فريد آخر بائعي الصحف الجوالين في صور

هبط فريد الأسعد من قريته يارين الحدودية إلى مدينة صور، هرباً من التجنيد الإجباري في صفوف الميليشيات العميلة لإسرائيل.

حدث ذلك في أواسط العام 1989 عندما كان فريد في الرابعة عشرة من عمره.
في ذلك الوقت التحق الفتى الأسمر بعدد من فتيان قريته الذين سبقوه إلى بيع الصحف وتوزيعها لدى «مكتبة أبو نزار نعمة»، التي كان يديرها آنذاك المرحوم أبو زينو قطيش، عندما كان بيع الصحف والدوريات وتوزيعها في أوجه بالرغم من الظروف والأوضاع الأمنية والسياسية الصعبة.
مضت خمس وعشرون سنة ولا يزال فريد صامداً في عمله، متنقلا في ساعات الصباح الأولى بين أحياء المدينة ومقاهيها وعياداتها ومكاتبها ومؤسساتها، يبيع المطبوعات إلى جيل ما زال يفضل الورق على شبكات التواصل الاجتماعي. وهو جيل يتضاءل يوماً بعد يوم، بفعل ثورة الإنترنت من جهة، وتراجع أعداد القراء من جهة أخرى. يشعر فريد، الذي بالكاد يحصل على عشرين ألف ليرة لبنانية يومياً، من مجموع المبيعات اليومية، إذ يتقاضى ما نسبته خمسة عشرة في المئة من ثمن كل مطبوعة، بتراجع مبيعات الصحف والدوريات بنسبة تفوق الثلاثين في المئة، ما يقلص مردوده المادي اليومي ويدفعه إلى العمل بعد ساعات الظهر أو الليل لإعالة عائلته.
فريد لم تسعفه ظروف الحياة في إكمال تعليمه. يربط مسألة تراجع بيع الصحف والإقبال عليها في جزء منه بالأوضاع الاقتصادية والحياتية، وانكفاء الجيل الجديد وخصوصاً طلاب الجامعات عن ابتياع الصحف والكتب بشكل لافت، ما يدل على تراجع بعض مناحي الثقافة.
يتدنى عدد زبائن فريد الأسعد، آخر بائعي الصحف الجوالين في صور، وتراوده فكرة ترك هذا العمل بسبب قلة مردوده. وترواح أعمار زبائنه بين الأربعين والسبعين عاماً، ممن أدمنوا قراءة أخبار الصحف وتحليلات عدد من الصحافيين.

السابق
جريح على طريق النجارية بالزهراني
التالي
لاريجاني: أميركا لا تريد حل ازمة سوريا والارهابيون سيعودون