هل يمكن ان نحارب التطرف الديني في المدارس؟

وجه المكتب المركزي لقطاع التربية والتعليم في “تيار المستقبل” كتاباً الى وزير التربية الياس بوصعب، طالبه بمعالجة حالات التخاطب والتطرف الديني والمذهبي التحريضي بين صفوف طلاب وتلامذة وشباب لبنان في جامعاته وثانوياته ومدارسه.

واعتبر المكتب في كتابه أن حالات التوتر واستنفار الغرائز الناجمة عن الانقسام الوطني افقيا وعموديا وعن الخطاب السياسي بين القوى السياسية المتصارعة عاملاً اساسياً في إيجاد بيئة منحرفة وموتورة تعبر عن نفسها بظاهرة التطرف التي بدأت تنتشر بين الطلاب والتلامذة والشباب في كل الطوائف والمذاهب في معظم جامعات ومدارس وثانويات لبنان.
ورأى أنه بالاضافة الى الخطاب السياسي التحريضي المعتمد بين الاحزاب والقوى السياسيّة اللبنانية، طرأ عامل جديد ألا وهو انتشار خطاب المدارس الدينية التحريضي التي تعتمد على تعبئة دينية، طائفية، ومذهبية عند كل الاطراف بعيداً من مراقبة وزارة التربية، “وهذا ما يجعلنا نتساءل عن سبب غياب الرقابة المسبقة على هذه المدارس لاي طائفة او مذهب انتمت، إذ إن حالة التسيب هذه والاجتهادات والفتاوى التي يصدرها القيمون على المدارس بمعزل عن مرجعيّة المؤسسات الدينية الرسمية سنيّة كانت أم شيعيّة أم مسيحيّة ام درزيّة وغيرها، تشكل خطراً كبيراً على متلقيها من اجيالنا”.
وطالب المكتب الحكومة بضرورة عقد خلوة تربوية تدرس وتبحث فيها طرق المعالجة المطلوبة من خلال وزارة التربية، وتحديد آلياتها الملزمة، لوضع ضوابط حول التدريس الديني من خارج إطار المؤسسات الدينية الرسمية المعتمدة في مناهج التعليم الرسمي، كي لا تتحول هذه المدارس الى بؤر للتعبئة الفكرية التحريضيّة الخاطئة والتي لا يمكن ان تدخل في اطار ما يسمى حرية التعليم، لأن هذه الحرية تقف عند حدود مصلحة الوطن والمواطن والعيش المشترك اولاً وأخيراً.
ودعا كل القوى السياسية الى تقويم المرحلة التي اعتمدوا فيها خطابات حادة ومتناحرة تحريضيّة، والى اجراء مراجعة جديّة نقديّة، وتمنى ان يدرج موضوع الخطاب السياسي المتوتر والتحريضي على طاولة الحوار، بغية الاعداد والتحضير لتوقيع ميثاق شرف ملزم لكل القوى السياسيّة، يرفع الغطاء السياسي عن مرتكبيها ويحرّم فيها اعتماد الخطاب السياسي الديني والمذهبي المتطرف التحريضي، كي لا يقع طلاب وتلامذة وشباب لبنان ضحاياه، وردم الهوة المجتمعية بين مكونات المجتمع اللبناني، ما قد يطرح جديا مصير الكيان اللبناني ووحدة مكوناته على بساط البحث الجدي، في ضوء التحولات السياسية والاقتصادية والديموغرافية الحاصلة في سوريا وتداعياتها على الساحة اللبنانية.
ولفت الى أنّ الخطوة التالية الاساسيّة بعد مسؤوليّة وزارة التربية بهذا الشأن، قد تكون مطلوبة من رئاسة الجامعة باتخاذها قرارات ملزمة للادارات المعنية تحت طائلة المسؤولية، تمنع إقامة الندوات والمحاضرات والمهرجانات احياء لمناسبات دينية في كل كلياتها ومعاهدها؛ فهذه النشاطات تحوّلت في كثير من الاحيان إلى مناسبات للتحدي والتحريض واستفزاز الآخرين بدلاً من أن تنطلق من جوهر الدين، كل دين ومذهب، الداعي إلى المحبة والتسامح والتعاون.
وختم، “إذ يعلن المكتب توجّسه جراء الحالة التي وصلت اليها الامور على الصعد التربويّة والفكريّة والثقافيّة والطائفيّة والمذهبيّة انطلاقا من حرصه على طلاب وتلامذة لبنان وشبابه ومستقبلهم فإنه يدق ناقوس الخطر بسبب هذه الانحرافات الفكرية البعيدة من قيم العقل والاعتدال والتنور والتسامح التي ساهم فيها هذا الخطاب الديني المتطرف عند من يعتلون المنابر ويزاوجون الدين بالسياسة من القوى السياسيّة، مما يؤدي الى اطلاق رصاصة الرحمة على مفهوم ومعنى قيام الدولة المدنية الحاضنة لجميع اللبنانيين والتي هي وحدها تستطيع بلورة مفهوم المواطنة”.

السابق
هل تنتج الشراكة وفاقاً؟
التالي
توقيف مطلوب في صور