قلة الامطار.. بداية مرحلة التصحر ام مجرد سوء حظ؟

“شتاء لبنان هذا العام هو الاقوى منذ مئة عام”، هذا ما تناقلته بعض وسائل الاعلام قبل بداية فصل الشتاء، وترافق مع زيارة العاصفة الثلجية “الكسا” التي اثلجت قلوب اللبنانيين وبشرت بشتاء قارس. ولكن ما حصل كان العكس تماما، اذ انتهت “الكسا” وانتهى معها فصل شتاء يعتبره كثيرون وكأنه لم يكن.

 تتفاوت الاسباب والتحليلات والدراسات التي تتناول قضية انخفاض نسبة الامطار في لبنان هذا العام وغياب اللون الابيض عن مرتفعاته، فرئيس دائرة التقديرات في مصلحة الارصاد الجوية عبد الرحمن زواوي رأى ان كل ما يقال عن تغير مناخي وتصحر هو ابعد ما يكون عن الواقع، اذ ان الاحصاءات تظهر ان لبنان يمر بسنوات ماطرة واخرى جافة، مستعينا باحصاءات شتاء العام 1957-1958، والتي بلغت 400 ملم فقط. واضاف زواوي في حديث لـ”النشرة”: “ان المعلومات التي انتشرت قبل بداية فصل الشتاء هذا العام هي اشاعة صادرة عن العالم الاميركي جو باستاردي الذي تفاخر بصحة ما قاله ولكن بالنسبة لاميركا”.

 ورأى زواوي ان من اسباب غياب فصل الشتاء عن لبنان هذا العام هي حركة القطب الشمالي، وقال: “للقطب المذكور حركة غير اعتيادية تتكرر كل فترة، وهي جرت هذا العام حيث رمى القطب كتلا هوائية باردة اكثر من اللزوم الا ان اتجاه هذه الكتل الهوائية الباردة لم يكن مناسبا للبنان”، بالاضافة الى الـ “jet” اي الكتل الهوائية الباردة النفاثة التي شكلت حاجزا بيننا وبين اوروبا، وبالتالي فان موقع لبنان هذا العام لم يكن مناسبا بالنسبة للامطار.

اما بالنسبة لمدير عام مصلحة الابحاث العلمية الزراعية ميشال افرام فالامر يختلف تماما، والسبب بما نشهده من انخفاض نسبة امطار هذا العام يعود للتغير المناخي. وقال افرام في حديث لـ”النشرة”: “ان سبب ما يجري حسب الابحاث التي قمنا بها على مدى عشر سنوات، هو التغير المناخي، اي احتباس درجات الحرارة في العالم من الغازات الدفيئة، والتي ادّت لتغير المناخ العالمي بحيث نشهد امطارا وثلوجا وفياضانات اكثر في مناطق معينة مقابل قلة في الامطار في مناطق اخرى كمناطق الشرق الاوسط”.

 ورأى افرام ان ما نشهده في لبنان هو احد اوجه  التغير المناخي التي تدخل ضمن اطار التصحر، اي نقص بالامطار وجفاف وفروقات بدرجات الحرارة بين الليل والنهار، محذرا من انه سيكون لهذه الظاهرة انعكاسات سيئة على الواقع المعيشي والزراعي في لبنان. وتابع: “ان نسبة الامطار اليوم هي حوالي 155 ملم في البقاع الاوسط بعد ان كانت 550 ملم العام الماضي ومعدلها العام حوالي 700 ملم اي ان المعدل اليوم هو بحدود العشرين بالمئة، وبأفضل الاحوال قد لا نتجاوز الاربعين بالمئة من كمية الامطار”.

 عبد الرحمن زواوي وميشال افرام اكدا ان هذا العام قد يكون الاسوأ لناحية نسبة المتساقطات فيه، اي ان شتاء عام 2014 سيكون الاكثر جفافا بتاريخ لبنان، الا ان تحديد سبب هذه النسبة المنخفضة ان كان تغير في المناخ ام مجرد سنة مطرية خفيفة يبقى رهن السنوات المقبلة.

السابق
الادعاء ينوي توجيه اتهام رسمي لحزب الله بتفجير بورغاس
التالي
الخطاب التكفيري والعنف