النبطية تودع أبو العز

حسان وهبي

في عز «الحركة الوطنية اللبنانية» قبيل الحرب الأهلية، كان حسني حسن وهبي «أبو العز»، واحداً من رواد «منظمة العمل الشيوعي» في الجنوب وتحديداً في النبطية، وأحد المناضلين مع رفيقيه فؤاد المقدم والشهيد حسن بدر الدين. وقد شارك الثلاثة في انتفاضة مزارعي التبغ في الجنوب في العام 1970واعتقلوا، واتهموا بقتل المزارعين حسن حايك وعلي أيوب، وزجّ بهم في سجن الرمل في بيروت، وحوكموا بموجب المادة 549 التي تنص على الإعدام، لكن التظاهرة المركزية التي قادها الشهيد كمال جنبلاط في بيروت انتصاراً لمزارعي التبغ في ذلك الحين أفضت إلى حبسهم 23 يوماً قبل أن تحكم المحكمة العسكرية بإخلاء سبيلهم.
وقد اعتقل الرفاق الثلاثة مرات عدة مع رفيقيهم المناضلين موسى شعيب وظافر المقدم على خلفية قيادتهم للتظاهرات الطلابية في «ثانوية حسن كامل الصباح الرسمية»، احتجاجاً على العلامة اللاغية في الإمتحانات المدرسية والنهائية والمناهج التربوية، في منتصف الستينيات وحتى أواخر السبعينيات، وتضامناً مع القضايا الوطنية والقومية والمطلبية، وانتصاراً للثورة الفلسطينية التي شاركها أبو العــز وظافر المقدم معارك أيلول الأسود في الأردن في العام 1970.
إبان الإحتلال الإسرائيلي للجنوب كان لأبي العز بين عامي 1982 و1985 دور بارز في رصد المتعاملين مع ميليشيات سعد حداد وأنطوان لحد، إلى أن ألقي القبض عليه من جانب عناصر هذه الميليشيات، وتعرض لتعذيب شديد قبل أن يرموا به في منطقة مخيم النبطية للاجئين الفلسطينيين، ظناً منهم أنه قد مات، لكنه نجا من الموت بأعجوبة.
وفي أواخر العام 1985 سافر أبو العز إلى نيجيريا للعمل، وكان يمكث فترات طويلة في الإغتراب ثم يعود لزيارة أهله وأصدقائه ورفاقه، وقبيل وفاته بيوم واحد حضر من نيجيريا إلى لبنان لكي يعالج من بحة في حلقومه، لكنّه عند الرابعة من فجر اليوم الثاني فاجأته ذبحة قلبية أدت إلى وفاته.
كان أبو العز يأمل أن يعالج من بحة الحلق قبل أن يعود إلى نيجيريا، لكن قدره كان أن يموت بالذبحة القلبية، فكان أن تكحلت عيون أهله برؤيته للمرة الأخيرة بعد غياب أكثر من عشر سنوات متواصلة، لتبقى ذكراه ونضالاته محفورة في قلوبهم مدى السنين.

السابق
قناديل البحر تنتحر
التالي
الجمهورية: اسم وزير الدفاع لن يعلن عنه قبل صدور المراسيم النهائية