أريد وطنا

كعادته كل صباح يخرج من داره في الرابعة فجرا باحثا عن رزقه متجولا بين الازقة. وذات يوم بينما هو ينادي على تجارته خرجت عليه فتاة وجهها يلمع كالبدر في ليلة تمامه وسألته عن شيء ليس في الحسبان، تفاجأ البائع وأجابها مرتبكا:

من أين لي أن أعرف ما تريدينه وأنت لم تحددي الشيء؟
قالت أريد شيئا يجتمع داخله شمس وقمر وماء وهواء.

استدار الشاب متسائلا عن مرادها متمتما باستعجاب؟
وعاد الى منزله متعبا وكلامها ما زال في ذاكرته يجول حتى أصبح، وحمل جعبته على ظهره الى أن وصل الى ذاك الرصيف مناديا “يا وردة قطفت من بستان الفرح”، هل لي بنظرة تخفف عني عناء النهار. لا جواب يسمعه غير صدى صوته.

ومرت الايام وتلتها الشهور الى ان قرر الذهاب الى منزلها وطرق بابها ودخل فرآها تضع على وجهها خمارا، فقال لها: هل لي بسؤال؟
قالت سَلْ ما يحلو لك.

تنهد الشاب وقال عما كنتِ تسألين؟ وماذا كنتِ تقصدين بالشمس، والقمر، والماء والهواء. نزعت الخمار عن وجهها وكان شاحبا.

قالت: الشمس والقمر هما المسيح وأمه، أما الماء والهواء فهما محمد والتوحيد. أردت شراء وطن يحتضن طوائفه كافة، أريد شراء حب يربط بين المئذنة والكنيسة، لا تقتله فتنة ولا تفرقه طائفة، بلد توحده كلمة وطن.

ليت جميع السياسيين يكونون كالبائع الذي لا تلهيه تجارته عن كشف كل ما يتعلق بأمر قد يغفل عن معرفته، وكالفتاة التي وصفت بلدها بأهم الاشياء التي لولاها لما كان للكون وجود.

السابق
نجاة الرئيس الصومالي من تفجير قرب قصر الرئاسة
التالي
كييف تُغيّر موقف واشنطن من دمشق