حرب مع اسرائيل، واضاف نحن في حالة انقسام ليس لنا الحق بالتدخل في الشؤون السورية، لو كنا موحدين ونستطيع ان نفعل شيئا ايجابيا لسورية تكون خيانة اذا لم نقدم واذا كنا منقسمين فتدخلنا خيانة لأنه يجلب كل المصائب على لبنان، نحن نتعامل مع الدولة السورية، ومن يقرر من هي الدولة السورية السوريون انفسهم وليس نحن من نقرر عنهم (…).
بيروت ـ داود رمال
يوصف بأنه مقل في الكلام، لكنه اذا تكلم يزيح ستارا اسود عن حقائق مريعة يعيش في ظلها لبنان، فهو ميثاقي حيث ينتهك الميثاق ودستوري بالنص والروح، حيث الدستور صار رهينة الادراج وحلت مكانه اختراعات ما انزل الله بها من سلطان، مؤمن بلبنان الى حد التسليم بأنه اقوى من كل العابرين، لذلك عينه دائما على شبابه لاستنقاذهم من صناع الفتن الذين يعرضون بضاعتهم لكي يبقى سوقهم رائجا.

انه الرئيس حسين الحسيني الذي فاجأ الشباب اللبناني عندما زاره رافعا شعار «الشعب يريد اسقاط النظام» بالقول «هذا خطأ عليكم رفع شعار الشعب يريد تطبيق النظام لأننا خارج النظام».

في جلسة طرقت ابواب الحاضر والمستقبل مستندة الى وقائع وتجارب الماضي، فتح الرئيس الحسيني قلبه محاولا اعادة تصويب البوصلة ويقول «المعركة هي معركة استعادة الشرعية التي فقدت منذ زمن، وتحديدا وفق قانون انتخاب 1992 الذي افضى الى مجلس نيابي قانوني ولكنه غير شرعي لأن قانونه مناقض للدستور وللاعلان العالمي لحقوق الانسان، وصولا الى مجلس الدوحة الذي انتج كل شيء غير شرعي وعلق قيام الدولة ونحن الآن في اللانظام، عمليا لا يحتاج اعداد قانون الانتخاب الى وقت، فقط لتصديق مادة وحيدة بسبع كلمات «النسبية هي نظام التمثيل النيابي في لبنان»، يقولون ان الخلاف على الدوائر، فليعتمدوا اي دائرة (قضاء، محافظة، او لبنان دائرة واحدة)، علما انني ضد لبنان دائرة واحدة الآن انما معها بعد تشكل الاحزاب الوطنية، ايا كانت الدائرة لا مانع انما على النظام النسبي، لأننا ننتج الشرعية، والمجلس الحالي صالح لكي يقر هكذا قانون لأنه مجلس واقعي وليس شرعيا تبعا لنظرية لا فراغ في السلطة».

ويضيف الرئيس الحسيني «يستطيع المجلس اقرار قانون انتخاب وبعد اجراء الانتخابات على النظام النسبي تولد الشرعية ثم يصبح عندنا رئيس جمهورية شرعي وحكومة شرعية لأننا اليوم في سلسلة فقدان الشرعية من كل المؤسسات من دون استثناء، ولا مدخل لحل الازمة الا ذلك، فما معنى النظام الاكثري المعمول به وخاصة وفق الدوحة؟ معناه عرض دائم للقيادات وللجماعات للايجار، من يستأجر اهلا وسهلا وبالتالي من يعين النواب الخارج الذي يدفع الايجار، لابد من معركة استرجاع الشرعية للمؤسسات الدستورية ونعود الى حياتنا الطبيعية الوطنية، وبالتالي تنتفي السوقية المالية والتبعية للاجنبي، وخلال اربع وعشرين ساعة بالامكان اقرار ذلك وفق تسلسل زمني، هل نريد الاستمرار بالانهيار؟ اما نسترجع الشرعية او ذاهبون الى الفوضى الكاملة خاصة بالاستناد الى ما يجري في المنطقة».

ويرى ان «مقاربة الاستحقاق الرئاسي وفق ما هو حاصل الآن خطأ، لأنها لا تؤدي الى استعادة الشرعية انما العكس تجعل رئاسة الجمهورية عرضة للطعن، لأنه من عين هؤلاء النواب؟ تماما كما قصة طاولة الحوار: ما هي طاولة الحوار ومن عين اعضاءها؟ للاسف نخترع كذبة ونصدقها، ولي موقف من اللحظة الاولى من هذه الطاولة، لأنها الغاء لمجلس النواب الذي من مهامه الحوار».

