كلّنا عراة أمام الإسرائيلي

في المقلبين تأتي الغارة الإسرائيلية لتفضح حالنا وما وصلنا اليه من تردٍّ ووهن، ولتعرّي اكثر ما نحن فيه من واقع مخزٍ. لأنّ حقيقة الامر هو انّ العدو الإسرائيلي لا يعنيه من قريب او بعيد دعم المعارضة السورية ولا اسقاط نظام بشار الأسد ولا هو مكترث لردّة فعل حزب الله او عدمه. وحالتنا، كما عبّر أحد القادة الاسرائيليين: "معجزة ما كنّا لنحلم بها ".

كثرت التحليلات والقراءات حول خلفيات دخول العامل الاسرائيلي على خطّ الأزمة السورية بعد الغارات العدوانية التي شنّها على الحدود اللبنانية السورية، وما قيل إنّها استهدفت شاحنات سلاح نوعي كان يعمل حزب الله على نقلها إلى لبنان. لأنّ هذه الصواريخ تصبح خطرة عليه فقط حال دخولها إلى لبنان.

بكلّ أسف فقد سارع كلا الفريقين المتصارعين على الأراضي السورية الى الاستفادة من هذا الحدث العدواني من اجل تجييره لمصلحته. لكن هذه المرّة على بيدر حسابات الميدان السوري، وبدون أي اعتبار أو توجّه نحو العدو الحقيقي المعتدي. فحزب الله، رغم كونه المعتدى عليه، ورغم اعترافه المتأخّر، وغير الرسمي، بوقوع الجرم، وإصراره على عدم وقوع خسائر كبيرة في صفوفه، يؤكّد فكرة واحدة: مهاجمته من قبل إسرائيل دليل على أنّه لا يزال يمثل الخطر الفعلي والحقيقي ضدّ هذا الكيان الغاصب، ولو نظريا. وبالتالي فإنّ معركته الحالية ضدّ الثورة السورية إنّما تصبّ، في جوهرها، ضمن مواجهة من يفترض أنّهم “أصدقاء للصهاينة”، أو في أقلّ تقدير فإنّ هؤلاء الثوار “لا يشكلون أعداء حقيقيين لعدوّ الامة ولمغتصب فلسطين ومحتلّ أولى القبلتين”. وعليه فهذا يضفي شرعية على حربه الجديدة، بحسب منطقه. ما يبرّر له، مرحليا، وامام نفسه وجمهوره على الأقلّ، إغفاله “المجرم الرئيسي”. وما يعفيه، حاليا، من أيّ ردّ على هذا العدوان يمكن أن يشعل الجبهة الجنوبية في لبنان.

لذا عمد حزب الله إلى التستّر على الغارة في اعلامه، ثم اعترف بها بخفر، كمؤشّر واضح على تركيزه صوب الجبهة الشرقية من دون الاحتراج ولجأ إلى استعمال الثلاثية السوداء (الزمان – المكان –المناسبين).

أما على المقلب الآخر فقد اعتمد خصوم الحزب، بكلّ أسف أيضا، على الاستفادة من هذا العدوان وتسييله في خدمة معركته التحررية عبر التركيز ليس على اصل الاعتداء وادانته بل على عدم مقدرة الحزب على تجاوز القرار الدولي 1701، وبالتالي راحوا يردّدون أنّ “راية المقاومة التي يتذرّع بها حاملوها ومن يقف خلفهم على امتداد محور الممانعة ما عادت تشكّل مظلة حقيقية تبرّر القتال إلى جانب نظام بشار الأسد لحمايته ودعمه”. وخلص هؤلاء إلى أنّ “عنوان المقاومة ان هو الا مجرد ادعاء لا يتعدّى كونه ذريعة يختبىء خلفها المشروع التوسعي الإيراني. كلّ هذا طبعا دون ذكر ما هو افظع: الشعور بشيء من الشماتة بعد الاعتداء الصهيوني وحالة السرور التي أبداها بعض مؤيّدي الثورة السورية اتجاه ما يمكن ان يكون قد تكبّده حزب الله من خسائر بشرية او مادية.

في المقلبين تأتي الغارة الإسرائيلية لتفضح حالنا وما وصلنا اليه من تردٍّ ووهن، ولتعرّي اكثر ما نحن فيه من واقع مخزٍ. لأنّ حقيقة الامر هو انّ العدو الإسرائيلي لا يعنيه من قريب او بعيد دعم المعارضة السورية ولا اسقاط نظام بشار الأسد ولا هو مكترث لردّة فعل حزب الله او عدمه. وحالتنا، كما عبّر أحد القادة الاسرائيليين: “معجزة ما كنّا لنحلم بها”. وغاية الغايات عند قادة هذا العدو هي ما صرّح به رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو: “كلّ ما نراه لمصلحة إسرائيل قمنا به وسوف نقوم به . فتأتي هذه الغارات مرّة جديدة لتبرز سيّئاتنا وما نحن عليه من تعرٍّ أمام الإسرائيلي.  فلا حاجة إلى أن يحاول كلّ منّا إبراز عورة الآخر.

السابق
التفتيش المركزي: ايقاف مفاعيل شهادات 5 مرشحين لدورة 2013 الاستثنائية
التالي
سوزان رايس وتراجُع القوة الأميركية