أيّها الشيعة: هكذا نقضي على التكفيريين

التكفيريين
على "الشيعة" ان يفهموا جيدا ان لا مجال للتشاطر على احد في هذه المرحلة الحساسة والخطرة. وبأن يعوا ان خياراتهم المذهبية انما تشكل الرافد الأقوى في استدراج الاجرام الى احضانهم، وان الحل لا يكون عبر جرّ اللبنانيين كلّهم الى الامام ليكونوا معهم، بل العكس تماما هو الصحيح، فعلى الشيعة الاستدارة الى الخلف من اجل التمترس وراء اللبنانيين جميعهم لتشكيل حاضنة وطنية صلبة.

ما عادت لتنفع المكابرة، او حتى الاختباء خلف الخطابات الشعاراتية، وليس المجال الآن للكلام عن المسؤوليات او الأسباب والمسببات. تكفي جولة واحدة في الضاحية الجنوبية او الهرمل او النبطية كي تتلمس حالة الخطر المحدق التي خلفتها التفجيرات الانتحارية، وثقل الرعب الذي يعيشه الناس في هذه المناطق وانعكاساته حتما على تفاصيل حياتهم كلّها (اجتماعية، اقتصادية، نفسية..).

وهذا ليس ناتجا عن ضعف في إمكانيات “حزب الله”، المستهدف بهذه الاعمال، بل يخبرنا الواقع يخبرنا انّ الحزب، رغم كلّ ما يمتلك من إمكانيات، ليس مجهزا، لا هو ولا جمهوره ولا مناطق نفوذه، للتصدي لهذا النوع من الهجمات. تلك التي لا تجدي معها اعلى مستويات التدريب العسكري التي يتمتع بها مقاتلو الحزب، ولا ارفع التجهيزات الحربية، وطبعا لا تنفع اعداد الصواريخ وحجمها وفعاليتها التدميرية بردع انتحاري مستعد لتفجير نفسه بين مدنيين وفي الازقة والشوارع.

اننا اذا امام عدو جديد من نوع آخر لا يجدى معه التهديد والوعيد بمنطق القوة. ما يستوجب على حزب الله أولا، ومن خلفه جمهوره ثانيا، وعموم الشيعة ثالثا، التفكير الملح في اعتماد طريق آخر وأسلوب جديد لحماية انفسهم ولمواجهة واقع فرضه علينا من فرضه.

فإذا سلمنا انّ الخلفية “الثقافية”، ان صحّ القول، التي تدفع بهذا الانتحاري الجاهل للاقدام على ما يقدم عليه من فعل اجرامي تُتختَصَر بالشحن المذهبي والطائفي الذي جعل من “الشيعة” أعداء تاريخيين حتميين. فلا بدّ من التذكير بأنهم، الشيعة، قد ساهموا هم انفسهم، للأسف، بتعزيز هذا الشعور بالعداوة عنده عبر استحضارهم الشعارات المذهبية كتبرير حربهم الى جانب بشار الأسد (المقام، رفع راية الامام الحسين في القصير..).

لذا، وبعد كلّ هذا، فإنّه من السذاجة بمكان تلك المحاولات الفاشلة التي يقوم بها جهاز الدعاية عند الحزب بتقديم ذاك الانتحاري على انه عدو لكل لبنان واللبنانيين. على الأقل خلال هذه المرحلة. فهذه المحاولات لم تلق أي صدى يذكر. حتّى بعد التفجير الذي حصل بالشويفات وما رافقه من سعي فارغ عبر القول ان المناطق اللبنانية كلها مستهدفة، لأنّ الشويفات ليست منطقة شيعية! وبالتالي فهذا المنطق يفرض على اللبنانيين جميعا، بمذاهبهم واديانهم ومناطقهم المختلفة، بحسب حزب الله، ان يتحولوا الى شركاء له في التصدي للانتحاري. وهذا المنطق ساقط حتما لان الجميع يدرك ان المستهدف هي مناطق نفوذ الحزب حصرا.

ومن هنا فعلى “الشيعة” ان يفهموا جيدا ان لا مجال للتشاطر على احد في هذه المرحلة الحساسة والخطرة. وبأن يعوا ان خياراتهم المذهبية انما تشكل الرافد الأقوى لاستدراج الارهاب الى احضانهم، وان الحل لا يكون عبر جرّ اللبنانيين كلّهم الى الامام ليكونوا معهم، بل العكس تماما هو الصحيح، فعلى الشيعة الاستدارة الى الخلف من اجل التمترس وراء اللبنانيين جميعهم لتشكيل حاضنة وطنية صلبة. وهذا لا يمكن ان يوفروها لانفسهم الا عبر الإقلاع عن لغتهم المذهبية واعتماد لغة جديدة قوامها وعمادها المنطلقات الوطنية اللبنانية ليغدو من خلالها مواطنين لبنانيين قبل ان يكونوا شيعة يصدف انّهم يعيشون في لبنان! فيتحول تشيّعهم بعد ذلك الى خيارات فردية متأخرة عن خياراتهم الوطنية (الشيعة الاتراك مثلا). وهذا ما كان يدعو اليه الراحل الامام شمس الدين. كان يدعو الشيعة الى الذوبان في مجتمعاتهم الوطني. اذ لا يمكن تجفيف منابع التخلف المذهبي الا عبر السباحة في بحر الوطن، وبهذا فقط يمكن القضاء على التكفيريين .

السابق
الفايسبوك ينسينا أنّ الحياة في مكان آخر!
التالي
منطقة البركسات: فلسطينيون ولبنانيون والهمّ يجمعهم