عن مجتمع لبنان المدني الاستنسابي والمتسرّع

يبدو الحراك المدني في لبنان – على قلّته – مليئاً بالثغرات والمغالطات وغياب القضايا الفعلية.. ليكون الطاغي إمّا حبّ الظهور الشخصي أو التسرّع في إطلاق الأحكام أو توظيف الرأي لحسابات سياسية وحسابات من نوعٍ آخر.

يبدو الحراك المدني في لبنان – على قلّته – مليئاً بالثغرات والمغالطات وغياب القضايا الفعلية.. ليكون الطاغي إمّا حبّ الظهور الشخصي أو التسرّع في إطلاق الأحكام أو توظيف الرأي لحسابات سياسية وحسابات من نوعٍ آخر.

لا يخلو الأمر طبعاً من المنافسة بين الناشطين والناشطات والمزايدات الّتي تنأى عن المسائل الجوهرية وتصبح أداة استعراضية أو أداة للتأكيد على صوابية رأي على حساب رأيٍ آخر.

حتّى القضايا المدنية في لبنان مقسّمة حزبياً، فلماذا حصر قضية حرّيّة الأسير في السجون الفرنسية جورج عبد الله مثلا بالحزب الشيوعي اللبناني، الذي ينضوي بشكل أو بآخر تحت راية فريق 8 آذار؟ ولماذا تسييس قضية الأدوية الفاسدة لمصلحة قوى 14 آذار؟ حتّى مسألة نفايات الناعمة الّتي هي قضية بيئية ومدنية حملت خفايا سياسية بقي الجمهور اللبناني مغيّب عنها.

لنبتعد عن القضايا المسيّسة ونستعرض الرأي العام اللبناني وحراكه المدني. لنتكلّم عن اعتصامات يحضرها القليل من الناس لتسجيل موقف متعلّق بالمسألة السورية أو مثلاً حملة لمقاطعة البضائع الإسرائيلية أو للمطالبة بحقّ المرأة في إعطاء جنسيتها إلى أبنائها. الحراك في هذا الاتجاه هزيل أيضاً والآراء دائماً منقسمة حول قضايا يجب أن يكون هناك إجماع مدني عليها ولكنّه للأسف غائب.

حتّى أنّ بعض الناشطين يتجنبون أحياناً حضور اعتصام ما خوفاً من ظهور فعاليات سياسية لتسجّل حضوراً ويصبح الحراك فجأة محسوباً “لها أو عليها”.

لنتحدّث عن الفورة التي حدثت بسبب تزويج القاصرات ولم تسفر عن شيء إذ تكاد تكون هيئات المتابعة معدومة الوجود. لنتحدّث عن ردود الفعل خصوص قضية جاكي شمعون، المتزلجة اللبنانية التي ظهرت صور لها عارية. لماذا أخذت هذا الحيّز من الاهتمام؟ لماذا اتخذت التعليقات منحى يبدي جاكي كأنها قامت بإنجاز مهم ولماذا قرأنا عبارات كـ”الكلاب تنبح والقافلة تسير؟”.

لماذا تبدو أحكام من يصنّفون أنفسهم كناشطين مدنيين متسرعة واستنسابية؟ ولماذا نرى الناشطة فلانة أو الناشط علّان ورئيس الجمعية هذه أو رئيسة الجمعية تلك يلتقطون أو يلتقطن صوراً تذكارية قرب انتصارات وهمية؟

لماذا نشعر أنّ هناك هوّة فعلية بين جمعيات المجتمعات المدني وفعاليّتها على أرض الواقع؟ ومن يستطيع أن يجعل هذا الحراك أكثر شمولية وفعالية وتركيزاً على قضية مركزية إنسانية في الدرجة الأولى؟ كيف يمكن تحويل هذه المبادرات المدنية المشرذمة والمنقسمة إلى قوّة ثالثة فعليّة يمكنها مع الوقت أن تخلق تغييراً ما؟

هذا سؤال برسم جميع المعنيين بالمجتمع المدني، ليحاولوا أن يجدوا إجابة واستراتيجة واضحة له وليس ليعتبروا أنّ ما ورد أعلاه هو محاولة للتهجمّ عليهم.

السابق
تكريم اعلاميين في حاصبيا ومرجعيون
التالي
مفرزة بيروت اوقفت 4 لبنانيين و 3 سوريين