لقاء الحريري – السيسي يستفزّ المتشدّدين: «لا عجب إن صافح الأسد»

سعد الحريري

لا يمكن لمتابع صفحة الرئيس سعد الحريري عبر “الفايسبوك” عدم التوقف عند الصورة التي نشرها وتجمعه بالقائد العام للقوات المسلحة المصرية عبد الفتاح السيسي. فرغم نيلها اكثر من 6700 إعجاب (like)ونشرِها من قبل المئات، الا ان الكثير من مناصريه لا يبدو انهم متفهمون لهذه الزيارة، وتعليقاتهم على الصورة خير دليل على ذلك.

وتظهر هذه التعليقات مدى انزعاج البعض من هذا اللقاء، والعتب على الرئيس الحريري، واصفين السيسي بالسفاح والقاتل، مذكّرين باعتصام “رابعة العدوية” وما تعرّض له الاخوان المسلمون. حتى ان احدهم لم يتردّد بالتعليق “لا عجب إن رأينا الحريري يصافح بشار الاسد او حسن نصرالله”، كما ان أحدهم خاطب الحريري قائلا “ان كنت غير قادر على قول الحق فلا تصفق للباطل”، و”الله يسامحك يا شيخ سعد عهاللقاء”، اضافة الى التعليقات البذيئة التي طاولت الرجلين لا سيما السيسي. مع الاشارة الى ان تعليقات كثيرة كانت ايجابية وطلبت “طول العمر” للحريري. كما أن كثراً ذكّروه بالشهيد الرئيس رفيق الحريري تارةً للمدح وطوراً “للتأنيب”.

فأيّ ثمن سيدفعه الرئيس الحريري نتيجة لمواقفه وتوجهاته الاخيرة؟ خصوصاً بعد تصريحه الشهير من أمام مبنى المحكمة الدولية في لاهاي، مروراً بإطلاقه شعار “العدالة والاعتدال” في ذكرى اغتيال والده في “البيال”، وصولاً الى قبوله المشاركة في الحكومة الى جانب حزب الله رغم بقائه في سوريا واستمراره في القتال الى جانب النظام السوري.

مواقف تتناقض تماماً مع موقع الرجل منذ خروجه من البيت الأبيض مخذولاً من فريق 8 آذار على أنقاض حكومته المستقيلة، وانخراطه في الثورة السوريّة مؤيداً وداعماً، منتظراً سقوط النظام السوري ليعود الى بيروت من مطار دمشق.

إلا أنّ التغيّرات الاقليمية والدولية خلطت الاوراق وقلبت الطاولة، فالمجتمع الدولي ليس مستعجلاً على اسقاط الأسد طالما أنّ الساحة السورية تستنزف الجميع، وطالما أنّ الفرصة سانحة لاتفاق روسي – اميركي تحت شعار محاربة الارهاب وبأداة اقليمية.

وإذ بالرئيس الحريري يعود الى أرض الواقع، ليدرك أنّ المعطيات تغيّرت بالكامل، لا سيما في ساحته، التي تحوّلت الى موضع اتهام بأنّها البيئة الحاضنة للجماعات المتطرفة والمتشدّدة، بينما انتقل لبنان من أرض نصرة الى أرض جهاد وأصبح هدفاً مشروعاً للعمليّات الانتحاريّة، في حين أنّ الانتحاريّين هم “صناعة محليّة” هذه المرّة وهويّاتهم معروفة. وربما يكون قد أدرك الحريري أنّه أكثر من سيدفع ثمن المدّ المتطرّف الذي يجتاح الطائفة السنيّة في لبنان، فكانت القراءة الجديدة التي قام بها، تحت راية الاعتدال.

وأما زيارته الى القاهرة فلا يمكن فصلها عن هذا الاطار، وتأتي لتكرّس توجهه الجديد مستفيداً من الثقل العربي والاسلامي لمصر. إلا أنّها تطرح الكثير من التساؤلات حول موقفه من الثورات العربيّة التي لا طالما دعمها، لا سيما بعد مصافحته السيسي “على أنقاض رابعة العدوية”، وجلوسه الى طاولة واحدة مع حزب الله قبل انسحابه من سوريا.

السابق
وهاب: مناورات الدجال الإبراهيمي في جنيف لن توصل إلى مكان
التالي
شبكة مياه جديدة