حذّرت دراسة أميركيّة – سويديّة جديدة الرجال من الإنجاب في عمر مُتقدِّم، نظراً الى العلاقة الوطيدة بين سنّهم وصحّة أطفالهم النفسيّة.
تحضّ مجتمعاتنا، التي لا تزال تحتفظ بطابعها الشرقي نوعاً ما، الرجال والنساء على الزواج في وقت مبكر لإنجاب الأطفال والتنعُّم بحياة عائليّة سعيدة. ومن الكلمات التي لا نزال نسمعها حتّى الآن وتُشجِّع الرجال على الزواج والإنجاب في وقت مُبكر: “يَلّا حطّ عقلك براسك وتزوّج، تا يكبروا ولادَك مَعك”.
التقدُّم في السنّ والأمراض النفسيّة
يُعاني أطفال الآباء الكبار في السنّ اضطرابات نفسيّة ومشكلات في التعلّم، وفقَ ما أظهرت دراسة “أميركيّة – سويديّة” نُشرت نتائجها أمس الأوَّل في الولايات المتّحدة الأميركية، وتحديداً في American Medical Association Psychiatry.
وقد حَلّل باحثون في جامعة إنديانا ومعهد كارولينسكا في ستوكهولم، كلّ المعطيات الطبيّة للأشخاص الذين ولدوا بين 1973 و2001، فوَجدوا علاقة قويّة جدّاً بين سنّ الآباء المُتقدِّم وأمراض الأولاد النفسية، ومنها: التوحّد، ومشكلات التركيز، انفصام الشخصيّة، محاولات الانتحار المتكرِّرة، إضافة الى تعاطي المخدّرات والكحول، وما ينتج عنها من كسَل وتراجع مدرسي، فضلاً عن حصولهم على مستويات مُتدنّية من العلامات في اختبارات الذكاء.
المُقارنة تظهر الفروقات
وللتوصُّل الى نتيجتهم هذه، قارنَ الباحثون الأوضاع النفسيّة لمجموعة من الأولاد لا يزال آباؤهم في عمر الشباب (26 عاماً)، ومجموعة ثانية من أولاد أنجبهم آباؤهم في سنّ متقدِّمة (45 عاماً)، فتبيّن أنّ الأولاد في المجموعة الثانية يُعانون مشكلات التوحّد 3.5 مرّات أكثر من أولئك الذين أنجبهم آباؤهم في سنّ مبكرة، فضلاً عن اضطرابات في التركيز 13 مرّة أكثر.
أمّا خطر الإصابة باضطراب ثنائيّ القطب، فيزيد لدى أولاد المجموعة الثانية بنسبة 22 مرّة أكثر من المجموعة الأولى، وكذلك خطر الإدمان على الكحول واعتماد سلوك انتحاريّ.
“لقد صُدمنا بنتائج هذه الدراسة”. هذا ما أكّده الأستاذ المساعد في كليّة علم النفس في جامعة إنديانا، براين دونوفريو، الذي أشرف على الدراسة بنفسه. وشدّد على أنّ “الروابط المحددة بين سنّ الأب وتأثيره في صحّة الاطفال النفسية، كانت واضحة في هذه الدراسة أكثر بكثير ممّا كانت عليه في الدراسات السابقة”.
كذلك، أكّد الباحثون في دراستهم أنّ مستوى الأب العلميّ ودخله الماديّ، يؤثّران مباشرة في صحّة الأطفال النفسيّة. ولاحظ الباحثون أنّه في السنوات الأربعين الأخيرة، ارتفع متوسّط عُمر الإنجاب لدى الرجال والنساء أيضاً.
وختمَ دونوفريو: “على رغم أنّ نتائج هذه الدراسة لا تعني أنّ جميع الأطفال المولودين من آباء تخطّوا الأربعين عاماً يُعانون مُشكلات واضطرابات نفسيّة، إلّا أنّها تُضاف إلى مجموعة متزايدة من البحوث التي تؤكّد تلك الفرضية”.
