مفاجأة مقتدى الصدر: قطيعة جديدة مع السياسة

مقتدى الصدر

في قرار مفاجئ لم تعرف حيثياته بشكل واضح، وسيكون له تداعيات أكيدة على الساحة السياسية العراقية، أعلن الزعيم الديني السيد مقتدى الصدر، مساء أمس الأول، انسحابه من العمل السياسي في البلاد وإغلاق مكاتبه السياسية وحل تياره، من دون أن يتضح ما إذا كان هذا القرار مؤقتاً أو دائماً.

وقال الصدر، في بيان، “أعلن عدم تدخلي بالأمور السياسية كافة وأن لا كتلة تمثلنا بعد الآن ولا أي منصب في داخل الحكومة وخارجها ولا البرلمان”. وأضاف “أعلن إغلاق جميع المكاتب وملحقاتها وعلى كل الأصعدة الدينية والاجتماعية والسياسية وغيرها”. وأشار في سياق البيان إلى أن “من يتكلم خلاف ذلك فقد يعرض نفسه للمساءلة الشرعية والقانونية”، فيما أبقى الصدر على 19 مؤسسة، ذكرت أسماؤها، “على حالها وتحت إدارتي المباشرة أو من خلال لجنة أعينها شخصياً”.

وبرر الصدر، قراره بالقول إنه جاء “حفاظاً على سمعة آل الصدر … ومن منطلق إنهاء كل المفاسد التي وقعت أو التي من المحتمل أن تقع تحت عنوانها … ومن باب الخروج من أفكاك الساسة والسياسيين”.

وفي وقت لاحق، أصدر الصدر بياناً ثانياً أعلن فيه أن “على المؤسسات والمكاتب والمراكز التابعة لمكتب السيد الشهيد الصدر … كافة المشمولة” ببيانه السابق “الاستعداد لتصفية جميع أمورها الإدارية والمالية”.

والصدر، وهو نجل المرجع الديني الراحل محمد صادق الصدر، قرر في وقت سابق من العام الماضي “اعتكاف العمل السياسي”، احتجاجاً على ما اسماه التدهور الأمني في العراق، إلا أنه عاد بعد نحو شهرين.

ويأتي القرار قبل نحو شهرين من موعد الانتخابات التشريعية، المقررة في شهر نيسان المقبل. وسبق أن أعلنت كتلته “الأحرار” صراحة أنها تطمح التصدي لرئاسة الحكومة وقيادة البلاد، لكن موقف الصدر قلب الموازين.

وللصدر، الذي يطلق عليه لقب “حجة الإسلام والمسلمين” والذي بات يصب تركيزه في الأشهر الأخيرة على متابعة تعليمه الديني في النجف وفي إيران، 40 نائباً يمثل تياره في مجلس النواب العراقي ونائب أول لرئيس البرلمان هو قصي السهيل، إضافة إلى ستة وزراء في الحكومة العراقية، والوزارات هي: التخطيط، الاعمار والإسكان، البلديات والأشغال العامة، العمل والشؤون الاجتماعية، الموارد المائية.

وفي أولى تداعيات القرار، أعلن سبعة من نواب “كتلة الأحرار” الانسحاب من العمل البرلماني والاستقالة من الكتلة، تضامناً مع موقف الصدر.

من جهته، وفي حديث إلى “السفير”، قال القيادي في “المجلس الأعلى الإسلامي العراقي”، بزعامة عمار الحكيم، عبد الحسين عبطان إنهم “تفاجأوا من قرار الصدر”، وما زالوا ينتظرون “توضيحاً دقيقاً”.

جدير بالذكر أنه برزت في الفترة الأخيرة مؤشرات عن استعداد “التيار الصدري” و”المجلس الأعلى” تشكيل تحالف انتخابي ليشكلا جبهة منافسة لـ”ائتلاف دولة القانون” بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي، إلا أن عبطان قلل من أهمية الحديث عن هذا الموضوع، وقال “نحن لا نفكر بمبدأ المكسب والخسارة، فالساحة السياسية حقيقة بحاجة للتيار الصدري”.

من جهتهم، رفض عدد من أعضاء “ائتلاف دولة القانون” التعليق على موقف الصدر، وقالوا إنه “شأن داخلي يخص الصدر وكتلته”.

وكان للكاتب والمحلل السياسي سرمد الطائي رأي مغاير، حيث قال إنه “منذ شهور تولد شعور عام بأن الصدر يريد أن يقوم بإبعاد المكتب الديني لأسرته عن تفاصيل العمل السياسي واليومي، ولعل من الإشارات الدالة على وجود نقاش من هذا القبيل، أن أكثر من عضو بارز في فريقه قال إنّ التيار الصدري حركة مدنية لديها مرجعية أخلاقية هي أسرة الصدر، وبدا هذا منسجماً مع سياسات كثيرة اتبعها التيار، بوصفه حركة سياسية مدنية، وليست دينية بالمعنى الثيوقراطي”.

وأضاف أنّ “أي تراجع في الوضع السياسي للكتلة الصدرية سيكون خسارة للجبهة الوطنية العريضة المنادية بإصلاح المسار السياسي للبلاد، والذي يترقب محاولة تصحيح كبيرة بعد انتخابات شهر نيسان، بينما المستفيد الوحيد ستكون الأطراف السياسية التي بدأت تتعايش ولا تعترض على نهج التفرد بالقرارات والاعتماد على حلول عسكرية يمكن أن تبقي البلاد على صفيح ساخن”.

ومعروف أن للصدر جمهوراً واسعاً في الشارع العراقي، وبالتحديد في وسط البلاد وفي جنوبها، وفي حال عدم التراجع عن قراره فإنّ جزءاً واسعاً من جمهوره قد يعزف عن المشاركة في العملية السياسية.

السابق
المظاهر لا تجعل من روسيا ..الاتحاد السوفياتي
التالي
دولة يهودية… ما هذا الهراء؟