تظاهرة العاملات في بيوت الدعارة تكسر حاجز الصمت الاجتماعي في تونس

نظمت العاملات ببيت الدعارة العلني بسوسة صبيحة يوم 11 مارس 2014 وقفة احتجاجية فريدة من نوعها أمام مقر المجلس الوطني التأسيسي التونسي للاحتجاج على غلق محل عملهن الذي تم منذ سنة تقريبا. وطالبت المحتجات بإعادة فتح بيت الدعارة الذي كن يشتغلن به على اعتبار ان قرار الغلق ادى لتردي أوضاعهن الاجتماعية. وقد لقيت جرأة المحتجات اللواتي تحدين قوانين الصمت الاجتماعي جرأة من نوع آخر من قبل النائبة الاولى لرئيس المجلس الوطني التأسيسي محرزية العبيديالتي تعد من قيادات حزب النهضة الإسلامي. فقد استقبلت وفدا ممثلا عنهن وتعهدت اثناء اللقاء بمكاتبة الجهات الادارية لإيجاد حلول لأوضاعهن الاجتماعية.

سلطت التظاهرة الاحتجاجية الضوء على “البغاء العلني” الذي يمارس بشكل قانوني في تونس منذ سنة 1942 ببيوت دعارة تخضع العاملات فيها لرقابة الجهات الادارية الامنية والصحية. وتنتشر بعدد هام من مناطق البلاد التونسية. وكشف الموقف الرسمي للنائبة الاولى للرئيس المجلس الوطني التأسيسي من التظاهرة عن تطور في كيفية التعامل العلني للطبقة السياسية مع الدعارة. فبعدما كانت المواقف العلنية للسياسيين تقتصر على تأكيد ضرورة غلق هذه البيوت لاعتبارات اخلاقية مستمدة من قيم المجتمع وعلى أساس أن تنظيم الدعارة جزء من مخلفات الحقبة الاستعمارية، سلط استقبال نائبة رئيس المجلس الوطني التأسيسي للسيدات المحتجات وتفاعلها مع مطالبهن في جانبها الاجتماعي الضوء على واقع الفئات المهمشة التي “يضطرها الحيف الاجتماعي” الى ممارسة الدعارة.

عرت تظاهرة “عاملات الدعارة” قيم مجتمع ظن أن غلقه بيوت الدعارة يؤدي لنشر الفضيلة وكشفت أن ذات المجتمع الذي يحاكم أخلاقيا هؤلاء يعد المسؤول الأول عن اضطرارهن للخروج عن آدابه العامة بسبب تقصيره في توفير فرص عمل لائق لهن. كما أظهرت التظاهرة أن غلق بيوت الدعارة لا يشكل الحل للإشكاليات القائمة ما لم يتم اعتماد مقاربات شاملة تضمن التعاطي مع أسباب وجودها سواء منها تلك التي تتعلق بالعاملات بها او تلك التي تؤدي لوجود طلب على خدماتها، بما يتجاوز التقييمات الأخلاقية الجاهزة.

السابق
بركة كفرتبنيت لم تكفها أمطار السنة
التالي
تحذير ديبلوماسي من سياسة حافة الهاوية