نازحو مرجعيون: جمعيات الإغاثة تتاجر بنا

«باتت المفوضية العليا للإغاثة ومختلف الجمعيات والمؤسسات المحلية والعربية والدولية الراعية لأوضاع النازحين وهمومهم، متهمة بالمتاجرة بحقوقنا وعلى حسابنا»، هذا ما يردده عشرات النازحين السوريين إلى مخيم سهل إبل السقي، والذين لم يجدوا سبيلاً، إلاّ في الاتكال على كد الذراع وعرق الجبين، لتأمين مستلزماتهم الحياتية الملحة وحاجاتهم الضرورية، في غربتهم القسرية عن وطنهم. «ما يصلنا إلى المخيم هو بالقطارة أو وفق المثل الدارج من الجمل أذنه»، يقول النازح من إدلب أحمد العطوي الأب لسبعة أطفال. يضيف: «أعمل في ورشة بناء بأجر 20 ألف ليرة يومياً من أجل إعالة أطفالي. وجماعة الإغاثة بكل مؤسساتها، تتاجر بنا كنازحين، فطفلي حسن لم يتجاوز الأربع سنوات من عمره، أصيب بالكريب منذ أكثر من 20 يوماً، قصدنا إحدى العيادات، فعاينه الطبيب على عجل وأعطانا وصفة بالأدوية المطلوبة بلغ سعرها في الصيدلية 45 ألف ليرة لبنانية، فمن أين لنا ثمنها. إننا نعجز فعلاً عن دفع فواتير الطبابة، وتأمين الأدوية مشكلة كبيرة نعاني منها». يتابع: «منذ أكثر من أربعة أشهر تسلمنا صوبيا تعمل على المازوت من إحدى منظمات الإغاثة، وبعدها بنحو شهر، أعطونا صفيحة مازوت، لا تكفي لأربعة أيام، فلولا رحمة الطبيعة في هذا الشتاء الدافئ لكنّا متنا من البرد. الشمس الساطعة في النهار وارتفاع الحرارة على غير عادتها في هذا الفصل، وفرا علينا كميات كبيرة من المازوت، ولكن خلال ساعات الليل نلجأ لإشعال البلاستيك، لتدفئة أطفالنا، بالرغم من الروائح الضارة التي تنبعث منه، وتتسبب لنا بأمراض صدرية، وقد سجل أكثر من 45 حالة مرضية في المخيم جراء ذلك».

فضيحة الفضائح، يقول النازح عبد الحكيم شهوان، تتمثل في نظافة المخيم وجمع النفايات والحفر الصحية. «لقد أبلغتنا إحدى الجهات المانحة، أنّها تعاقدت مع متعهد لجمع النفايات وبشكل يومي من المخيم، وعلينا وضع النفايات في أكياس خاصة فحسب، لكن ما حصل أنّ السيارة المخصصة لذلك، قصدت مدخل المخيم ليوم واحد فحسب خلال فترة ستة أشهر. وراجعنا المعنيين في هذا الشأن، فقالوا: على حد علمنا سيارة النفايات تصل يومياً إلى المخيم. فقلنا لهم إن ذلك غير صحيح، وقررنا بعدها جمع النفايات في الطرف الغربي للمخيم، وحرقها، ومن ثم طمرها. وبالنسبة إلى الجور الصحية فوعدونا بإقامة حمامات عدة في المخيم مع حفر صحية، وشفطها عند الحاجة، لكن ما حصل اقتصر على شادر صغير وضع فوق حفرة، لا يتعدى حجمها النصف متر مكعب».
يضيف: «أما في ما خصّ مياه الشفة فقد عملت الجهات المانحة على تركيب خزان للمياه في المخيم، بعدما تعاقدت مع صاحب الأرض، على أن تدفع له بدل إيجار شهري، فما كان من صاحب الأرض إلا أن عمم ذلك على الخيم، فارضاً علينا دفع 100 دولار أميركي شهرياً عن كل خيمة وإلا المغادرة، فما كان أمامنا سوى الرضوخ، لتضاف أجرة الخيمة إلى المصاريف المتعددة للعائلة، بحيث بتنا عاجزين فعلاً عن تأمين كل المستلزمات المطلوبة».
سليمة الشومري النازحة من بيت جن، وهي حامل في شهرها الخامس، أصيبت بوعكة صحية مفاجئة، ما استلزم نقلها إلى المستشفى، لكن المستشفى الحكومي القريب من مكانها رفض استقبالها بحجة أنّه لا توجد أسرة. وقد اتصل زوجها حامد بمسؤولة عن الوضع الصحي للنازحين في الجنوب، فأحالته على مسؤولة ثانية كان خط هاتفها مقفلا، فمضت أكثر من 3 ساعات من دون أن تتمكن سليمة من دخول أي مركز صحي، فاضطر زوجها لنقلها إلى عيادة خاصة، فكانت الفاتورة 135 ألف ليرة عجز عن دفعها إلا بمساعدة أصدقاء جمعوا له المبلغ بصعوبة.
هذه نماذج وعينات بسيطة من جملة المشاكل التي يعانيها نازحو هذا المخيم الذي يضم أكثر من مئة خيمة تعداد قاطنيها يناهز الألف نازح. الدكتور كمال الغريبي الذي يعمل مدرس للغة الإنكليزية براتب 400 ألف ليرة في إحدى مدارس النازحين، يستغرب عدم تمكن الجهات المانحة من تأمين حاجيات النازحين بالرغم من مرور 3 سنوات على النزوح.
يضيف: «لقد تحول جانب من الإغاثة إلى تجارة مربحة عند بعض الجهات، فنسبة من ميزانيات الإغاثة تذهب إلى جيوب بعض القيمين عليها».

السابق
“العربي” كرّمت مؤسسة “الفكر العربي” في الكويت
التالي
الحريري على خط معالجة أزمة معامل الغاز