الضاحية «تُصَوْفِر» الإثنين: أيّها الساخرون من النأي بالنفس…

الضاحية الجنوبية
تفاجأ الداخلون اليوم الى العاصمة بيروت، والذاهبون الى اعمالهم من القاطنين في ضواحيها الجنوبية، بغياب زحمة سير نهار الإثنين التي اعتادوا عليها بداية كل أسبوع. حتّى طريق المطار كانت شبه خالية. فما الذي فعلته التفجيرات هناك؟ وماذا جنى الساخرون من "النأي بالنفس"؟

تفاجأ الداخلون اليوم الى العاصمة بيروت، والذاهبون الى اعمالهم من القاطنين في ضواحيها الجنوبية، بغياب زحمة سير نهار الإثنين التي اعتادوا عليها بداية كل أسبوع. حتّى طريق المطار كانت شبه خالية ما عدا مدخلي حارة حريك وبرج البراجنة بسبب وجود حاجزي الجيش حيث التفتيش الانتقائي لبعض السيارات. فما الذي فعلته التفجيرات هناك؟

أما السبب الذي جعل يوم الاثنين في الشوارع الرئيسية للعاصمة والضواحي يشبه يوم عطلة الأحد، فهو سبب أمني بامتياز.

فقد حفلت عطلة الاسبوع بإطلاق كمّ من الاشاعات تناقلها الناس بواسطة وسائل التواصل الإجتماعي “الواتس أب” تحديدا، صادرة افتراضا دون التأكد من مصدرها عن “جبهة النصرة”، مهدّدة اللبنانيين “الشيعة” بأنّ “كل مقرّات أحزابهم وجمعياتهم وهيئاتهم الدينية سوف تستهدف بالتفجيرات وفي جميع المناطق اللبنانية وليس فقط مقرّات حزب الله ومراكزه”. ما أرخى ظلالا من الخوف والرعب بين شرائح الشعب اللبناني، بسبب ما عرف عن تلك الجهات التكفيرية من عشوائيّة في تنفيذ عملياتها الإرهابيّة التي طالت أرواح اللبنانيين من الطوائف كلّها دون استثناء، غير مكترثين بالبشر أو الحجر، زاهدين بالأرواح البريئة التي أزهقوها، ومحتقرين القوانين والأعراف والقيم الإنسانيّة.

يشعر الشعب اللبناني اليوم، بفئاته جيعها، أنّه مستهدف من الإرهاب القادم من سوريا. فسياسة “النأي بالنفس” فشلت، بعد ان استخف فيها من استخف، وما تساقط “الشهداء” اللبنانيين المقاتلين مع النظام السوري وضدّه يوميا الّا دليل على فشل هذه السياسة.

والمؤسف أنّ القوى اللبنانيّة جميعا موالاة ومعارضة يومها أيّدت شعار “النأي بالنفس” الذي أطلقته حكومة نجيب ميقاتي قبل سنتين، غير أنّها هي نفسها اليوم، انقلبت على “إعلان بعبدا” ثم انقلبت أيضا على هذا الشعار الحيادي. وبات رئيس الجمهورية ميشال سليمان عرضة لسهام “المقاومين” وللهجومات من مناصريهم بوسائل التواصال الإجتماعي بسبب تمسّكه بهذه السياسة الحافظة للبنان وأهله. حتّى أنّ “عباقرة الممانعة” اخترعوا مصطلح “فخامة النأي بالنفس” للدلالة على عدائيتهم تجاه هذا الشعار المسالم وللسخرية من صاحبه رئيس الجمهوريّة الذي ما زال متشبثا به في محاولة لتحييد لبنان عن الحريق السوري، غير مدركين بأنّ سخريتهم هذه سوف تورّطهم في “الأعظم” الذي نشهده الآن مع تفجير كل انتحاري نفسه على أرضنا.

ومع اتساع رقعة العمليات الإرهابيّة لتشمل أطراف بيروت الإدارية والبقاع، استحكم الشلل العام بالقطاعات الاقتصادية، وخصوصا المعيشية. وما النداء الذي وجّهته السفارة الكويتية إلى مواطنيها بعد تفجير بئر حسن الأخير كي يرحل منهم من هو موجود في لبنان ويعود لبلده بأقصى سرعة، إلا دليل ومؤشر عما سوف تؤول اليه الأوضاع الحياتيّة من هبوط بعد تدهور القطاع السياحي الى أقصى درجة إثر إحجام العرب القسري عن المجيء الى وطننا والتنعّم بربوعه كما كانت عادتهم في السنوات السابقة. وغنيّ عن القول إنّ زيارة الرئيس نبيه بري الى الكويت التي قام بها منذ أسبوع لتشجيعهم والعرب على إلغاء قرار منع السفر الى لبنان، أحبط مسعاه بجدارة استمرار عمليات التفجيرات الإرهابيّة المتنقلة في أنحاء بلده.

مع يومنا الإثنين هذا، تبدأ مرحلة جديده من مراحل الموت السريري الذي يشهده الوطن،فانحسار النشاط الاقتصادي وصل إلى مستوى قياسي جعل من العاصمة لا يدخلها من المواطنين الا المضطرّ منهم، وغالبيتهم من الموظفين الملزمين بدوام عمل كامل حفاظا على لقمة عيشهم وعيش أبنائهم، بالمقابل ،فليهنأ أصحاب السخريّة من “النأي بالنفس” بسخريتهم، فقد اتضحت الصورة جليا وظهر انهم يسخرون من أنفسهم ولكنهم لا يعلمون.

السابق
الكتائب: لبيان وزاري يمكن الحكومة من التصدي للارهاب
التالي
طرابلس: إطلاق نار على مواطن من جبل محسن