هل ازداد استهلاك اللبنانيين لمهدئات الاعصاب؟

كثيراً ما نسمع في لبنان عن اسماء ادوية مهدئة اصبحت مألوفة على الاذن اذ يتم تداولها بين الناس ويصفها الاشخاص احدهم للآخر من دون إستشارة طبيّة تحت شعار “اسأل مجرّب وما تسأل طبيب”، او على قاعدة ان زيارة طبيب نفسي هي فقط “للمجانين”، كما يرى كثرٌ!

وبالتزامن مع تدهور الوضع الامني وضغط الازمة الاجتماعي، بات شائعاً سماع مقولة ان استهلاك المهدئات في ارتفاع، لكن هل من حقيقة راجحة وراء ذلك؟
بداية، جدير بالتعريف ان المهدئات أو Anxiolytique هي عقاقير يصفها الطبيب النفسي لعلاج حالات القلق والارق بمختلف درجات شدته، لمساعدة المريض على النوم وكذلك لاسترخاء العضلات في حالة التوتر.
أمّا مضادات الاكتئاب او الـAntidepressant ، فهي أدوية نفسية تستخدم لتخفيف اضطرابات المزاج، واعراض الكآبة. وهي تزيد مستوى هورمون السيراتونين الذي ينظم المزاج في الدماغ.

تحدثنا الى مجموعة من الصيادلة في مناطق عدة أجمعوا على ان الاسباب الاساسية لشراء المهدئات وادوية الاعصاب تعود الى الضغط النفسي الذي يعيشه اللبنانيون في ظلّ الاوضاع  الراهنة.

تقول حلا، وهي مالكة صيدلية في منطقة خلدة، ان “نسبة شراء الادوية المهدئة ارتفعت في السنوات الاخيرة، لاسيما بعد تزايد الانفجارات التي احدثت حالاً من التوتر الدائم والقلق في النفوس”.
ميلاد، صاحب صيدلية في جبيل يرى ان ازدياد الطلب على المهدئات ومضادات الاكتئاب كالـ Cipralex، Deanxit ، Zoloft و Seroxat يعود الى الضغطين الاجتماعي والسياسي، والى ما يصفه بحالة “الخنق” التي يعيشها المجتمع.
ويوافقه الرأي طوني صاحب صيدلية في جونية، مضيفاً ان “الاسباب التي تدفع اللبنانيين الى التهافت على هذه الادوية المهدئة مختلفة ولا يمكن حصرها بالمسبب السياسي الامني، فهناك امهات يأخذن مهدئات بسبب ضعف اولادهن في المدرسة”.
واجمع الصيادلة الثلاثة على ان الادوية المهدئة لا تباع من دون وصفة طبيّة ، مع اقرارهم بوجود خروقات دائمة.

من جهته، نقيب الصيادلة ربيع حسونة قال لـ “النهار” ان نسبة شراء المهدئات ترتفع من سنة الى اخرى في لبنان بحسب نوعها، وذلك “بسبب ضغوطات الحياة المتزايدة”. واكد ان “وصف هذه الادوية يخضع لضوابط معيّنة وفق القانون وتعمل النقابة كما وزارة الصحة على مراقبة تطبيق هذه الضوابط عبر التفتيش الدوري”.

ظافر شاوي، الرئيس والمدير العام لشركة Omni في لبنان، وكيلة دواء Lexotanil ، قال لـ”النهار” ان “الحديث عن الاقبال على تناول Lexotanil مبالغ فيه وهناك “وسواس” عند الناس يدفعهم الى الشعور بالقلق عندما يمرّ يوم دون ان يأخذوا المهدئ وهذا ما يجعلهم يعتادون عليه بسبب العامل النفسي والتخوف من تكرار العوارض التي كانوا يشعرون بها قبل البدء بأخذ الدواء”.
ووصف شاوي الـ Lexotanil بأنه “مهدئ للأعصاب ويمثل نصف سوق المواد النفسية في لبنان”، قائلاً ان “بيعه لا يزيد عن 2 مليون دولار سنوياً وهذا رقم لا يوحي بالخطر، وخصوصاً ان ارقام مبيعاتنا لسنوات 2010 ، 2011، 2012 متشابهة، لكنها ارتفعت عام 2013 بسبب وجود اللاجئين السوريين في لبنان الذين يشترون المهدئات”.

الاطباء

في رأي الطبيب النفسي وديع نجا، ان هناك حالة ادمان من قبل الشعب اللبناني على المهدئات وبحسب الارقام بين سنة 1997 و الـ 2000، فان 70 في المئة من مستخدمي هذه الادوية هم في حالة ادمان اذ يصبح من الصعب ان يتوقف المريض عن تناولها بعد الاعتياد عليها.

ويفسّر الدكتور جورج حكيم ان مضادات الكآبة هي علاج وليس كالمهدئات التي يستطيع ان يأخذها المريض عندما يشعر انه في حالة قلق او “تعصيب”. ويضيف ان هناك دراسة اجرتها جمعية “ادراك” سنة 2005 وبيّنت ان 25% من اللبنانيين يعانون من مشاكل نفسية و 10% منهم يتكلمون عن مشكلتهم امام احد الاشخاص(منجّمون، كهنة، شيوخ..) و5% من الـ 10% يزورون طبيباً نفسيّاً. ويقول حكيم ان “اللبنانيين الذين يأخذون مهدئات من تلقاء نفسهم يمثلون ظاهرة في المجتمع اللبنانيين، وهم يقومون بذلك خوفاً من زيارة الطبيب”.
في الخلاصة، لا ارقام تؤكد او تنفي صحة ما يشاع عن ازدياد في استهلاك اللبنانيين للمهدئات، لكن الاستناد الى اراء المختصين يبيّن ان الضغوطات الامنية والاجتماعية تشكل سببا اساسيا لتناول المهدئات، وان وجود اللاجئين السوريين ادى الى زيادة في الاستهلا في السوق اللبنانية. وعليه يمكن القول ان ادوية الاعصاب اصبحت ملاذاً لبعض اللبنانيين تساعدهم على الشعور بالراحة والاسترخاء لينسوا همومهم ومشاكلهم اليومية التي تلعب اخفاقات الدولة اللبنانية دوراً كبيراً في تطويرها وتعقيدها.

السابق
سيرين عبد النور: لن أحقق لهم هدفهم وأترك لبنان
التالي
«النصرة»: لا قرار بنقل الصراع إلى لبنان… حتى الآن