تسوية ظرفية للبيان في ربع الساعة الاخير

أكمل الاحتدام السياسي الواسع الذي بلغ ذروته في جلسة مجلس الوزراء الماراتونية امس على خلفية بند المقاومة في البيان الوزاري، حلقات التصعيد المفتوح على سقوف مرتفعة، ليرمي بكرة النار الى ملعب القوى السياسية ويضعها امام مسؤولياتها، لا سيما اذا ما انقضت المهلة التي حددها الرئيس تمام سلام، ليشهر بعدها ورقة استقالته وينتفض على الواقع الحكومي العاجز حتى عن اعداد برنامج عمل.

لكن التشنج السياسي، وفق ما قال مصدر وزاري لـ”المركزية” بلغ حده الاقصى، وستُتَوجه المواقف القيادية لقوى 14 اذار في احتفال البيال عصرا، على ان يسلك بعد ذلك مسارا انحداريا وصولا الى التوافق على البيان قبل الاثنين المقبل، والارجح في عطلة نهاية الاسبوع. واضاف: ان جملة معطيات برزت في الساعات الاخيرة تحمل على الاعتقاد ان التسوية الظرفية ستتم ومعضلة البيان ستشق طريقها نحو الحل، فالرئيس سلام بتحريك ورقة استقالته هز العصا للقوى السياسية كافة التي لا يجد أي منها مصلحة راهنا في تطيير الحكومة والاتجاه نحو الفراغ، وقادة هذه القوى كما كبار المسؤولين تبلغوا رسائل دولية واضحة بان الوقت ليس وقت المناكفات والمماحكات الداخلية والاولى باللبنانيين تسيير شؤون بلادهم بالتي هي احسن، لان الدول الكبرى التي وفرت للبنان مظلة استقرار، منشغلة بالملفات الملتهبة من سوريا الى العراق واوكرانيا وليست في وارد التفرغ لشؤون لبنانية لم تعد أولوية في أجندة اهتماماتها الدولية، كما ان الجميع مدرك مدى خطورة تداعيات انزلاق لبنان نحو الفراغ قبل عشرة ايام على دخول مدار الشهرين للاستحقاق الرئاسي في 25 الجاري.

واعتبر المصدر ان صيغة بند المقاومة التوافقية ستنبت من ارض سيناريوهات الحلول الخصبة في ربع الساعة الاخير كما ولدت حكومة سلام، على قاعدة خير الامور الوسط والاعتدال خير من التطرف. ودعا المصدر الى ترقب مضامين خطابات قوى 14 اذار اليوم قبل ان يشق مسار التسوية طريقه وتعود مياه البيان الوزاري الى مجاريها الحكومية، مشيرا الى ان رفع السقف السياسي شكل حاجة لفريقي 8 و14 اذار على اكثر من مستوى فالفريق الاول وتحديدا حزب الله المتورط في وحول الازمة السورية يستشعر الخطر الناجم عن هذا الانخراط على مستوى التململ الشعبي في بيئته الحاضنة وما قد تحمله الايام من متغيرات في المعادلات المتحكمة بظروف المنطقة عموما والتي لن يكون في منأى عنها ويحتاج تاليا الى مواقف تشد عصب شارعه، في ما الفريق الثاني المصاب بانتكاسات متكررة بفعل تشكيل الحكومة والتنازلات التي قدمت لتسهيل ولادتها يرى نفسه ملزما في الذكرى التاسعة لثورة الارز، باستنهاض شعبيته وتأكيد لحمة مكوناته المتشظية من اكثر من قضية وملف. غير ان الطرفين ليسا في وارد المغامرة بالاطاحة بالحكومة السلامية وتحمل تبعات استقالة رئيسها.

ومع ان مناقشات جلسة امس اظهرت تصلبا هادئا في المواقف، اذ تمسك حزب الله بالمقاومة ككيان مستقل رافضا ربطها بالدولة او الحد من حريتها، وابدى تصميما على عدم تكبيل هامش حركتها، مقابل تمترس قوى 14 اذار خلف ضرورة ربطها بمرجعية الدولة، الا ان الحاجة الى الابقاء على الحكومة تفوق كل هذه الاعتبارات. وعكست حركة الاتصالات واللقاءات بين عدد من المسؤولين اليوم ولا سيما الاجتماع المطول بين رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة تم بين سليمان والوزير بطرس حرب مدى الجهد المبذول للتوصل الى توافق يتيح انعقاد جلسة مجلس الوزراء، في السابعة مساء، اثر انتهاء مهرجان قوى 14 اذار. وترافق الجهد المحلي مع حراك دبلوماسي ضاغط في اتجاه الحث على انجاز البيان اذ اوضحت اوساط متابعة ان الماكينة الدبلوماسية ادارت محركاتها لتؤمن رافعة للحكومة تقطع طريق الفراغ وتوفر انطلاقة سليمة تخلق ديناميكية عمل تمهيدا لاجراء الانتخابات الرئاسية في النصف الاول من مهلة الشهرين.

وقالت المصادر ان مجموعة الصيغ التي طرحت امس للرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط والوزيرين جبران باسيل وحرب وجوبهت بالرفض من هذا الفريق او ذاك، ستستكمل بصيغ اضافية تشكل نتاج الحراك السياسي والدبلوماسي اليوم، مشيرة الى ان الرئيس سعد الحريري ليس بعيدا عما يدور في فلكها. وتحدثت عن ان الصيغة الاقرب الى منطق الاعتدال هي تلك التي تنص على الاتي: “تؤكد الحكومة على واجب الدولة وحق ابنائها في المقاومة ضد الاعتداءات الاسرائيلية بما يحفظ سلامة اللبنانيين وسيادة دور الدولة”. وفي حال لم يحصل التوافق، فمن المرجح العودة الى خيار “استذكار الصيغ الواردة في البيانات السابقة”. وفي السياق ترددت معلومات عن ان قوى 14 اذار قدمت تعديلات جديدة على صيغة بري وجنبلاط الا ان قوى 8 اذار لم توافق عليها. وعلمت “المركزية” ان صيغة متطورة تشكل خلاصة لمجمل الصيغ المطروحة تعرض على مختلف القوى السياسية للحصول على موافقتها قبل عرضها على جلسة مجلس الوزراء.

السابق
الخليج: قطر دعمت النصرة وداعش وتجاوزت المبادئ والثوابت
التالي
سلام سيحسم موقفه بناء على نتائج جلسة الحكومة اليوم