ماذا بقي من 14 آذار؟ وهل هناك فرصة لاعادة لملمة صفوفها؟

يسعى اقطاب الفريق الذكور جاهدين، عشية احياء الذكرى التاسعة لولادته، الى التخفيف من وطأة التشرذم والترهل الذي اصابه ويصيبه بسبب الانتكاسات المتتالية التي تعرض لها منذ 2005 وحتى الان.

ومن الصعب، لا بل من المستحيل تجاهل او اخفاء التشققات التي ضربت جسد الفريق المذكور لا سيما مؤخرا منذ ان خرج رئيس «جبهة النضال» وليد جنبلاط من صفوفه الى غير رجعة على ما يبدو.
وفي قراءة للمشهد العام لـ14 آذار بعد 9 سنوات على ولادته من رحم ثورة السفير الاميركي جون بولتون او «ثورة الارز» كما يحب اقطابها ان يسمونها، يقول مصدر سياسي مسيحي ان اطراف هذا الفريق عاجزون عن تجاهل ما اصابهم في السنوات الاخيرة معتبرا ان هناك ضربتين مفصليتين اصابته الاولى عندما خرج العماد ميشال عون منه مع تكوّن الحلف الرباعي الانتخابي في انتخابات 2005 (حركة «امل» و«حزب الله» «المستقبل»، «والحزب التقدمي الاشتراكي»). ويومها استطاع ان يكتسح الشارع المسيحي انتخابيا ويحصل على ما يزيد عن سبعين في المئة من اصواته على حساب ابرز خصومه سمير جعجع.
وبعد خروج عون ثم توقيعه وثيقة التفاهم مع «حزب الله» فقدت 14 آذار مؤازرة الاكثرية المسيحية على حد قول المصدر لتتحول القوة الضاربة فيه الى «المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي مع مؤازرة مسيحية غير نافذة على الاقل نيابيا تتكون من «القوات» و«الكتائب» وباقي التجمعات الصغيرة التي تدور في فلكها.
وعلى الرغم مما تعرض له العماد عون من ضغوط ادت الى تراجع شعبيته في الوسط المسيحي بنسبة معينة، الا انه بقي القوة الضاربة مسيحيا بدليل تمكنه من الاحتفاظ باكبر كتلة نيابية مسيحية.
ومما شك فيه، يضيف المصدر، ان خروجه من 14 آذار شكل نكسة مهمة لها، وافقدها جمهورا مسيحيا عريضا لصالح 8 آذار التي حققت بعد ذلك توازنا كبيرا رغم عدم قدرتها على الفوز بالاكثرية النيابية.
اما الضربة القوية والقاصمة التي تعرضت لها 14 آذار يضيف المصدر المسيحي فجاءت بعد خروج جنبلاط منها وإن لم يقترن ذلك بالدخول او الانتساب للفريق الاخر، لا سيما انه لعب دورا مهما في انطلاقة وحراك هذا الفريق إن على صعيد ما يمثله نيابيا وشعبيا او على صعيد ما يتمتع به من حنكة سياسية.
وبرأي المصدر ان التموضع الجديد لجنبلاط افقد 14 آذار ركيزة اساسية واضعفت قيادتها الى حد كبير، لا بل ان ما قام به ضرب مشروع تفردها بالسلطة وخلق توازنا سياسيا جديدا واكثر رجحانا لصالح 8 اذار، خصوصا بعد ان اتخذ قراراً متدرجاً بالاقتراب اكثر له ترجمة بمشاركته في حكومة الرئيس ميقاتي التي لم ينخرط فيها تيار «المستقبل» وحلفائه.
وبالاضافة الى هذين الزلزالين اللذين اصابا بنية 14 آذار، فان ما حصل في السنوات الثلاث الماضية من خلافات وتباينات في صفوفها ساهم مساهمة اساسية في ترهلها ووصولها الى هذا الوضع الصعب الذي تعيشه اليوم.
