حراسة الجليد… وصناعة الإرهاب !

لن يذوب شيء من جليد “جنيف ٢” في عشرة ايام، لهذا يعود الوفدان السوريان الاثنين المقبل الى جولة جديدة من التراشق بالاتهامات التي سبق ان فضحت النظام وعرّته في الجولة الاولى عندما بيّنت انه يريد تحريف “جنيف ١” وإسقاط مسألة الانتقال السياسي ليحلّ مكانها موضوع محاربة الارهاب، طالباً تكليفه مع حلفائه القيام بهذه “المهمة الجليلة”!

الاخضر الابرهيمي لن يتقدم ما لم تسعفه الديبلوماسية السرية التي يفترض ان تنشط مدعومة مثلاً بمحادثات القمة بين باراك اوباما وفلاديمير بوتين في سوتشي، التي ستجري قبل ثلاثة ايام من عودة الوفدين الى “المحادثات”. لكن قياساً بالقمة الهاتفية بينهما عشية “جنيف ٢” والتي لم تحل اي عقدة، ليس من المتوقع ان نشهد تغييراً في المواقف، فالنظام يزداد تصلباً انطلاقاً من تحسّن في وضعه الميداني، والمعارضة تزداد تمسكاً بموقفها من الانتقال السياسي، انطلاقاً من فشل النظام وانكشافه ليس كصانع لوحش الارهاب فحسب، كما يقول جون كيري، بل كمتعاون معه ميدانياً ومالياً !
ليس في وسع الابرهيمي ان يفعل شيئاً سوى حراسة الجليد الذي تحدث عنه. اما الروس الذين يغيظهم تلاعب الاميركيين في عقر دارهم (اوكرانيا) فلن يقدموا اي مساعدة، وهكذا عندما يناشدهم الاميركيون مثلاً الضغط على الاسد كي لا يترشّح للانتخابات يضحكون ويضاعفون من تدفق الاسلحة المتطورة اليه، وآخرها وصل تزامناً مع انعقاد “جنيف ٢”، في حين يتبيّن تكراراً ان الحديث الاميركي عن تقديم اسلحة غير فتّاكة الى المعارضة هو مجرد أكاذيب!
أكثر من ذلك، تتهم موسكو المعارضة بعرقلة وصول المساعدات الانسانية الى حمص القديمة مثلاً، ولا تتردد في البحث عن أعذار للنظام الذي لم يسلّم ترسانته الكيميائية وفق الروزنامة المتفق عليها، لكل هذا تبدو المراهنة على قمة سوتشي خاسرة سلفاً، بما يعني ان مسلسل جنيف سيطول كثيراً وهو ما يذكّرنا مثلاً بمسلسل محادثات لوزان وجنيف وتونس والكويت بين اللبنانيين، التي أفشلها دائماً تدخل سوريا السافر وانتهت باتفاق الطائف، الذي عكس توافقاً اقليمياً ودولياً في حينه!
وأهم من يظن ان مؤتمر جنيف يمكن ان يصنع حلاً. الحل في سوريا يتطلب مجموعة حلول وتوافقات اقليمية ودولية، لأن هناك مصالح وتدخلات كثيرة تتقاطع داخل الازمة المعقدة، وخصوصاً بعدما أفشلت موسكو كل الحلول وتغاضت اميركا عن شلالات الدم والمآسي المرعبة، ولكأنهما تعمّدا تحويل سوريا مصيدة للنظام وحلفائه المتورطين معه في القتال وللارهابيين المتقاطرين الى الميدان … لذا قد نشهد الاثنين المقبل جولة جديدة من التراشق بالاتهامات، التي كشفت ان النظام يريد ترهيب العالم بوحش الارهاب الذي صنعه ببراعة!

السابق
جنبلاط سيقف الى جانب المكوّن الشيعي
التالي
البحث عن أحمد أبو عدس بفرشاة الأسنان