الحرب تهدد مستقبل 5.5 ملايين طفل سوري

تهدّد الحرب الدائرة في سوريا مستقبل 5.5 ملايين طفل سوري. ويعيش نحو مليون طفل من هؤلاء الأطفال تحت الحصار، وفي أماكن يصعب الوصول إليها.

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإنّ عشرة آلاف طفل لقوا مصرعهم في سوريا خلال السنوات الثلاث الماضية، بينما تزيد الأرقام الحقيقية عن ذلك.
ويحتاج 5.5 ملايين طفل سوري إلى المساعدة، منهم 4.3 ملايين طفل داخل سوريا و1.2 مليون طفل لاجئ.
وتضاعف هذا الرقم خلال السنة الماضية مقارنة بـ2.3 مليون طفل في آذار العام 2013 ونصف مليون في آذار العام 2012.
وتشير التقارير الصادرة عن منظمات الإغاثة إلى ان ثمانية آلاف طفل سوري إلى الحدود السورية من دون ذويهم، فيما هناك نحو ثلاثة ملايين طفل سوري خارج المدارس، حيث بلغ عدد المدارس المدمّرة أو المستخدمة كملاجئ 4072 مدرسة.
وتعدّ سوريا، بعد ثلاث سنوات من النزاع، من بين أكثر الأماكن خطورة على الأطفال في العالم.
وتعود تلك المعطيات إلى تقرير أصدرته منظمة «اليونيسف»، أمس الأول بعنوان «تحت الحصار: الأثر المدمر على الأطفال خلال ثلاثة أعوام من النزاع في سوريا».
كانت فاطمة تلميذة متفوقة، أما الآن فهي تقضي يومها مع والديها على سطح أحد الأبنية في الأردن. أما جمانة، ابنة الأعوام الثمانية، فهي تعيش حالياً في تركيا، وتقول «كنت أريد أن أصبح طبيبة»، لكنها فقدت الأمل بسبب النزاع، وهي تجمع القمامة اليوم، في مقابل أربعة دولارات في اليوم.
هذان مثالان لمئات آلاف الأطفال السوريين، الذين قضت الحرب على أحلامهم، بعدما شرّدتهم في مراكز اللجوء في كل دول الجوار.
وبحسب تقرير «اليونيسيف»، فإن ثلث الأطفال السوريين لا يسكنون حالياً في منازلهم أو مجتمعاتهم، وقد فرّ واحد من كلّ عشرة أطفال (1.2 مليون طفل) من البلاد ليصبحوا لاجئين في الدول المجاورة.
ويشير الأطباء، في سوريا والدول المجاورة، إلى ارتفاع عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد، والأطفال الذين يحتاجون إلى العلاج، وزيادة عدد المصابين بالالتهاب الرئوي والإسهال.
وانخفضت معدّلات التلقيح، وفق تقرير»اليونيسيف»، من 99 في المئة قبل اندلاع الحرب إلى 52 في المئة في العام 2012. ورصدت حتى اليوم 25 حالة شلل أطفال في شمال البلاد وشرقها، وتم تلقيح 2.7 مليون طفل داخل سوريا و23 مليون طفل في المنطقة.
يتمّ إشراك الأطفال الذين يبلغون 12 عاماً في عمليات القتال، بينما يعمل آخرون كمخبرين، أو حراس، أو مهربين للأسلحة.
وأشار التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة بشأن الأطفال في سوريا إلى احتجازهم مع البالغين. ويتعرّض البعض إلى التعذيب والاعتداء الجنسي بغية إذلالهم وانتزاع الاعترافات منهم. وأظهرت الدراسات زيادة عدد العائلات السورية التي ترغم بناتها على الزواج المبكر بغية توفير الحماية لهن أو مساعدة الأسرة اقتصادياً. وتقدّر «اليونسيف» أن حالة واحدة من كلّ خمس حالات زواج بين اللاجئات السوريات في الأردن هي لطفلة دون 18 عاماً. وتتعرّض النساء في المناطق المحاصرة إلى خطر الموت بسبب مضاعفات الحمل، وتحصد الحرب الأجنة فتظهر صورة أشعة، في أيلول 2013 في حلب، جنيناً ميتاً ورصاصة في الجمجمة.