الطائف والمحاضر

ويتعمق الحديث الى اجتماعات الطائف، فيقول: في الذهن العام اننا ذهبنا الى الطائف والدول امنت لنا الاتفاق وامضينا 23 يوما كتبنا ما كتبناه ورجعنا، ويسألون عن محاضر الطائف لماذا لا تنشر؟ هم محقون في الطلب، لكن عمليا ليس صحيحا ذلك، لأن الطائف انجز في لبنان عبر محطات طويلة من المتصرفية الى اليوم وعلى سنوات ولكل محطة وثائقها، مثلا صيغة «لبنان وطن نهائي لجميع ابنائه وعربي الهوية والانتماء وجمهوري ديموقراطي برلماني»، هذه وردت اول مرة في ورقة العمل الشيعية العام 1977، وهذه الورقة جاءت برئاسة الامام السيد موسى الصدر وباسم الطائفة الشيعية، وكان الخلاف هل لبنان وطن مرحلي ام نهائي؟ غالبية المسيحيين قالوا انه ابدي سرمدي وغالبية المسلمين قالوا انه مرحلي، لذلك جاءت الصيغة ان لبنان وطن نهائي لجميع ابنائه، اي ابنائه يقررون وليس احد غيرهم يقرر نهائيته من عدمها، اي مرهونة بارادة ابنائه، اذ قد يأتي وقت يرون ان مصلحة لبنان في اتحاد عربي او وحدة عربية هذا خاضع لارادة ابنائه، والمرة الثانية عام 1983 صدرت وثيقة ثوابت الموقف الاسلامي من دار الفتوى اي باسم المسلمين جميعا (سنة وشيعة ودروزا) ضمناها هذا الموقف، والمرة الثالثة بعد انتخابي رئيس مجلس نواب خلال عامي 1984 و1985 انجزنا ورقة عمل تتضمن مبادئ حل الازمة وفيها هذا المعنى، والمرة الرابعة ولأننا لن نقدر ان نعلن صيغة مجلس النواب باسم المجلس كانت لي دعوة الى الفاتيكان اعددنا مذكرة باسم المجلس والحكومة والدولة وقدمناها الى الفاتيكان فيها ذات المعنى، والمرة الخامسة في الورقة النهائيةالتي انجزناها والبطريرك صفير قبل الذهاب الى الطائف، المرة السادسة في الطائف والمرة السابعة صارت نصا في الدستور.

ويضيف: اما في محاضر الطائف فلم يرد هذا الموضوع لأننا لم نبحثه لأنه انجز في لبنان، اما في الاجتماعات السرية في الطائف فكانت تتبادل الاتهامات والشتائم وكل واحد ينبش بضاعته ولكن الاتفاق كان منجزا في لبنان، لماذا الطائف؟ لأنهم امنوا لنا غطاء عربيا ودوليا اي اجماعا عربيا بواسطة اللجنة الثلاثية واجماعا دوليا بواسطة قرارات مجلس الامن التي ايدت الاتفاق وخاصة الدول الخمسة ذات العضوية الدائمة، واتفقنا على ان المحاضر سرية وتنشر في حالتين، عودة لبنان الى حالته الطبيعية بحيث ما ينشر لا يؤثر، او النواب انفسهم الذين قرروا السرية يعلنون انهم تخلوا عنها، ولكن عمليا اللبنانيون سيفاجأون بانه لا جديد في المحاضر وقيل اكثر بكثير على المنابر والشاشات وفي المواقف في يومنا الحاضر مما قيل في حينه.

مصر تحدد الوضع الإقليمي

وينطلق الحديث الى الوضع العربي والاقليمي والدولي، يعتبر الرئيس الحسيني ان الوضع الاقليمي تحدده مصر، لقد صار عندها دستور وهذا ما كان يجب ان يحصل قبل انتخاب الرئيس مرسي، ولا حل في سورية والعراق من دون مصر لأنها مهمة جدا خاصة للمسلمين، لماذا الرئيس جمال عبدالناصر استطاع الدخول الى كل المجتمعات؟ لأن مصر بالنسبة للمسلمين السنة هي اكبر دولة سنية عربية تشكل ضمانة واطمئنانا، وبالنسبة للمسلمين الشيعة هي على يمينهم وليس على يسارهم، لأن اسلام مصر قرآني وليس اسلام مذاهب، وولاء المصريين لأهل البيت لا نقاش فيه، وكل القرارات التاريخية للرئيس عبدالناصر كان يعلنها بعد صلاة الجمعة من مسجد الامام الحسين وهذا له رمزية، وهذه التجارة اليوم بسنة وشيعة ستنتهي عندما تستعيد مصر دورها حينها كل الكلام الطائفي يصبح بلا قيمة، ولا توازن اقليمي اليوم، هناك ايران وتركيا اما العرب فشراذم ولكي نقيم علاقة عربية ـ ايرانية وعربية ـ تركية بحاجة الى مصر ومعها العراق وسورية، اما الآن فلا توازن ومن تؤمن الثقل والتوازن هي مصر.

ويتابع: مصر دولة مدنية بالتكوين، وهي تعيش من العمالة المصرية اذ لديها اكثر من 15 مليون مصري منتشرين في كل انحاء العالم، ومن السياحة على مدار السنة، ومن الفنون والنشر والتأليف والمسرح والسينما والتلفزيون، فإذا قلنا نظام مصر ديني طارت الموارد الثلاثة دفعة واحدة، وعندما تسلم الاخوان المسلمون الحكم قلت انهم لن يصمدوا اكثر من سنة.