ومما لا شك فيه يشير المصدر الى ان ازمة قانون الانتخابات التي عصفت بين «المستقبل» من جهة والفريق المسيحي وفي مقدمهم «القوات» احدثت اهتزازاً قوياً بين الفريقين كاد ان يؤدي الى مضاعفات على صعيد بنية 14 آذار لولا التمديد للمجلس النيابي الذي جاء كمرهم لمداواة هذا الجرح حتى اشعار اخر.
وبرأي المصدر ان سمير جعجع اخذ يشعر بعد خروج جنبلاط انه قادر على ارساء معادلة «القيادة برأسين»، وحاول في مناسبات وفترات عديدة ان يصوّر لجمهوره اولاً وللرأي العام اللبناني ثانيا انه «شريك مضارب» لسعد الحريري في 14 آذار، ساعياً الى الترّقي بالعلاقة بينهما الى درجة «الندّية» والشراكة الحقيقية.
وبدلا من ان يحقق ما يرجوه وجد جعجع نفسه في وضع لا يحسد عليه عندما اخذ الحريري قرار المشاركة في الحكومة الجديدة وسبقه الكتائب، ومشى معه النائب بطرس حرب.
ومما لا شك فيه ان محاولة «تطييب خاطر» رئيس «القوات» بارسال الموفدين والنواب والوزراء الى معراب يقول المصدر لم تدمل جرحه، لا سيما بعد ان اكتشف ان عدم مشاركته في الحكومة لم تزد من نجوميته او ترفع رصيده.
اما الجرح المفتوح والكبير الذي اخذ يؤثر جدّياً على العلاقة بين الجانبين فهو التقارب الحاصل بين الحريري وعون لا سيما انه يأتي عشية الاستحقاق الرئاسي.
وبرأي المصدر ان رئيس «القوات» اصيب بخيبة كبيرة عندما علم من وسائل الاعلام باللقاء الذي جمع بين الرجلين، ثم بخيبة اكبر عندما تسربت له اخيراً معلومات مفادها ان هناك مفاوضات جدية جرت وتجري بينهما لعقد صفقة حول رئاسة الجمهورية.
ومع مرور الايام يشعر جعجع يضيف المصدر ان الحريري يفتش او يسعى الى توسيع مساحة علاقاته مع المسيحيين، لا سيما بعد ان لمس ان التيار العوني لم يزل يشكل القوة المسيحية المؤثرة اكان في الشارع او على صعيد المجلس النيابي باعتباره اكبر كتلة مسيحية وثاني كتلة نيابية بعد كتلة «المستقبل».
ومما لا شك فيه ان العلاقة بين الحريري وجعجع اليوم ليست في افضل حياتها، وان هناك جهودا حثيثة بذلت مؤخراً «لتطرية» الاجواء بينهما عشية الاحتفال بذكرى 14 آذار على الاقل للحفاظ على الصورة الجامعة قدر الامكان لمن بقي في هذا الفريق.
اما وضع الامانة العامة فحدّث ولا حرج، يقول المصدر، اذ انها باتت تقتصر على الوكيل المعتمد لها الى وسائل الاعلام والرأي العام فارس سعيد وبضعة اعضاء من الصحافيين ورؤساء المجموعات المنتسبة لهذا الفريق، لا سيما بعد قرار الكتلة «والاحرار» مؤخرا بتعليق عضويتهما فيها.
اما محاولة لملمة صفوف 14 آذار فدونها عقبات، برأي المصدر، ذلك ان خروج جنبلاط منها يشكل طلاقا مارونيا لا عودة عنه. عدا عن ان الانتكاسات المتتالية في العلاقة مع «المستقبل» تجعل جعجع يراجع حساباته لصالح المزيد من الاستقلالية عنه، خصوصا اذا ما تبين ان التلاقي بين الحريري وعون مدعوم ويحظى بمباركة خارجية.

السابق
روبوت” يعلّم الأولاد الصلاة: المربي الإيراني
التالي
بركة كفرتبنيت لم تكفها أمطار السنة