بالإضافة إلى الآلام الجسدية، يعاني الأطفال آلاماً خفية غير مرئية. يبكي عدنان (4 سنوات – لاجئ في لبنان) طوال النهار ويخاف من كلّ شيء، فقد أصابت النيران وجهه وأحرقته. تحلم فاطمة (10 سنوات، لاجئة في الأردن) أحياناً بأنها تحمل رجلاً ميتاً وتشعر بأن الأطفال الذين يعيشون هنا فقدوا قلوبهم. في المقابل، يأمل معظم الأطفال العودة إلى وطنهم واسترجاع صداقاتهم القديمة وأحلامهم.
من جهة أخرى، كشف تقرير منظمة «أنقذوا الأطفال»، وهي منظمة بريطانية غير حكومية، أن 1.2 مليون طفل على الأقل غادروا سوريا، وأن 4.3 ملايين طفل يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية. لا يموت الأطفال من القذائف والرصاص فحسب بل من النقص في المعاينة الطبية والحصول على الخدمات الصحية لمعالجة أمراض مثل السرطان، الصرع، الربو، السكري، ارتفاع ضغط الدم والفشل الكلوي، فيما انخفضت نسبة التلقيح، وفق التقرير، من 91 في المئة في العام 2010 إلى 68 في المئة في العام 2012.
وفي العام 2010، كان 96 في المئة من الأمهات في سوريا يحصلن على المساعدة الطبية خلال الولادة. بينما لا تتجاوز نسبة الأمهات اللواتي يحصلن على الخدمة الطبية، اليوم، الربع. وارتفعت نسبة الولادات القيصرية من 19 في المئة في العام 2011 إلى 45 في المئة في العام 2013 بسبب تخوّف النساء من الظروف الأمنية وعدم توافر سيارات الإسعاف.
وتم رصد 84 حالة حصبة عند الأولاد دون الخمس سنوات في الأسبوع الأول من العام الحالي في سبع محافظات في سوريا، بينما لم تسجل سوى 26 حالة في جميع أنحاء سوريا في العام 2010.
وتضاعف عدد حالات التهاب السحايا عند الأولاد دون الخمس سنوات بين العامين 2014 و2010. كما ارتفع عدد حالات الليشمانيا من أقل من ثلاثة آلاف قبل الحرب إلى أكثر من مئة ألف.
لا يتلقى 7000 مصاب بالسرطان، و5000 مريض بحاجة إلى غسل كلى، العلاج الضروري. ويقول أحد الأطباء إن المنظمة التي يعمل لديها تستخدم بطارية السيارة لتشغيل آلة غسل كلى في المنزل.
وقد تم تدمير أو إلحاق الضرر بنسبة 60 في المئة من المستشفيات و38 في المئة من الخدمات الصحية الأولية وانخفض إنتاج الأدوية بنسبة 70 في المئة.
ويهدّد انقطاع الكهرباء ونقص المعدات في المستشفيات حياة المواليد الجدد، كما يهدّد نقص المياه تعقيم الضمادات فتزيد احتمالات التقاط العدوى، بينما يلجأ بعض الأطباء إلى بتر الأعضاء بغية إنقاذ المرضى.
وقدّر «منظمة الصحة العالمية» أن نصف الأطباء تقريبا غادر البلاد، فعلى سبيل المثال، لم يعد في حلب سوى 36 طبيباً، بينما كان عدد الأطباء 5000 طبيب

السابق
عندما كانت أميركا صديقة العرب I
التالي
القضاء الأوروبي يصادق على معاقبة بشرى الأسد