هل تُقفَل ’معابر الموت’ بالـ 1701؟

الحدود اللبنانية السورية

مواجهات “الأهالي” مع قوات اليونيفيل في الجنوب تراجعت كثيراً في السنوات الاخيرة. لم تعد تشهد مناطق انتشار هذه القوات جنوب الليطاني مواجهات، ولا حملات تشكيك بدورها كانت تتعرض لها على امتداد مرحلة ما بعد انتشارها على اساس القرار الدولي 1701 في العام 2006 وحتى العام 2011.
ما لبثت ان انحسرت المواجهات الى حدّ الاختفاء تقريبا مع تراجع حملات التشكيك من قبل وسائل اعلام قريبة من حزب الله لطالما كانت تدرج عمل “اليونيفيل” في اطار التجسس على لبنان لصالح العدو الاسرائيلي. ولطالما كانت تشكك بالقرار 1701 وتعتبره قرارا تآمرياً على لبنان والمقاومة.
وكذا كان القرار الدولي الشهير رقم 425 الذي صدر في العام 1978 إثر الاجتياح الاسرائيلي لمناطق جنوب الليطاني، محل تشكيك ورفض من قبل حزب الله، بل كان احد عناوين الصراع الدموي بين حركة امل وحزب الله في العام 1978. فحزب الله الذي كان رفض هذا القرار منذ تأسيسه قبل منتصف الثمانينات من القرن الماضي، وهاجم كل من يتبناه ويدعو الى تطبيقه، ما لبث ان عاد ووافق على الدعوة إلى تطبيقه بعد اتفاق الطائف، متناسيا الحملات التي شنها على هذا القرار.
اليوم تغير موقف حزب الله مع الاستقرار الامني والعسكري في الجنوب ومع الهدوء الذي تنعم به الحدود مع العدو. فقد كان العام 2013 عاماً استثنائياً من حيث الاستقرار منذ عقود طويلة. ورافق هذا الاستقرار المزيد من اقرار مختلف الفرقاء الفاعلة في الجنوب بأهمية وجود قوات اليونيفيل، واهمية دورها في حماية الاستقرار. من دون الانتقاص من دور حزب الله الدفاعي فضلا عن ازدياد حضور الجيش اللبناني وفاعليته… كل ذلك تظلله بطبيعة الحال معادلات اقليمية دولية تلتزم بها جميع الاطراف، هدفها المحافظة على الاستقرار في الجنوب.
ليس تجنيا إحالة هذا الهدوء الى انهماك حزب الله في القتال داخل سورية. وكان الامين العام لحزب الله صريحا في خطابه الاخير بتاريخ 16 شباط الجاري، عندما تحدث عن ان “أحدا في العالم العربي اليوم ليس من اولوياته فلسطين واحتلالها، فالكل منهمك بنفسه”.
ومع تنامي الخطر الارهابي والتكفيري على لبنان عموماً، وحزب الله تحديداً، مع ازدياد الشروخ المذهبية، يتلمس اللبنانيون عموما وجمهور حزب الله تحديدا اهمية وجود قوات اليونيفيل، بل الحاجة الى الاحتضان الدولي للبنان في مواجهة حملات الارهاب التي تشن على لبنان. فحزب الله ليس في وارد فتح حروب “وجودية” على اكثر من جبهة. فهو يدرك ان الحرب ضد الارهاب التكفيري تحتاج الى وقت ليس قصيرا، والحسم في مثل هذه الحرب غير مضمون لصالحه. لكن الثابت ايضاً انها حرب مدمرة لأطرافها وللجغرافيا التي تقع عليها.
هذا لأن اطراف هذه الحرب لا يستطيعون التبرؤ من العنصر المذهبي الذي يشكل طاقة فعلية مفجرة لها، مهما حاول اطرافها التبرؤ منها، او حاولوا اضفاء ابعاد غير مذهبية على هذه الحرب. وهي حرب باتت تتطلب من حزب الله، ازاء عدم استعداده لمغادرة الحرب السورية طوعاً، الاستعداد جدّيا لتأمين خط الانسحاب فيما لو اضطر اليه كرها. ولأن اي مراقب يدرك ان هذا الانسحاب سوف يتم طوعاً او كرها.. فإنه يحتاح إلى توسيع شبكة تحالف المتضررين من الارهاب. وأيا كانت نتيجة الحرب في سورية، ثمة بوابة نار فتحت على لبنان، وحزب الله لن يكون الا في مقدمة اهداف هذه النار. فهل يصبح مطلب انتشار القوات الدولية على الحدود مع سورية استنادا إلى القرار 1701 احد الخيارات الفضلى لحزب الله ان لم يكن اليوم ففي المدى القريب؟
وسواء اقرّت لجنة البيان الوزاري ثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة” او لم تقر، فذلك لن يغير في واقع الاخطار السورية شيئا. لكن مقتضى المصلحة ان يُقنع حزب الله من يعتبرهم شركاء له في الحكومة الحالية انهم فعلا شركاء، ذلك ان الشراكة التي يرددها كثيرون من مسؤوليه هذه الايام لا يمكن ان تكون انتقائية، او ظرفية. ويحتاج حزب الله الى الكثير كي يقنع هؤلاء الشركاء أن يستبسلوا معه في مواجهة الارهاب التكفيري، وهي مهمة صعبة. لكن المبادرة اليها اليوم هي أقل خسارة مما لو بادر اليها في الغد.
إقفال “معابر الموت” كما دعا وزير الداخلية نهاد المشنوق يعني إغلاقها في الاتجاهين، لا في اتجاه واحد… فهل يجرؤ حزب الله؟

السابق
LBC: السيارة التي انفجرت بالهرمل كانت متوجهة للمدينة بهدف تفجيرها غدا
التالي
إنتحاري الهرمل زور هويته باسم مواطن من بريتال