«حزب الله» و«التيار»: 8 سنوات على التحالف.. تباينات ولا طلاق

ثماني سنوات، بحلوِها ومرّها، مرّت على ذكرى توقيع «تفاهم مار مخايل». حليفا «السنوات العجاف» بقيا على «عهد الشراكة»، ولكن أموراً كثيرة تغيّرت بعد تلك اللحظة التي أمسك فيها «السيّد» و«الجنرال» بالقلم لتذييل «التفاهم» بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحرّ» بتوقيعهما.
في هذا العام، لن يوزّع «مسؤولو التفاهم» ابتساماتهم وهم يطفئون الشمعة الثامنة من عمر تحالفهم، فالمطبّات التي مرّوا بها خلال الفترة السابقة، لا تعدّ ولا تحصى. من «القانون الأرثوذكسي» إلى التمديد لمجلس النوّاب وحتى الأزمة السورية، وصولاً إلى تشكيل حكومة الرئيس تمّام سلام والكلام عن «تحالف رباعي» جديد.. كلّ هذه المحطّات كادت أن «تقبض على روح» التفاهم.
يقرّ الطرفان بهذا الأمر، ولكنهما يؤكّدان في المقابل أن هذه «التباينات الطبيعيّة» لم تصل يوماً إلى حدّ الشرخ، بل «كنّا نعود إلى التواصل لنخرج بقرار منسجم مع موقفينا». صحيح أن اجتماعات القيادتين قليلة، والإجراءات الأمنيّة بعد حرب تموز قد أفضت إلى تقليص عدد الاجتماعات المعلنة للتواصل حول آخر التطوّرات بين الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله ورئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، إلا أن مصادر «الحزب» تؤكّد أنه حصل أكثر من اجتماع بعيداً من الإعلام بين «السيّد» و«الجنرال» خلال الفترة القليلة الماضية.
ومع ذلك، يشير الطرفان إلى أن التواصل المستمرّ على مستوى المسؤولين من الجهتين، كان له فضل كبير في «إنعاش» التفاهم وردم الثغرات حتى تبقى أرضيّة التحالف صلبة.

ترقية التفاهم
بـ«نجوم التحالف»

«حزب الله» و«العونيون» لا يرتضون «جلد المذكّرة» ولو أنهما كانا يتوقّعان منها أهدافا أكبر. ومع ذلك، يبدو أن «الحزب» راض على «التفاهم» أكثر مما يبدو عليه «العونيون»، إذ أن الطرف الأوّل يعتبر أنّ الظروف الاستثنائية التي مرّت بها المنطقة حتّمت عدم الانتقال بالوثيقة إلى مرحلة جديدة.. في عيون «الحزب العسكري»، لم تعد «مذكرّة التفاهم» كذلك، بل رُقّيَت لتحمل اليوم «نجوم التحالف». يقول عضو المكتب السياسي في «حزب الله» غالب ابو زينب لـ«السفير»: «التفاهم هو أساسي واستراتيجي وضروري وجزء من الصيغة اللبنانية».
هذا أيضاً ما يشدّد عليه النائب آلان عون لـ«السفير» أيضاً، إذ يلفت الانتباه إلى أنّ المذكرة أفضت إلى خلق توازن سياسي. يفلش عضو «تكتّل التغيير والإصلاح» المذكرة على «طاولة التقييم»، ليؤكّد أنه من حيث المضمون فالمبادئ التي اتفقنا فيها مع «حزب الله» لا تتغيّر عبر السنوات، وإنما هي ثابتة.
يقف عون مطولاً عند بند «السلاح» الذي نصت عليه المذكّرة آنذاك. لا يحمل عتباً ظاهراً على «حزب الله» لكنه يقول: «لم تستطع طاولات الحوار التي عقدت خلال السنوات الماضية أن تؤدي إلى الاتفاق على استراتيجيّة دفاعيّة تُخرج موضوع سلاح الحزب من النقاش الدائر».

