هل خسر حزب الله معركة تشكيل الحكومة؟

صحيح ان الحزب قد حقق "مشاركة" له في حكومة كان الطرف الآخر قد رفع شعار عزله عنها. فيطرح هنا السؤال الكبير: هل هذه المشاركة صارت تعتبر بالنسبة إلى أقوى حزب على الساحة اللبنانية إنجازا بحد ذاته تستأهل لاجله كل هذه التضحيات؟

… وبعد اعلان تشكيلة حكومة “دولة” الرئيس تمام سلام، وبنظرة سريعة على الأسماء وعلى خريطة توزيع الحقائب فيها، نستطيع الاستنتاج البديهي ان المضحي الأكبر في عملية الولادة هو حزب الله. تضحية يمكن تصنيفها في خانة الخسارة اذا ما كانت قد فرضت عليه ولم تكن نتاج قناعة ذاتية. وتظهر جلية ليس من خلال حجم تمثيل الحزب او نوعية الحقائب التي أسندت اليه، فهذا الامر ليس ذي أهمية عنده، ولم يكن، طيلة فترة تشكيل الحكومات التي شارك فيها بعد الانسحاب السوري من لبنان. لانه لطالما اعتمد سياسة الاكتفاء بالتمثيل الرمزي ان من خلال عدد وزرائه الحزبيين او من خلال حيثية حجم الحقائب التي تسند اليه. لانه كان يعمد الى التعويض عن هذا النقص المتعمد من خلال حلفائه والإصرار الدائم على الإمساك بالقرار الحكومي وإمكانية التعطيل عبرهم، او التحكم بالوزارات الحساسة متخفيّا خلفهم.

هذه القاعدة المعتمدة قد خسرها اليوم في التشكيلة الجديدة. فأن تسند مثلا وزارة العدل، في زمن انطلاق اعمال المحكمة الدولية التي يعتبر أنها أنشأت فقط لاستهدافه، الى شخصية “استفزازية” كاللواء اشرف ريفي، الموصوف في اعلام الحزب انه أحد قادة المحاور ومن أشرس الخصوم الحقيقيين.. هذا أمر يعتبر في غاية الغرابة. وهذا أيضا يسري على وزارتي الداخلية والاتصالات بعد إسنادهما الى كل من نهاد المشنوق(العميل الأميركي معروف السعر)، وبطرس حرب(الشهيد الحي).

صحيح ان الحزب قد حقق “مشاركة” له في حكومة كان الطرف الآخر قد رفع شعار عزله عنها. فيطرح هنا السؤال الكبير: هل هذه المشاركة صارت تعتبر بالنسبة إلى أقوى حزب على الساحة اللبنانية إنجاز بحد ذاته يستأهل كل هذه التضحيات؟

ليبرز هنا أيضا سؤال آخر لا يقل أهمية عن الاول ويُشكّل جوابا مفترضا على السؤال الأول: كيف سيتصرف حزب الله “الخاسر” في التشكيل امام ما ينتظر هذه الحكومة من عقبات قبل وصولها الى المجلس النيابي من أجل نيل الثقة التي بها يكتمل ما تسمى عملية الولادة القانونية.

والانظار هنا الى البيان الوزاري ومضامينه: هل سيعتمد الحزب سياسة التشدد هناك للتعويض على ما خسره هنا؟ هذا ما اتوقعه وهذا ما سوف نعرفه في الآتي من الأيام.

على كل تقدير فإن إصدار مراسيم حكومة سلام فيه الكثير من الإيجابيات التي قد تؤشر إلى مرحلة جديدة، أقله من خلال انزياح قسم كبير من كابوس الفراغ الرئاسي. وعليه لا بد من تسجيل تهنئة خاصة إلى دولة الرئيس تمام سلام الذي استطاع بصبره الأيوبي أن يدخل أخيرا إلى نادي رؤساء الحكومات.

السابق
جمهور الممانعة مذهولاً: أشرف ريفي وزيراً للعدالة!
التالي
الجيش يفرج عن مريم ر. وخديجة ع. اللتين تم توقيفهما في سيارة اللبوة المفخخة