ارتفاع الحرارة وموجة الجفاف الأخيرة؟

تدخل ولاية كاليفورنيا العام الثالث لأسوأ موجة جفاف في تاريخها. ومع الارتفاع التدريجي في درجة حرارة كوكب الأرض نتيجة الاستهلاك الدائم للوقود الأحفوري، بات من الطبيعي أن نتساءل عن الدور الذي يلعبه التغير المناخي في المشكلات التي تواجهها كاليفورنيا.

الإجابة هي أن الأدلة العلمية في الوقت الراهن، لا تدعم الاعتقاد بأن الجفاف هناك يرتبط بشكل مباشر بالتغير المناخي الذي كان البشر سببا فيه.

كان للجفاف الكثير من سمات موجات الجفاف التاريخية التي شهدتها تلك المنطقة – وخاصة، غياب العواصف والأمطار التي تأتي في العادة بشكل متكرر من المحيط الهادي. إنه يشبه الجفاف الذي أصاب الولاية عامي 1976 و1977. كان الجفاف خلال تلك الفترة شبيها بالجفاف الذي شهدته الولاية العامين الماضيين.

واختصارا، فإن موجة الجفاف التي تشهدها كاليفورنيا الآن، شهدتها من قبل. ويمكننا أيضا أن نقول بثقة كبيرة إنه لم يظهر اتجاه ملحوظ نحو ظروف أكثر رطوبة أو جفافا على مستوى الولاية لمتوسط هطول الأمطار منذ عام 1895. وإن هذا الجفاف ليس جزءا من تحول طويل الأجل نحو انخفاض معدلات هطول الأمطار على الولاية.

لكن وجه الاختلاف هذه المرة هو الارتفاع الكبير في الطلب على المياه في الولاية، وربما تكون القسوة الحالية نتيجة لعدم سقوط الأمطار أكثر ضراوة من عدم هطول الأمطار الذي شهدته الولاية قبل 40 عاما. ومن البديهي أن أنماط النمو، وزيادة عدد السكان، وارتفاع قيمة القطاع الزراعي في الولاية، قد زادت من مشكلات الجفاف في ولاية كاليفورنيا وتسببت في انخفاض قدرتها على التكيف، وهو ما يعني ضعف قدرة الدولة على التكيف والتأقلم مع تراجع معدلات هطول الأمطار.

ويمكن للمؤشرات الأخرى وغيرها من أشكال سقوط الأمطار أن تكون مؤشرا على الجفاف. وتشمل هذه المؤشرات الفجوة بين الأيام الممطرة، وشدة الأمطار عند وقوعها وآثار ارتفاع درجات الحرارة في ولاية كاليفورنيا وللكوكب ككل. فحتى وإن لم يتغير متوسط هطول الأمطار الموسمية، يمكن للتغيرات في هذه العوامل الأخرى أن تغير من خطر الجفاف. فما الدليل على ذلك؟

إحدى وسائل حساب تأثيرات هطول الأمطار ودرجة الحرارة على الجفاف هي دراسة رطوبة التربة، التي تعد أمرا صعب المنال، لكن تقديرها يجري باستخدام نماذج متطورة. وقد درس تقرير عام 2012 الذي أعدته اللجنة الدولية للتغيرات المناخية الأدلة الخاصة بالتغييرات الإقليمية في رطوبة التربة منذ عام 1950، وخلص إلى التقييمات التالية لغرب أميركا الشمالية:

«لم يحدث انخفاض عام أو طفيف في جفاف التربة منذ عام 1950؛ ويهيمن عليها تقلب وجفاف كبيران منذ جفاف الثلاثينات».

ومنح الفريق المؤلف من اثنين وأربعين عالما الذي أصدر هذا التقييم للمنطقة تصنيف «ثقة متوسطة» وقد كانوا مصيبين في تقييمهم. وأعاد تقرير اللجنة الدولية للتغيير المناخي لعام 2013 التأكيد على تلك النتيجة، وخلص إلى أن: «الجفاف طويل الأجل الذي ظهر مؤخرا في غرب أميركا الشمالية لا يمكن عزوه إلا إلى التقلبات الطبيعية في هذه المنطقة، ولا سيما في ضوء الأدلة الجديدة لتاريخ الجفاف الطبيعي الهائل والحلقات المطيرة التي أشارت إليها إعادة بناء علم المناخ القديم».

لكن هذا لا يعني أن المناخ الأكثر دفئا لا ولن يعمل على خفض رطوبة التربة وزيادة شدة الجفاف التي ستحدث بشكل طبيعي في المستقبل. إنه يذكرنا ببساطة بأن الجفاف الحالي، مثل أسلافه، لا يزال نتيجة التغيرات في موقع مسارات العواصف التي قد تؤدي أو لا تؤدي إلى هطول الأمطار على شريط ضيق من الساحل الغربي.

لماذا ينبغي علينا الاهتمام بما يسبب هذا الجفاف، أو الأحداث القاسية الأخرى مثل البرد القارس الذي يسود منطقة الغرب الأوسط هذا الشتاء أو فيضانات العام الماضي في ولاية كولورادو؟ لأن التفسير الدقيق للسبب أو الأسباب يمكن أن يقدم إطلالة على المستقبل. ويمكن أن يساعدنا على فهم ما إذا كان الوضع الحالي أمرا طبيعيا، أو قد ينبئ بدلا من ذلك عن معيار جديد. ولذا فإن التشخيص هو مفتاح التخمين.

كلتا الإجابتين لها آثار حاسمة بشأن كيفية تقييمنا للمخاطر وتطوير استراتيجيات تخفيف المشكلات والأخطار في المستقبل. هذا صحيح إلى حد بعيد وخاصة في الغرب، حيث قمنا ببناء أنظمة موارد مائية مكلفة ومعقدة لتوفير مياه الشرب ودعم الزراعة والصناعة، وتشكل أهمية كبيرة أيضا بالنسبة للبنية التحتية للطاقة في الغرب الأوسط والساحل الشرقي للحماية من الشتاء القارس والصيف الحار.

خلاصة القول أن التشخيص الصحيح يشكل أهمية بالغة.

 

السابق
الحرب الباردة أم حرب الطاقة؟
التالي
ريفي: سنتابع قضية جوزف صادر مهما كلف الأمر