«المجلس الشيعي» يعلن الحرب على ديما صادق وLBC

ديما صادق
إثبات الوجود لا يكون عبر إثارة النعرات الطائفيّة وافتعال قضيّة من "لا قضيّة" من أجل شدّ العصب المذهبي لتحويل رأي عام الجماعة من الاهتمام بالقضايا المصيرية الى ملاحقة روايات وقصص تاريخيّة ولّدت آراء اختلف بشأنها الفقهاء. هل المطلوب من المعلّق السياسي سالم زهران، السنّي، الحليف لحزب الله، أن يتبرّأ من رأي فقهاء مذهبه ويلتحق برأي الشيعه مثلا، زيادة في الولاء؟ وهل المطلوب من LBC أن تحرص ألا يخرج من على شاشتها إلا المتعصّبين لما يعتقده كاتب البيان في المجلس الشيعي؟

فجأة قرّر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى أنّ جملة طائرة في برنامج يومي، على لسان من يقول ملايين الجمل أسبوعيا، تستدعي إعلان حالة الطوارىء في الطائفة الشيعية وفي دنيا الإسلام. فجأة نسي المجلس الإسلامي الشيعيّ الأعلى “الظروف الحساسة التي تمرُّ على المنطقة والوطن” وتفرّغ لبرنامج “نهاركم سعيد” على شاشة LBC ليعلن الحرب على “أعداء المسلمين” باعتبار القناة التلفزيونية “تعرّضت لمفردة دينية عقائدية تمسّ المسلمين عموما، وأتباع المذهب الإمامي الجعفري خصوصا”، بحسب البيان الصادر عن المجلس، والذي يمكن اعتباره من أغرب ما مرّ على “المسلمين عموما”.

فقد اتّهم البيان “ضيف البرنامج بنفي إسلام أبي طالب عم النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والد أمير المؤمنين علي عليه السلام، كما زادت عليه مُقدمة البرنامج متعرّضة لنفي إسلام والد النبي صلى الله عليه وآله وسلم”. والمقصود بالمُقدمة الإعلامية ديما صادق. واعتبر بيان المجلس الشيعي أنّ “هيئة التبليغ الديني إذ تطلب من ذوي العلاقة محطةً وضيفاً ومقدمةَ البرنامج، تصحيح هذا الخطأ الفادح بما يتناسب وحجمه، وبالصيغ التي يفرضها القانون والقيم الإعلامية، كي لا نضطر إلى اعتبار هذا البيان إخبارا للنيابة العامة لاتخاذ الإجراءات الواجبة في مثل هذه الحالات”.

“جنوبية” اتصلت بمقدمة البرنامج ديما صادق التي أعربت عن دهشتها “من اهتمام المجلس الشيعي بجملة عارضة ليست ذات أهميّة أبدا لم يقصد بها تحقير الطائفة الشيعية “. وأكّدت أنّ “الضيف سالم زهران لم يقصد أيضا تحقير الطائفة الشيعية، بل أدلى برأي فقهي شائع عند أهل السنّة لا يمكن أن يتسبب بفتنة أو بأي حساسيّة مذهبيّة يمكن ان تنشأ بنتيجته”. وتساءلت باستغراب لماذا التهديد بالنيابة العامة، وما علاقة النيابة العامة في هذا الشأن؟

لكن ما الذي جرى كي يعلن المجلس الشيعي الاستنفار؟ هذا المجلس “النائم” منذ سنوات و”المغمض العيون” على الأزمات التي تعصف بالطائفة الشيعية وبضاحية بيروت الجنوبية وبالجنوب والبقاع وبيروت وبلاد الإسلام عموما .

لم يتعرّض بيان المجلس الشيعي لحالة الوطن وما يتعرّض له من أخطار أمنيّة اقتصاديّة واجتماعيّة، بل فتّش في المحطات والأقنيّة التلفزيونيّة وتوقّف عند رأي عابر لأحد المعلقين السياسيين جارته فيه مقدّمة البرنامج. رأي لا يزيد عن أن يكون حكاية أو رواية تاريخيّة عرضة للتفسير والتأويل على أكثر من وجه، لا تمس العقيدة الإسلاميّة ولا أي مذهب بإجماع فقهاء الشيعة والسنة كونها ليست من أصول الدين ولا من فروعه. فلماذا جعل من هذا الرأي “قضيّة مقدّسة” وعلّق عليها شرف المذهب الشيعي برمّته مهدّدا المحطّة بدعوى ترفع للنيابة العامة.

