في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية: كي لا نكون وقوداً للحروب العبثية؟

المتابع للتطورات الدولية والإقليمية يلحظ حجم المتغيرات السريعة في أكثر من منطقة ودولة، فالتطورات الحاصلة في أوكرانيا أعادت أجواء “الحرب الساخنة” بين روسيا من جهة وأوروبا وأميركا من جهة أخرى، وهذا الحدث الدولي الخطير يتوقع أن تكون له تداعيات كبيرة على صعيد الأوضاع الدولية والإقليمية، ويتطلب دراسة معمقة لما يجري وعلاقته بالصراعات حول الطاقة والغاز والنفوذ الدولي ودور الدول الكبرى من الأحداث.

 

وفي العالم العربي والإسلامي نشهد متغيرات سريعة ودراماتيكية، ففي تركيا الصراع يزداد بين أنصار رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان ومعارضيه ومن غير الواضح كيفية انعكاس هذا الصراع على أداء وسياسات الحكومة التركية والتي بدأت مؤخراً تعزز علاقاتها مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وإن كان هذا التقارب الإيراني ــ التركي لم يتوصل إلى اتفاق تام حول كل القضايا وخصوصاً الملف السوري.

 

على صعيد السعودية ودول الخليج، فقد حصلت تطورات خطيرة في الأسبوعين الماضيين، فقد أصدرت السعودية سلسلة قرارات لمواجهة بعض التنظيمات الإسلامية الجهادية والمتشددة، كما وضعت على “لائحة الإرهاب” تنظيمات إسلامية كبيرة ومنها “الإخوان المسلمين” وذلك في إطار الحرب على “الإخوان” في الخليج ومصر والمنطقة، كما برز الخلاف القطري ــ السعودي، من خلال قيام 3 دول (السعودية، الإمارات، البحرين) على سحب سفرائها من قطر احتجاجاً على سياسات قطر الداعمة للإخوان المسلمين وسبب الصراع الموقف من العلاقة مع إيران و ما يجري في سوريا.

 

وفي مصر يزداد الصراع الداخلي بين النظام الجديد والإخوان المسلمين والتنظيمات الإسلامية المتشددة (كأنصار بيت المقدس)، وانعكاس ذلك سلباً على وضع حركة حماس من خلال القرار المصري باعتبار الحركة غير مرغوب بها على الأراضي المصرية. وتزامنت هذه التطورات مع زيادة الضغوط الإسرائيلية والدولية والإقليمية على الفلسطينيين عامة وعلى قطاع غزة وخصوصاً مع اشتعال جبهة غزة مجدداً، فيما يسعى الأميركيون للوصول إلى اتفاق تسوية بين السلطة الفلسطينية ــ والكيان الصهيوني، وخلال ذلك يستمر المستوطنون اليهود بأعمالهم العدائية ضد الفلسطينيين وتزداد المحاولات لتهويد القدس والسيطرة على المسجد الأقصى.

 

وأما في سوريا فالنظام يحقق تقدماً ميدانياً وسياسياً، في حين يزداد الصراع بين القوى المعارضة للنظام وخصوصاً “داعش” و”جبهة النصرة” و”الجبهة الإسلامية، ونجح القطريون وبالتعاون مع الأمن العام اللبناني والحكومة السورية بإتمام صفقة إخراج راهبات معلولا من الأسر، في إشارة لسعي قطر لتعزيز دورها الميداني وتحقيق نجاح جديد على صعيد الأدوار التسووية.

 

وأما في ليبيا فالبلاد تشهد صراعاً أمنياً وسياسياً خطير، قد يؤدي لتقسيم البلاد وما يشبه الحرب الأهلية.

 

وفي لبنان تعود الأحداث الأمنية إلى مدينة طرابلس ويسقط القتلى والجرحى، ويبرز الخلاف على البيان الوزاري ودور المقاومة في حين أن الأوضاع في المنطقة تتغير ولا أحد يدرك إلى أين ستؤدي هذه المتغيرات.

 

وأما المواطنون العاديون والناس الأبرياء فهم الوقود اليومي للقتال والصراعات القائمة حيث يسقط منهم الضحايا والجرحى في التفجيرات والمعارك، ولكن عندما تحين التسويات والاتفاقات والمتغيرات الدولية والإقليمية، يعود كل فريق إلى مرجعيته الدولية والإقليمية ويلتزم بوقف إطلاق النار أو العودة إلى المفاوضات السياسية والحوار، ونكون بذلك خسرنا الأموال والأنفس وزرعنا الخراب في بلادنا ثم نعود لنراقب ما يجري حولنا.

 

وهذا هو واقعنا منذ أكثر من مئة عام حيث تحولنا وقوداً للحروب الدولية والإقليمية، وعندما يحين موعد القطاف وتقسيم الأرباح والخسائر ورسم خرائط جديدة للدول والمناطق ندفع نحن الأثمان.

 

فهل نعي إلى أين نحن سائرون؟

 

 

السابق
خطة سعودية لتغيّير قواعد الإشتباك بدءاً من الجنوب السوري
التالي
رعد: إصرار البعض على إلغاء المقاومة من خيارات شعبنا مطلب إسرائيلي