المفتي أحمد قبلان يسبّ الرئيس: شتائم حلال؟

طالعنا أمس الأول تصريح للمفتي الشيخ أحمد قبلان رشق به رئيس الجمهورية بعبارات واتهامات لا تليق بالقائل أو بالمقصود، ولا يسوّغها منطق، وبنبرة مستفزّة للمسلمين فكيف إذا كانت موجهة نحو رمز المسيحيين وهم شركاؤنا في الوطن؟ وبلهجة لا تليق بمكانة أحد ممثّلي الطائفة الشيعية، التي شعر كثيرون من أفرادها بالخزي والعار من تصريحه هذا.

ليس بمستغرب على المفتي الجعفري “الممتاز” الشيخ أحمد قبلان أن يردّ على رئيس الجمهورية ميشال سليمان بما صدر عنه من كلام ناري طائش وغير موزون. وهو كان قد قال للبطريرك مار نصر الله بطرس صفير سابقاً قبل سنوات: “إرحل أنت عن هذا البلد”، وكأنه يخاطب أحد العمال الأجانب ممن انتهت إقامتهم ورفض المغادرة والرحيل.

إنه الشيخ أحمد قبلان الذي، وإن ورث كرسي الإفتاء عن والده الشيخ عبد الأمير قبلان، إلاّ أنه لم يرث حكمته ولا رجاحة عقله ولا حسن المسايسة ولا معرفته الموازين وتقدير الأمور.

فالإمام الشيخ عبد الأمير قبلان لم يخرج خطابه منذ مدّة عن دعوة اللبنانيين إلى الوحدة والتفاهم، وإن دعا الأمر فإنّه يدعو إلى الالتفاف حول المقاومة لا أكثر ولا أقلّ. كما أنّه يعرف قدر المقامات وحساسيَّة التعرّض للمناصب السياسية العليا في البلاد. فكلّ منصب هو رمز أعلى للطائفة التي يمثلها، والتعرض له هو مشروع استعداء مجاني يزيد من حدّة التوترات الطائفيّة أضعاف ما هي عليه الآن.

 هذا فيما نجله المفتي الشيخ أحمد لا يتورّع عن مهاجمة أرفع المناصب المختلفة عنه في الدين والمذهب، لا شجاعة منه، ولكن تخاذلا وضعفا، إذ تظهر بوضوح بصمة حزب الله وإملاءاته في تلك التصريحات الناريّة، وذلك بسبب ما يعرف عن الشيخ من علاقة حميمة مع الحزب حتى ليظن البعض أنّه بات منخرطاً في صفوفه كشيخ مسؤول، كما هو حال عدد من مسؤوليه. أو أكثر: أنّه يزايد على الحزبيين أملا في مباركة الحزب توريثه منصب والده، بعد عمر طويل طبعا.

أمس الأوّل أتحفنا مفتينا الشيخ أحمد قبلان بتصريح هو أبعد ما يكون عن كلام رجل دين عادي فكيف أن يكون مفتي الشيعة؟ فقد رشق رئيس الجمهورية بعبارات واتهامات لا تليق ولا يسوغها منطق، وبنبرة مستفزّة للمسلمين فكيف اذا كانت موجهة نحو رمز المسيحيين وهم شركاؤنا في الوطن؟ فهو قال للرئيس: “أنت صنيعة المقاومة”، “أنت جاحد بحق المقاومة”، “أنت متآمر على المقاومة”، كل ذلك مستهزئاً بعبارة “الفخامة” ومستعجلاً له الرحيل، تماما كما حفلت صفحات الفايسبوك بهذه العبارات وبهذا المنطق. كأنّ المفتي نزل إلى مستوى العابرين والكلام العابر، بدل أن يرتقي إلى مستوى الكبار الذي لا يقولون إلا الكلام الكبير.

 وسبب هذا التهجّم هو وصف الرئيس ميشال سليمان معادلة حزب الله “الجيش والشعب والمقاومة” بأنّها ما عادت ذهبيّة بل خشبيّة، وذلك بسبب تدخل تلك المقاومة في سوريا لصالح النظام الأسدي، ما أوجد انقساما وطنيا حولها. واقترح الرئيس سليمان الاستعاضة عن هذه المعادلة التي يقترح حزب الله تضمينها في البيان الوزاري للحكومة السلاميّة بـ”اعلان بعبدا” الذي  ينصّ على النأي بالنفس عن الحريق السوري حفظا للبنان ومقاومته. فكان ردّ فعل معسكر الممانعة عنيفا بلغ حدود الهستيريا، حتى أتى من يوصم رئيس البلاد، وهو في نهاية عهده، بـ”الخيانة”، في  إعلام 8 آذار وناشطيهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وبـ”الجحود والتآمر” على لسان المفتي قبلان. كان الأجدى بشيخنا لو نأى هو بنفسه عن تلك المهاترات التي تعوّد اللبنانيون سماعها من أبواق رخيصة بات سعرها معروفا في سوق المزايدات، تعوّدت الارتزاق من المال الحلال كما الحرام دون تحرّج ولا وخز ضمير.

يعلم المتعرضون اليوم على مواقف رئيس الجمهوريّة، وجلّهم من مرتزقة الدولار الإيراني الجبناء المحتمين بصواريخ حزب الله والمستقوين به على القوانين ومنها قانون الاعلام، والقانون الذي يمنع التعرّض لمنصب الرئيس والتهجّم على شخصه… يوقن هؤلاء أن لا ضرر سيصيبهم فيوغلون في عملهم الدنيء هذا دون وجه حق طمعا بنيل الرضا والخيرات ممن سوف يطرب لشتائمهم “الحلال” هذه دفاعاً عن “مقاومة القصير ويبرود”!

السابق
ماذا تريد المرأة؟
التالي
الامم المتحدة:سياسة إسرائيل بالضفة والقطاع وصلت لمستوى التمييز العنصرى