السنيورة يخسر.. بحسابات الرياض

عملياً، أطبق «تيار المستقبل» على «الثلاثية الأمنية» في حكومة تمام سلام: الداخلية، العدل، والاتصالات، في حالة قد تكون نادرة في «تاريخ» الصراع «الآذاري». سبق لـ«حزب الله» أن خاض حروباً شرسة كي لا يفرّط بـ«الظهير» الأمني، لكنه بالأمس تخلى عنه عن طيب خاطر.

لا بل بمقدور هذا الفريق أن يفاخر، وعلى «السطح»، بأنّه يضع في جيبه أكثر من ثلث معطّل في الحكومة، إذا ما التفّت أصوات «الحلفاء» على بعضها وصارت كتلة واحدة.. مع العلم بأنّه في هذه الحالة تنتفي الحاجة إلى هذا الثلث، إذا كان بهدف الاستقالة، ما دام رئيس الحكومة هو ابن «الرحم الآذاري».

حزب «الكتائب»، لم يكن وحده من نفش ريشه بالأمس، بتربّعه على السيبة الوزارية الثلاثية. «التيار الحريري» ليس أقل شأناً منه. إلى جانب «الكتلة السنية» في الحكومة، يصطف أيضاً ثلاثة وزراء مسيحيين: بطرس حرب، وميشال فرعون ونبيل دي فريج، ضمن حصّته، سواء أعلنوا ذلك أو لم يعلنوا.

وحتى لو كان «الشيخ» بطرس، الذي حُمّل حقيبة «الداتا السلكية واللاسلكية»، «مستقلاً»، فهو «وكيل» لأصيل من «قماشة زرقاء». أقله، هكذا يرى خصومه. بينما أُسند «توأما» العدلية والصنائع، إلى صقرين من صقور «الفريق المستقبلي»، أشرف ريفي ونهاد المشنوق، ليكونا واجهة «المحور الآذاري» الى طاولة «التناقضات السوريالية».

وقع تسمية «نجميْ» التشكيلة الحكومية، كان «تفجيرياً» على جمهور خصومهما، الذي لم يستوعب هذه التركيبة «العجائبية»، كما على بعض الحلفاء و«الرفاق» الذين لم يهضموا «ترقية المعالي» لكل من «المشاكسيْن»، من دون غيرهما، ويعرفون أنّ دخولهما الجنّة الحكومية، قد لا يمرّ مرور الكرام.

وهناك من يعتقد أنّ للرياض دوراً مؤثراً في اختيار هاتين الشخصيتين تحديداً، ودعمهما لدخول الحكومة.

بتقدير بعض خصوم الرجلين، أنّ المطلوب وجودهما الى الطاولة التنفيذية. هما لا يخفيان أبداً طموحهما بتسلّق السلم، وصولاً إلى السرايا الحكومية. وقد يكون من المفيد بنظر داعميهما أن يفتح أمامهما «المجال الحيوي».

وكما سبقت لافتات الدعم خروج ريفي من السلك الأمني، فنثرت على طول الطريق المؤدي إلى مسقط رأسه، كان استقبال وزير الداخلية الجديد في الصنائع بالطريقة ذاتها.

عملياً، لا يبخل نهاد المشنوق من مجهوده في توطيد علاقاته مع مفاتيح العاصمة ومخاتيرها. ومن يرصد حركته البيروتية يعرف أنّ الرجل لا يهمل كرسيه، ولن يجازف به.. لا بل سيسعى لتعزيزه.

بيروتياً أيضاً، لا تخيف الهجمة الجماهيرية على المصيطبة، أهالي بيت الوسط. فعمر الحكومة لن يتخطى الثلاثة أشهر، حتى لو زحف وباء الفراغ إلى بعبدا، فقــد لا يصمد في أحسن حالاته أكثر من أسابيع معدودة. وبالتالي لا مجال أمام «البيك» ليستعيد زمن «المجد الضائع».

وعلى الرغم من اعتماد سياسة الأبواب المشرعة أمام رئيس الحكومة، من جانب «الحريريين»، فقد خرج الرجل من مشوار التأليف بوزير ونصف وزير، أي محمد المشنوق ورشيد درباس المحسوب أساساً على قوى «14 آذار»، وتربطه علاقة صداقة بسلام.. بينما قبل الأخير بتسمية نبيل دو فريج عن مقعد الأقليات، لتكون الضربة ضربتين على رأس «صديقه» حبيب افرام.

أبرز الرابحين من التركيبة المستقبلية الحكومية هو عبد الرحيم مراد. ترك البقاع «الأزرق» مكشوفاً للخصوم من دون أي تمثيل حكومي. جمال الجراح نام وزيراً للداخلية، واشترى مناصروه المفرقعات، بينما راح بعض مساعديه يعدون لوائح الضباط الذين سيستعينون بهم.. وإذ بالحلم يتحول إلى كابوس.

أما أبرز الخاسرين من «الرفاق»، فهو فؤاد السنيورة. خرج الرجل «من المولد بلا حمص». مشت مياه التسميات تحت رجليه، من دون أن يتمكن من وضع إصبعه في الطبخة. صحيح أنّه لم يغادر أذن رئيس الحكومة طوال فترة المشاورات الجدية، لكن عند لحظة الحسم، عاد «خالي الوفاض».

كان من الممكن أن تكون تسمية جمال الجراح أو خالد قباني أن تسند «ظهره» في عقر دار تمام سلام. ولكن حصل ما لم يكن في الحسبان.

من بعده سمير الجسر. بروفيل هادئ، منفتح، لا يؤمن بقوة السلاح أو العضلات. كان من الممكن أن يكون هو آخر المنضمين إلى «القافلة السلامية»، لكن لعبة «المحاور» أطاحت به في اللحظة الأخيرة. كما أنّ صعود نجم «معالي اللواء» قد لا يكون إلا على حسابه، وطرابلسياً بالتحــديد، لأنه قد يكــون الحلقة الأضعف.

في العاصمة الثانية، تلوح معالم تركيبة لائحة مستقبلية جديدة للانتخابات النيابية. قد يكون لريفي دور مؤثر فيها إذا ما نجح في مهمته «العدلية» وتمكن من مراكمة حيثية شعبية في الفيحاء.. ولكن على حساب مستقبليين، وإن كانت أيضاً تدفع غيرهم للاستنفار.

حتى عكار التي يفترض أنّها خزان «المستقبل» والحديقة الخلفية لـ«الثوار»، تركت تسير على هداها، من دون أن تنال من نصيبها الحكومي.

طبعاً، كل من وُعد، أو أتاه همساً، أو تراءى له، من «الحريريين» أنّ حلم الوزراة قد يتــحقق، يــضع اليــوم يــده على خــدّه. حــرده طبيعــي ومتـــوقع، لكن لن تشهد صفوف «تيار المستقبل» أي حالات انشقاق أو تمرد أو حتى «عصيان حزبي».

السابق
هل ينبعث بن لادن في العالم الافتراضي؟
التالي
بري: “كرمال 2 أو 3 بدناش نعمل حكومة؟”