فتايل محفوظ: 50 عاما من الحبّ واللحمة

مطعم تجاوز عمره 50 عاما في صور. ورثته الستة يبيعون أكثر من 60 كيلو من سندويشات "الفتايل" يوميا، والرقم القياسي لشاب أكثر من 18 سندويش دفعة واحدة. ومن زبائن المطعم مغتربون يأتون من المطار مباشرة ويقولون: "أنظروا هذه حقيبة سفري ولم أتوجّه إلى منزلي قبل أن أحظى بعدد من سندويشاتكم".

البساطة هي مفتاح النجاح. القليل من الملح والبهار والحرّ على لحم العجل المقلي المقلوب في وعاء الومينيوم على بابور كاز مع إضافة الزيت النباتي والسمنة الدسمة، ومن المقلاة إلى السندويش بالخبز العربي الصغير. ويمكن أن نسمي تلك الطبخة بـ”أطيب سندويش على الأرض”، أو تشبيهها بـ”أفضل طريقة كي تصل المرأة إلى قلب الرجل”.

هذا هو سرّ مطعم محفوظ في السوق القديم بمدينة صور جنوب لبنان. محل صغير يقدم أنواعاً معينة خفيفة من سندويشات اللحمة: سندويشات الفتايل الشهيرة التي يعدّها محفوظ.

في عام 1951، افتتح الشقيقان يحيى ومحمد مطعم محفوظ. كان يبيع البسطرما والمكسّرات والعسل والفيصلية والعطور. وبحسب سلوان، ابن يحيى، لم يكن وارداً افتتاح مطعم يقدم مأكولات آنذاك لأن التقاليد الإجتماعية كانت تُعّيّب الأكل خارج البيت. وبعد أكثر من خمسة وعشرين عاماً، وتحديداً بعد تعرض المحل لقصف إسرائيلي خلال اجتياح عام 1978، انتقل المطعم، بحلته الجديدة، الى مرحلة تقديم سندويشات “النواشف”، أي اللبنة والزيتون والعسل والمربّى. إلا أنّ انتشار شراء اللحمة وأكلها، التي لم تعد محصورة بالفئات الميسورة، بين الناس، أدّى إلى تحول المطعم الى تقديم أنواع اللحوم، ولا سيما الفتايل منها. من المسلخ الذي كان يحاذي المطعم، كان الشقيقان يختاران لحم العجل الذي يقطّع في المحل قطعاً ناعمة صغيرة على ماكينة يدوية.

وعن سعر السندويش يقول عبد الله محفوظ: “كان بألف ليرة ورفعناه مؤخراً الى 1500 ليرة بسبب غلاء كل مستلزماته، واعتقد أنّ سعره مقبول”. ويتابع: “نحن نقدم ايضاً سندويشات الكلاوي والسودا والنخاعات والسجق والكفتة، الا ان نسبة بيع هذه السندويشات مجتمعة لا تتجاوز 25 % من نسبة بيعنا الفتايل، فالفتايل هي الاساس ونحن نبيع يومياً ما بين 40 الى 50 كيلو منها”.

ويضيف عباس، أحد ورثة المطعم حيث يعمل ستة اشخاص كلهم من آل محفوظ،: “لا نسلّم سر صناعة الفتايل لاحد من خارج العائلة، وهذا حقنا”. وعن توسيع المطعم او افتتاح فرع آخر يقول عباس: “لا نفكر بهذا مطلقاً، لا توسيع ولا تجديد ولا فروع اخرى، الحمد لله مطعمنا ناجح ومشهور وزبائننا يقصدوننا من مناطق بعيدة، ونحن مقتنعون بهذا”. وعما إذا كانوا يخشون المنافسة قال عبد الله: “لا نخشى منافسة احد، لكل انسان رزقه، ونحن نحترم زبائننا ونقدم لهم الافضل ولذلك فنحن مطمئنون”.

“أحياناً يأتي شبان لكي يتحدّوا بعضهم البعض، ويفوز من يتمكّن من تناول أكبر عدد من السندويشات، وبعضهم يراهن أنّه يستطيع أن يأكل 30 و40 سندويشا، لكنّ الرقم القياسي لدينا هو لشاب تمكّن من أكل 18 سندويش فتايل، ورقم الـ18 سندويش لم يكسره أحد حتّى الآن”، يقول عبد الله.

أيضاً من زبائن المطعم مغتربون يأتون من المطار مباشرة ويقولون: “أنظروا هذه حقيبة سفري ولم أتوجّه إلى منزلي قبل أن أحظى بعدد من سندويشات الفتايل”.

شهرة هذا المطعم خيالية، إلى درجةٍ أنّ هناك بعض الأشخاص الذين يأتون من مناطق لبنانية بعيدة. شهرة  نتيجة مجهود متوارث من قبل أصحاب المحلّ، وسرّ نجاحهم هو الصدق والنظافة والابتعاد عن الغشّ.

السابق
اطلاق نار كثيف في محيط ملعب برج حمود مصدره حاجز للجيش
التالي
ارجاء الجلسة التشريعية التي كانت مقررة اليوم الى موعد يحدد لاحقاً