المحكمة العسكرية في واجهة الملفّات الأمنية الحسّاسة

يعيش القضاء العسكري في واجهة الملفات الحساسة ذات الطابع الامني، مع تزايد وتيرة الحوادث التي تدخل ضمن نطاق اختصاصه، وآخرها قضايا التفجيرات والارهاب.

هذا القضاء الاستثنائي بات الاستثناء فيه احالة ملفات الاعتداء على امن الدولة الداخلي على المجلس، بعدما انتقل الوضع الحكومي من تصريف الاعمال الى انتظار الافراج عن البيان الوزاري ونيل ثقة تجعل صدور المراسيم الموجبة للاحالة على هذا المجلس شرطا شبه مستعص راهنا”. وامام هذا الواقع يبقى القضاء العسكري المرجع الصالح للنظر في هذه الملفات. وقد باشرت المحكمة العسكرية برئاسة العميد الركن الطيار خليل ابرهيم تحضير الاجراءات اللازمة في ملف حوادث عبرا للمحاكمة. وهذا الملف يستوعب عددا كبيرا من الموقوفين لن تتسع لهم قاعة المحكمة، فضلا عن صعوبة تشكيل الخصومة وفصل عشرات العناصر الامنيين. وعدد الموقوفين لم ينته عند هذا الحد، فثمة ثلاثة جدد اضيفوا الى اللائحة. وفي معلومات مصادر مطلعة متابعة لعمل المحكمة ان العميد خليل يتجه الى تفريع الملف الى ملفات عدة على غرار ما فعله المجلس العدلي في ملف الموقوفين الاسلاميين، تسهيلا للسير بالمحاكمة.
وملفات الارهاب ليست جديدة امام قوس المحكمة العسكرية، فهي راجت منذ بروز حركة “فتح الاسلام” وبعدها، رغم اختلافها عن تلك الحاضرة من حيث خطورة امتداداتها الاصولية. وهي تتباين في التهم، فتتباين الاحكام الصادرة في حق الموقوفين فيها. ويلاحظ في هذه الملفات وجود العنصر السوري والفلسطيني الذي يشكل 25 في المئة من الموقوفين، مع حفاظ بعضهم على مظاهر التطرف، من اطلاق لحى وارتداء الثوب الافغاني .
وتقول المصادر ان هذه الملفات زادت عدد الدعاوى المختلفة المطروحة امام المحكمة العسكرية، حتى بلغ في آذار 900 ملف بينها ثمانية ملفات تعامل مع العدو الاسرائيلي. ووازى هذا الرقم عدد ما فصلت به من دعاوى في كانون الثاني وشباط الماضيين، وبلغ 914 ملفا بينها قضايا ارهاب، وثمانية ملفات تعامل، اضافة الى جرائم قتل وسرقات ومخدرات. والاخيرة تشكل ملفاتها ظاهرة امام المحكمة العسكرية، بحسب المصادر اياها، فهي في الاصل تخرج عن اختصاص القضاء العسكري، إلا ان مكان ضبطها في السجون ونظارات ادرجها ضمن صلاحياته. وتخوفت من اطراد هذه الظاهرة.
وتبعاً لاعداد الدعاوى الواردة، فإن المحكمة العسكرية تنظر في 96 ملفا في اليوم، وهي نسبة مرتفعة تحتاج الى جهد متواصل. ويواظب رئيسها على عقد الجلسات ثلاثة ايام اسبوعياً “بقصد الاسراع وليس التسرع”، وفق المصادر، “مع اعطاء كل جلسة حقها من استجواب وسماع شهود وترافع”. وتضع الملفات التي ترجأ في خانة تمنع مدعى عليه او موقوف يمتنع عن الحضور ولا يمكن سوقه بالقوة، في اشارة الى عينة من الموقوفين تقيم “كانتونا” في السجن وفق تعبير المصادر، فيتأخر الفصل في الدعوى ويتضرر موقوفون آخرون معه في الملف لعدم اكتمال الخصومة.
هل يمكن ان يقع الحاكم او الهيئة الحاكمة في الخطأ امام هذا الكم المضني من الملفات؟ تجيب المصادر: “هناك محاسبة يومية للذات يقوم بها العميد ابرهيم تلافيا لظلم لا يتحمله، فهو عند الشك يؤثر ترك متهم على ادانة مظلوم”. وتتوقف عند مشكلة اكتظاظ السجون لتصل الى “نظارة المحكمة المهيأة لاستيعاب 20 موقوفا يصل عددهم الى 90 ويلجأ رئيس المحكمة الى الحكم بغرامة في جنحة لا تستدعي توقيفا وزيادة في اكتظاظ السجون، علما ان حكم الغرامة يصل الى مليوني ليرة، بما يوجع مطلق النار ويوازي ضعفي ثمن السلاح المستعمل والمضبوط، فضلا عن احكام تقويمية لعنصر الشباب عند الاقتضاء”.
وتضيف: “في حالة نقض احكام للمحكمة العسكرية، لا ينزعج رئيس المحكمة من ذلك، بل على العكس، يؤثر ان ترى هيئتان قضائيتان الدعوى في الجرائم المهمة وضمن القانون”. وتشير في حالة تردي صحة موقوف ما في مقر التوقيف الى اللجوء الى تطبيق القانون. ويناقض ما جرى تداوله اخيرا عن وجود موقوف بتهمة التعامل مع العدو الاسرائيلي يعاني داء عضالا، وذلك بالاستناد الى تقرير طبيب السجن الذي يشير الى ان وضعه الصحي لا يستدعي ذلك، مقرنا طلبا الى سجن روميه لايداعه الملف الصحي لهذا السجين بالسرعة الممكنة قبل جلسة المحاكمة المقبلة في 11 آب المقبل.

السابق
مسلحون مجهولون خطفوا المواطن انطوان ضاهر الكعدي على طريق أبلح
التالي
مفاجأة أميركية لسليمان في باريس!