للتوضيح فإنّ مسألة إسلام أبو طالب، عمّ النبي ووالد الإمام علي، رأي مختلف عليه بين السنّة والشيعة. فالشيعة يقولون إنّه مات مسلما، بينما يقول السنّة إنّه لم يظهر إسلامه كأخيه الحمزة، وبالتالي أنّه مات غير مسلم، وإن كان له فضله العظيم في حياته بحماية الرسول من المشركين ومنع التعرّض له.

ومع اعتقاد كاتب هذه السطور بإسلام أبي طالب، لكن نسأل: هل المطلوب من المعلّق السياسي سالم زهران، وهو المنتمي إلى المذهب السنّي، الحليف لحزب الله سياسيا، أن يتبرّأ من رأي فقهاء مذهبه ويلتحق برأي الشيعه مثلا، زيادة في الولاء؟ وهل المطلوب من LBC أن تحرص ألا يخرج من على شاشتها إلا المتعصّبين لرأي كاتب البيان في المجلس الشيعي؟ وهو الذي لا يعبّر بأيّ حال من الأحوال عن آراء الشيعة كلّهم، ولا أحد يفعل بالمناسبة. وهل المطوب من الإعلامية ديما صادق، هي الأخرى، ومقدّمة البرنامج في المؤسسة اللبنانيّة للارسال، ألا تخرج عن طوع كاتب بيان المجلس الشيعي وأن تتقيّد بآرائه.
ونسأل أيضا: ما رأي المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى بالانقسام الواقع في الوطن حول القتال في سوريا وما يصحبه من توتر سنّي شيعي في لبنان وأنحاء الوطن العربي أجمع؟

ما هو رأي المجلس بإعلان بعبدا الذي ترفض الثنائية الشيعية الاعتراف به بعد ان وقّع اقطابها السياسيين عليه ثم تنصّلوا منه؟

ما هو رأيه، وهو يرى تشييع عشرات شباب الطائفة في الأسبوعين الفائتين الذين سقطوا كـ”شهداء واجب جهادي في سوريا”، في حرب دون أفق تهدّد بحصد آلاف مؤلّفة منهم بعد أن حصدت المئات في أقل من عام؟

وبعيدا عن السياسة ما رأي المجلس الشيعي بآلاف القضايا الإنسانية، من حالات عنف أسري وطلاق وجرائم ارتكبت باسم الشرف والدين بحق الزوجات والأخوات والتي تملأ اخبارها وكالات الانباء كل يو ولا نسمع له بيان أو كلمة؟

بيان “إثبات الوجود” لا يكون عبر إثارة النعرات الطائفيّة وافتعال قضيّة من “لا قضيّة” من أجل شدّ العصب المذهبي لتحويل رأي عام الجماعة من الاهتمام بالقضايا المصيرية الى ملاحقة روايات وقصص تاريخيّة ولّدت آراء اختلف بشأنها الفقهاء. فلا هي اليوم موضع ابتلائنا ولا هي سبب مشاكلنا المدمرة التي نعاني منها، ولن تزيد إثارتها في صفوفنا سوى مزيد من جهل وشوفينيّة وتعصّب غير محمود العواقب.

إذا أحسنّا الظنّ فإنّ البيان ليس سوى محاولة لتشتيت انتباه الشيعة عن مشاكلهم الحقيقية من موت أبنائهم في سوريا، الى الرعب الذي يعيش به الأهالي في الضاحية خوفا من تكرار عمليات التفجير، في ظل أوضاع اجتماعية اقتصاديّة مزرية تنحدر من سيّء الى أسوء تنذر بمستقبل قاتم ومصير مجهول.

السابق
الجيش: جرح 3 اشخاص اثر سقوط 3 صواريخ في النبي شيت
التالي
“داعش” أعدمت 22 شخصاً