الموضوع الاساسي من هو المطمئن في ظل الازمات العربية؟ لا يوجد ضامن عربي ولا مطمئن الا من خلال مصر، عند ذلك يطمئن العلويون والمسيحيون والدروز في سورية، والدولة الوحيدة التي تعترف بالدروز هي مصر والازهر، لذلك الازهر والكنيسة القبطية يشكلان الضمانة والتطمين لكل المنطقة العربية، خاصة ان الكل في المنطقة العربية صاروا منافين لمنطق العصر.

ويشير الى اننا على المستوى الدولي نحن امام ولادة نظام عالمي جديد وهو يولد، والكباش في اكثر من ساحة وآخرها اوكرانيا يعني بدء ولادة هذا النظام، ومجلس الامن سيتغير لأنه الآن هو مجلس امن المنتصرين في الحرب العالمية الثانية، وسقط بسقوط الاتحاد السوفييتي، الآن يولد نظام جديد واذا لم يتفق العرب والاتراك والايرانيون فلن يكون لهم مقعد في مجلس الامن، في حين ان الهند والبرازيل واليابان والمانيا كل منهم سيكون له مقعده.

عودة إلى لبنان حاضراً

ومن حيث انطلق بالحديث يعود ليؤكد الرئيس الحسيني: ان اهمية لبنان تكمن في اربع ثروات: الحرية وهي ليست وليدة اليوم ودافع عنها الشعب في وجه اعتى القوى في العالم، والانسان اللبناني وهو غير مختلف في العرق عن ابناء المنطقة انما منهم ولكن لأنه عاش في كنف الحرية صار عنده نخب في الداخل والخارج من اهم النخب وهم منتشرون في كل اصقاع العالم، لا يحسن استخدام هذه الثروة صحيح والسبب عدم قيام الدولة، واعلى نسبة تسامح ديني موجودة في لبنان، اذ ان ثلث الشعب اللبناني زيجات مختلطة، ومنذ العام 1864 عندنا حياة انتخابية، وهذه الثروات الاربع تشكل دور لبنان الذي هو نافذة لبنان على المنطقة والعالم ونافذة العالم على المنطقة، الآن بواسطة هذا التسلط على الشعب اللبناني يمنعونه من القيام بدوره وحولوه الى رهينة.

لماذا الانهيار حصل اذن؟ يلفت الرئيس الحسيني الى ان الامور كانت تناسبهم منذ اربع سنوات تقريبا بالقول ان الازمة سياسية ولكن المال موجود، الآن اقترنت الازمة السياسية بالازمة الاقتصادية، صرنا بـ 95 مليار دولار الدين العام، يعلنون عن 65 مليارا التي ندفع عليها فوائد ولكن دين الضمان والبلديات والمستشفيات والاستملاكات والاحتياطي الالزامي لدى مصرف لبنان، كل ذلك دين لا يحسب لأننا لا ندفع فوائد عليه، و95 مليارا دين على اقل من 35 مليارا دخل وطني يعني نحن في الافلاس، وهذا سر عدم اقرار سلسلة الرتب والرواتب للموظفين لأن لا مال لديهم، وحكومة الرئيس نجيب ميقاتي استقالت ليس بسبب اللواء اشرف ريفي انما بسبب السلسلة، ولهذا السبب ادخلوا البلد في عشرة اشهر وعشرة ايام في جدل التأليف والآن في جدل البيان الوزاري.

ويسأل في معرض تمسكه بالميثاق الوطني ووثيقة الوفاق الوطني: لماذا الجدل حول المقاومة؟ وثيقة الوفاق تنص على تحرير الارض والتشبث باتفاقية الهدنة وتطبيق القرار 425 والقرارات اللاحقة 508 و509 واستخدام جميع الوسائل المتاحة لتحرير الارض، الآن يصورون المقاومة كأنها تصدر بمرسوم، المقاومة هي مقاومة الناس وحق مطلق وفي وثيقة الوفاق الوطني حق لكل لبناني ان يقاوم، الآن يقولون ان المقاومة تخص الشيعة لا بل ليس الشيعة انما حزب الله وليس فقط حزب الله انما جزءا من الحزب (الجناح العسكري) ما هذا الكلام؟ المقاومة هي حق، ويقولون اتفاق الطائف لم يقر المقاومة، هذا كلام غريب، اذ اول حكومة شكلت في ذلك اليوم الذي ورد في بيانها الوزاري انه تنفيذا لاتفاق الطائف فإن المقاومة (…). ويتناول موضوع الحياد فيقول: ان الحديث عن الحياد بلا معنى، نحن في حالة حرب مع اسرائيل، ونحن في حالة انقسام ليس لنا الحق بالتدخل في الشؤون السورية، لو كنا موحدين ونستطيع ان نفعل شيئا ايجابيا لسورية تكون خيانة اذا لم نقدم واذا كنا منقسمين فتدخلنا خيانة لأنه يجلب كل المصائب على لبنان، نحن نتعامل مع الدولة السورية، ومن يقرر من هي الدولة السورية السوريون انفسهم وليس نحن من نقرر عنهم (…).

السابق
عمر الشريف في حالة نفسية سيئة
التالي
زلزال يضرب لوس انجلس