الحكومة الى «بيان متواضع»؟

أيّاً كانت الصيغة التي سيصدر بها البيان الوزاري فإنّ حكومة الرئيس تمام سلام لن يكون لديها متسع من الوقت لتنفيذ ما سيتضمنه هذا البيان ـ البرنامج، لأنّ عمرها الفعلي لن يتجاوز الثلاثة أشهر تقريباً في حال انتخاب رئيس جمهورية جديد في موعده الدستوري، ويمكن أن يمتد لفترة إضافية إذا تعذر هذا الانتخاب.
الحكومة لن يكون لديها وقت لتنفيذ ما سيتضمنه البيان ـ البرنامج.
تنقسم آراء السياسيين إزاء الحكومة السلامية وما يمكن أن تحققه من إنجازات، فبعضهم يقول إنها «حكومة الوقت المُستقطع» خارج التوتر العام الذي كان سيأخذ البلاد الى مسارات خطرة. ولذا، جاء تأليفها في سياق اقليمي ودولي يثبت أن القرار الخارجي كان ولا يزال يقضي بعدم إدخال لبنان في دائرة التفجير المفتوح.ويرى هذا البعض أن موضوع القوى التكفيرية له زواياه الخاصة، فلا تيار «المستقبل» سيغيّر رأيه في مشاركة «حزب الله» في القتال الدائر في سوريا حتى تتوقف العمليات الانتحارية، ولا الحزب من جهته سيتمكن من إقناع «المستقبل» بتغيير موقفه منه أو من النظام السوري. ولذا، قد يحصل بين الطرفين «اقتراب من بُعد» يمكن أن يخفف من حدة التشنج الداخلي، وذلك بفعل مشاركتهما جنباً الى جنب في الحكومة.وفي هذه الأثناء فإنَّ التواصل والانفتاح القائم بين «المستقبل» ورئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون بدأ يواجه طريقاً مسدوداً، اذ قيل انّ بعض مسؤولي «المستقبل» صارحوا العونيين بأنهم لا يستطيعون السير بترشيح عون لرئاسة الجمهورية فيما هو متحالف مع «حزب الله» الذي يقاتل في سوريا الى جانب النظام. وفي المقابل فإنّ عون لن يكون في استطاعته ان يفرض على الحزب تغيير موقفه والانسحاب من سوريا حتى ينال في المقابل دعماً «مستقبلياً» لترشيحه.

ويعتقد بعض السياسيين انّ هذا التقارب «المستقبلي» ـ «العوني» الذي سيبقى في الحدود التي وصل اليها، قد أفاد في تأليف الحكومة وانطلاقتها، ولكنه لم يفد في أن تغيّر الاطراف السياسية خياراتها، وستكون مهمة هذه الحكومة تأمين انتخاب رئيس جمهورية جديد يحظى بتأييد الجميع، لأنّه من الصعب ان يفوز في الانتخابات الرئاسية أيّ مرشح لكلّ من فريقي 8 و14 آذار. وتشير كل المعطيات، حتى الآن، الى أن المعركة الرئاسية ستكون محصورة بين ثلاثة مرشحين باتوا معروفين لدى جميع الأطراف والقوى السياسية داخلياً وخارجياً.

غير أن سياسيين آخرين يكشفون انّ رئيس الحكومة وبعض الاطراف السياسية المشاركة فيها يقترحون أن يكون البيان الوزاري «متواضعاً» بحيث يتجَنّب الدخول في موضوعي المقاومة و«إعلان بعبدا»، ليرسو على صيغة متواضعة، مفادها انّ هذه الحكومة هي حكومة انتقالية هدفها تأمين المناخات اللازمة لإجراء انتخابات رئاسة الجمهورية وضبط الوضع الامني بمقدار ما تستطيع لتجنيب اللبنانيين الخسائر في الارواح والممتلكات، لأنّ المنطق يقول انّ هذه الحكومة عمرها نظرياً وعملياً لا يتجاوز الثلاثة اشهر، اللهم إلاّ في حال تعذّر إجراء انتخابات رئاسة الجمهورية في موعدها.

وبالتالي، لا وقت لديها لتنفيذ برامج ومعالجة قضايا كبيرة وحسّاسة عجزت الحكومات السابقة وهيئة الحوار الوطني عن تنفيذها. ولذا، لا ينبغي حشرها وضغطها في قضايا يُدرك الجميع مسبقاً أنه لن يكون لديها الوقت الكافي لمعالجتها.

وفي المقابل بدأت أوساط سياسية تتخوّف من تعذّر الاتفاق على البيان الوزاري في بنده المتعلق بالمقاومة، حيث تصرّ قوى 8 آذار على إدراجه بطريقة واضحة تحت عنوان «حق لبنان واللبنانيين في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي بكلّ الوسائل المتاحة»، وهي صيغة يؤيدها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، فيما فريق 14 آذار لا يريد ان يتطرق البيان الى موضوع المقاومة نهائياً.

وتعتقد هذه الاوساط انّ المواقف اذا ظلت متباعدة ستؤخّر مثول الحكومة أمام المجلس النيابي لنَيل ثقته خلال مهلة الشهر الدستورية التي بدأت في تاريخ صدور مراسيم تأليفها بحسب ما تنصّ الفقرة الثانية من المادة 64 من الدستور، إذ إنه في حال انقضاء هذه المهلة وعدم إنجاز البيان الوزاري تصبح هذه الحكومة مستقيلة ويُدعى عندئذ الى استشارات جديدة لتكليف جديد.

السابق
مخيم سهل مرجعيون: زفاف لنازحَين
التالي
15 ألف مقاتل من حزب الله في القلمون!