بالضاحية بعض الأمان.. وجبل عامل الأكثر أمانا

كانت الضاحية مكانا آمنا للكثيرين، باتت خطرا هذه الأيام. كان رجال حزب الله فيها مصدر حمايتها من أي تفجير قد يصيبها. صاروا عرضة لأعمال هجومية. ربما لأول مرة قد يشعر ابن الضاحية أن "رجال الله" أمام تحدٍّ كبير، أكبر من تحدي تموز 2006. في حرب تموز كان العدو واحد، مصدره فلسطين المحتلة. كانت حربا يخوضونها في أماكن معينة، باتوا الآن يخوضون حروبا كثيرة، منها تأمين الأمان لشعبهم.

الموت في وطني صار تتابعيا. الكل معرّض لأن يكون شهيد التفجير التالي، أو أحد أهل الضحايا. صارت الحياة منّة من الصدف أو الأقدار. ألا تكون متواجدا ساعة التفجير في المكان الذي احترق نعمة كبرى: “كتب لك الله عمرا جديدا”، يقولون.

كنّا نتألم لحال العراق. نقول: “كيف يعيش العراقيون، كل ساعة تفجير”. صرنا نشاركهم المأساة عينها. ما زال ثمة فارق بسيط، أنّ أمن بلادنا اكثر اتّزانا ربّما. ما زلنا نشعر ببعض الأمان. البعض فقط.

 كانت الضاحية مكانا آمنا للكثيرين، باتت خطرا هذه الأيام. كان رجال حزب الله فيها مصدر حمايتها من أي تفجير قد يصيبها. صاروا عرضة لأعمال هجومية. ربما لأول مرة قد يشعر ابن الضاحية أن “رجال الله” أمام تحدٍّ كبير، أكبر من تحدي تموز 2006. في حرب تموز كان العدو واحد، مصدره فلسطين المحتلة. كانت حربا يخوضونها في أماكن معينة، باتوا الآن يخوضون حروبا كثيرة، منها تأمين الأمان لشعبهم.

باتت أيامنا مفتوحة على احتمالات عديدة، بل وعلى صفحات التاريخ والأحاديث الدينية التي تحاول أن نستمد منها بعض الأخبار. الكل عاجز اليوم عن زرع الطمأنينة في النفوس. لا دين للتكفيريين، لا شيء قد يثنيهم عن “تناول الغداء مع الرسول!”. لم يعد الأمر حصرا بسيارات مفخخة. هنا تكمن المعضلة!

حتى كتب التاريخ ليست مصدرا للإطمئنان: “هذه علامات آخر الزمان. ما زلنا في أول الطريق”. عبارة يتناولها الجميع. مصدرها خطب كثيرة للرسول محمد (ص) وللإمام علي (ع). بغضّ النظر عن صحة الأحاديث أو المصادر أو دقة ما ينقل وعدم تجرده من “بهارات” الخوف والسياسة: “جبل عامل ستصبح المنطقة الوحيدة الآمنة”.. هذا لسان حال الجميع. عبارة تصوّر الخوف الذي قد يصبح واقعا، أو ربما أصبح.

لكنّ ما يميّز أهل الضاحية والجنوبيين وشعب المقاومة أمر واحد لا يتغير. يتعاطون مع الموت وكأنه لحن أيام لا بدّ أن تُعاش. حقيقة تفسرها عبارة جديدة دخلت قاموسهم الى جانب: “فدا صرماية السيد حسن”، تزامنا مع قرار حزب الله قتال الجماعات التكفيرية في سوريا: “لبّيك يا زينب”.

السابق
المشروع الوطني وحده يهزم ‘الإنتحاري’
التالي
المرأة في خطاب السلفيين: عورة وجنس