بين سوريا ولبنان: شباب لبنان يدفعون الثمن غاليا

شباب كل الطوائف تعاني من ظلم وقهر، وهذا الظلم يمارس عليهم من زعامات طائفتهم قبل زعامات الطوائف الأخرى، وأن المشكلة تكمن بالنظام الطائفي الذي يهمش الشباب ويدفع بهم ليكونوا زبائن لزعامة الطوائف.

مساء السبت 8 آذار كنت في النبطية. أوقفت سيارة عمومية للانتقال إلى صيدا. السائق كان مسرعاً، سألته عن السبب، أجابني :”كنت في قرية بني حيان وقد اتصلوا بي من بيروت وأخبروني أن ابن خالي الذي يبلغ الواحد والعشرين من عمره قتل في سورية وأن جثته أحضرت إلى بيروت”. علقت بالقول :”الله يساعد أهله وخصوصاً أمه”. فانهار باكياً :”إنه طالب جامعة ذهب للقتال من أجل ماذا؟ من أجل بشار؟ لماذا نتدخل بشؤون غيرنا؟ إذا أراد السوريون بشار ليبقوه، وإذا أرادوا خلعه ليفعلوا، لماذا علينا، نحن اللبنانيين، دفع الثمن؟ غداً يصلون إلى تسوية في سورية ونكون نحن قد خسرنا خيرة شبابنا”.

بقيت صامتاً، لم أتفوه بكلمة، أصغي إليه وهو يتكلم بحرقة. أضاف :”لو قتل في معركة مع الاسرائيليين، لرفعت رأسي فخراً، ألا يعلم المسلمون أن دم المسلم محرم على المسلم؟ وجميع من يتقاتل هناك من المسلمين. عن أيّ اسلام يتحدثون؟ وأنا أعني الجانبين، وكل اللبنانيين الذين ذهبوا، من جميع الأطراف، يتقاتلون في الزمن الخاطئ والمكان الخاطئ”.

وصلت إلى صيدا، اعتذرت منه وقدمت له التعازي وتمنّيت إلهام والدة القتيل الصبر.

يوم الأحد 9 آذار 2014، وبعد انتهاء حلقة نقاش حول الإصلاحات الانتخابية نظمتها “شؤون جنوبية” في مركز احدى الجمعيات، تقدمت نحوي صبية تبلغ 19 عمرها وسألتني :”هل توافقني أننا نعاني من القهر والظلم من الآخرين؟”. أجبتها “من أنتم”، قالت “نحن شباب السنة”.

فاجأني جوابها، صمتت لحظات قبل أن أجيبها :”أعتقد أن شباب كل الطوائف تعاني من ظلم وقهر، وهذا الظلم يمارس عليهم من زعامات طائفتهم قبل زعامات الطوائف الأخرى، وأن المشكلة تكمن بالنظام الطائفي الذي يهمش الشباب ويدفع بهم ليكونوا زبائن لزعامة الطوائف”.

بعد شرح مطوّل حول وضع البلد وما تمارسه زعامات الطوائف فيه، نظرت إلي وسألتني: “أعود وأسألك، ألا يمارس علينا، نحن شباب السنة، ظلماً وجوراً؟”.

السابق
انفجار لغم ارضي في ابل القمح
التالي
حوار في مخيم البص