نكسة «القانون الأرثوذكسي»
والتمديد لمجلس النواب

يقلّب «العونيون» في صفحات «عمر وثيقة التفاهم»، «يغصّون» بأن «الحزب» لم يستطع أن يجاريهم في إقرار «الأرثوذكسي» أو منع التمديد لمجلس النوّاب أو الطعن المقدّم إلى مجلس شورى الدولة.
هذه الغصة تكاد تمحى اليوم مع تشكيل هذه الحكومة، إذ بالرغم من إقرارهم بأن «حزب الله» تسرّع بالاتفاق مع الفرقاء الآخرين على موضوع المداورة في الحقائب، إلا أنهم تنفسوا الصعداء بعد أن عاود حليفهم اتّخاذ موقف ينسجم مع موقفهم.
في حين أنّ «العونيين» يعلمون أن موضوع رئاسة الجمهورية قد يعيد «صلب» وثيقة مار مخايل. في الوقت الحالي، لا يريد «الحزب» أو «التيار» حرق المراحل لابتداع تباينات جديدة لم يدنُ أجلها.
العتب الذي يبديه صقور «التيار»، بطريقة غير مباشرة على «حزب الله»، لا يمكن العثور عليه في مصطلحات «الضاحية». هؤلاء لا يتوقفون عند موقف «العونيين» من الدخول على خطّ الأزمة السوريّة، يتفهّمون الإحراج في الشارع المسيحيّ من الانخراط في الحرب السورية، تماماً مثلما يتفهّمون وجهة نظر «الجنرال» في هذا الشأن.
أداء عون ومعالجته للكثير من المسائل السياسية أيضاً، لا تضير «حزب الله». يؤكّد غالب أبو زينب أنه «لا يمكن الفصل بين الأداء والظروف، فالأداء لا يكون بالضرورة نابعا من قناعة تامّة، وإنما قد يكون أفضل الممكن أو تفرضه الظروف، فكيف إذا كان الحال كما هو اليوم». ويلفت الانتباه إلى «أنّنا فريقان ولسنا فريقاً واحداً، وبالتالي فإن المقاربات المختلفة لهذا الملف أو ذاك لا تعني أن يؤدي ذلك إلى تفكّك أو انفراط عقد التحالف»، معتبراً أنّه «بعد كلّ هذه الفترة لا يمكن أن يهتزّ البنيان الصلب الذي عملنا على تمتينه طوال هذه الفترة».

براغماتية عونية
بانفتاح على آخرين

في المقابل، يبدو «العونيون» أكثر براغماتية بالنظر إلى «مذكرة التفاهم»، من حليفهم. يشير آلان عون إلى ضرورة عقد جلسات «يكون هدفها إعادة تقييم العلاقة بشكل مرحلي، وذلك لا يعني أبداً قطع العلاقة وإنما العمل على نقاط القوة والضعف»، مذكراً أن مثل هذه الجلسات مع «حزب الله» قد عقدت بعد التمديد لمجلس النواب.
يعرف مسؤولو «التيار» أن «التفاهم مع الحزب» أنتج الكثير من الإيجابيات وأبعد الصدامات. وبالتالي التحدّي بالنسبة لهم، هو كيفيّة استنساخ «وثيقة تفاهم» جديدة مع فريق جديد على غرار الاتفاق مع «حزب الله». يقول عون: «نحن بدأنا مع تيار المستقبل وسائر الأفرقاء، ونسعى إلى زيادة مساحات التفاهم والقواسم المشتركة لإبعاد الصدامات»، معتبراً أن «هذه الاتفاقات، إن حصلت، لن تؤثر على مستوى العلاقة مع حزب الله، فنحن متفاهمون منذ البدء على هذا الهدف».
في المحصلة، يعتبر الطرفان أن تحالفهما ذات الثمانية أعوام يكاد يكون «مارونياً»، و«يختلف عن كلّ الاتفاقيات الظرفيّة التي اعتدنا عليها والتي ينفرط عقدها عند أي تباين»، ليخلصا إلى أنه بالرغم من كلّ الكلام الذي يقال في الأوساط السياسية، فـ«لا طلاق بيننا.. في المدى المنظور».

السابق
ما لا تقوله المذكرة البطريركية
التالي
هل يمهّد سلام للحريري؟