حكومة سلام: احتضان شـعبي وسـياسـي ودعم دولي

مبنى الحكومة اللبنانية

غداة تأليف الحكومة السلامية ومع دخول النائب تمام سلام السراي اليوم للمرة الاولى رئيسا للوزراء ايذانا بشروعه في ممارسة مهماته، بدت القوى السياسية تبحث عن عناصر الدعم المفترضة لانطلاقة تكفل تبديد صورة المعارك الكلامية وسحب فتيل الاحتدام السياسي الذي سبق الولادة على مدى عشرة اشهر، وهو ما عكسه بوضوح موقف الرئيس سعد الحريري وخطاب امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله المفعم بالايجابيات والذي بدا مثابة “كاسحة الغام” امام الانطلاقة الحكومية من خلال تشديده على التعاون والوفاق والتلاقي وحكومة الشراكة لحماية لبنان.

والانطلاقة الواعدة للحكومة، على رغم قصر عمرها المحدد بمئة يوم، واكبها مناخ سياسي وشعبي حاضن في الداخل ودعم دولي وعربي في الخارج من شأنه ان يساهم في انجاز مهامها المحددة، في ظل توجه لوضع بيان وزاري مقتضب يلامس العناوين والقضايا الاساسية ويكون قابلا للتحقيق، مفسحا المجال امام ثقة نيابية تبقى رهن مضمون هذا البيان على رغم ان مصادر سياسية عملت على خط التشكيل اكدت لـ”المركزية” انه كما دورت الزوايا في التأليف ستدور في البيان الوزاري، والوفاق الذي كفل تشكيل الحكومة سينسحب على صياغة هذا البيان. واكدت ان الاجواء السياسية الايجابية المخيمة على المشهد العام تؤشر الى التعجيل في انجاز البيان الوزاري وصوغه في مهلة قد لا تتجاوز الاسبوعين بمضمون سياسي يتكيف مع الواقع الحكومي متلافيا اي استفزاز او تحد واكدت ان اعلان بعبدا سيشكل اساس هذا البيان.

وفي انتظار جلسة مجلس الوزراء الاولى في الحادية عشرة قبل ظهر غد برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وبدعوة من رئيس الحكومة تمام سلام لتشكيل لجنة صوغ البيان الوزاري، قالت اوساط سياسية مطلعة لـ”المركزية” ان العناوين الرئيسية التي ستحكم مسار الحكومة الجديدة تتركز على ثلاثة تحديات:

1- مواجهة الخطر الامني المحدق بالبلاد من كل حدب وصوب. وسط تعاظم موجة الارهاب وشبح الانتحاريين والتكفيريين وتلاقي القوى السياسية على الدعوة الى مد اليد والتعاون لمواجهة هذا الخطر.

2- انجاز الاستحقاقات الدستورية وفي مقدمها انتخابات رئاسة الجمهورية التي تدخل البلاد مدارها الفعلي في 25 اذار المقبل اي بعد 36 يوما بالتمام والكمال بما يوجب بدء الاعداد لها على المستويات كافة، بعدما تحولت مهمة حكومة سلام من الاشراف على الانتخابات النيابية الى الانتخابات الرئاسية التي تبدو اكثر الاستحقاقات الداهمة في هذه المرحلة المفصلية محليا واقليميا ودوليا.

3- انعاش الاقتصاد الذي اصابته السياسة في الصميم، فتحولت الاستثمارات نحو الخارج بما يفرض على الحكومة بذل اقصى الممكن لتعزيز الوضع الاقتصادي والسعي الى اعادة الاستثمارات الى الداخل وفك العزلة العربية، لا سيما الخليجية عن لبنان، لخلق حالة ازدهار تعيد للاقتصاد اللبناني دوره الريادي.

في غضون ذلك، وبعدما ثبت ان تشكيل الحكومة جاء نتاج قرار دولي غربي وعدم ممانعة اقليمية واكبته رغبة داخلية حتمتها المخاوف الامنية من انزلاق البلاد نحو مزيد من التدهور، اعتبر مصدر مراقب ان الهجمة الدبلوماسية الغربية في اتجاه السراي لتقديم التهنئة لسلام بولادة الحكومة حيث زارها اليوم سفراء الولايات المتحدة الاميركية ديفيد هيل وبريطانيا توم فليتشر والكويت عبد العال القناعي، تعكس مدى اهتمام الغرب بتشكيل حكومة لبنان بعد ما صدر اكثر من موقف على أعلى المستويات حذر من مغبة عدم تشكيل الحكومة خشية “عرقنة” لبنان كان آخرها للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند خلال القمة الاميركية – الفرنسية في البيت الابيض، وقد بادر هولاند فور اعلان مراسيم تشكيل الحكومة الى الاتصال بسليمان مهنئا، ولاحظ المصدر ان القيادات السياسية استفادت في اللحظة الدولية المناسبة ووظفتها للتأسيس لمرحلة جديدة تكفل قطع الطريق على الفراغ الرئاسي وتواكب التطورات، وتوجب البناء عليها واستثمارها لتحصيل اكبر قدر من الايجابية لمواكبة مرحلة الحلول السلمية والتحولات المفصلية المقبلة على المنطقة والتي تهيئ لها المؤتمرات والاتفاقات الدولية.

ونقل المصدر عن مصادر قريبة من الرئيس سلام عزمه وحرصه خلال فترة المئة يوم على اقرار قانون انتخاب تمهيدا لاجراء الانتخابات النيابية بعد انجاز الاستحقاق الرئاسي، الذي توقع المصدر ان يكون تشكيل الحكومة شكل اول الخطوات في اتجاهه بعدما ثبت التزام اللبنانيين بالمهل الدستورية.

السابق
الخليج: البيان الوزاري سيركز على اعلان بعبدا والإسـتراتيجية الدفاعية
التالي
بهية الحريري: صمود ابناء صيدا وتضحياتهم هي التي اثمرت تحريرها عام 1985