الاستحقاق الرئاسي يضغط على المشاورات

لا تنفك المواقف الدولية تؤكد في كل مناسبة لازمة الاستقرار في لبنان، والعمل بكل السبل لإبقائه بمنأى عن التطورات المحيطة، ومن هذه الزاوية يواكب ويقارب الموفدون والسفراء الغربيون ملف تأليف الحكومة اللبنانية بأمل أن تبصر النور في القريب العاجل وبلا المزيد من الإبطاء.
والسفراء الأجانب المعتمدون في بيروت واقعون في حيرة. ويقولون “ان الرئيس تمام سلام كان لديه تقريبا وعد من قوى 8 آذار باعتماد المداورة وفق صيغة الثمانيات الثلاث، طبقت المداورة وأعطي رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون حقيبة سيادية واخرى خدماتية، إلا أن الاتفاق لم يتوّج بعد بتأليف الحكومة، وهذه النقطة التي لا نفهمها بعد”.
والنقطة الثانية الأهم التي يتناولها السفراء “ان هناك اتفاقا روسياً – أميركياً – بريطانياً – فرنسياً بأن يكون هناك حكومة واستقرار في لبنان، وعبّروا عن ذلك في بيانات متكررة لمجموعة الدعم الدولية، وكان يقال ليس هناك دعم إقليمي كاف لتأليف الحكومة، إلا انه جرى تحرك نوعي على هذا الصعيد باتجاهين:
الأول، نحو السعودية التي زارها ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي، ثم السفير الأميركي في بيروت دايفيد هيل.
الثاني، نحو إيران التي زارها مدير قسم الشرق الاوسط في وزارة الخارجية الفرنسية الكس لوكور غران ميزان.
وأخذنا من طهران والرياض مواقف تدعم تأليف الحكومة والاستقرار في لبنان، وبالتالي يجب أن يؤدي ذلك الى ولادة الحكومة”.
وفي هذا الإطار يقول مصدر واسع الاطلاع “إن ما جرى على المستوى الإقليمي بين السعودية وإيران من خلال الحراك الدولي الديبلوماسي من خلال واشنطن وباريس والأمم المتحدة، ليس اتفاقاً بقوة اتفاق الدوحة الذي تمكّن من إخراج العماد ميشال عون من السباق الى الرئاسة عبر الاتفاق على اسم وحيد هو الرئيس العماد ميشال سليمان، والسؤال الذي يطرح اليوم: هل الاتفاق الإقليمي يتمتع بقوة بما فيه الكفاية لكي لا يستقيل حزب الله من الحكومة اذا خرج منها عون؟ هناك في الداخل اللبناني من يعتقد أن الحزب لن يستقيل، لأنه اذا أقدم على خطوة كهذه يكون لا يقرأ جيدا الرغبة الدولية – الإقليمية بتأليف الحكومة. وبالتالي هل يذهب رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والرئيس المكلف تمام سلام الى تجربة عملانية على أرض الواقع ويعمدان الى إصدار مرسوم تأليف الحكومة الجديدة ليريا ماذا سيحصل؟”.
يضيف المصدر: “ان الإيجابيات، استنادا الى الرأي السائد، أن حزب الله لن ينسحب من الحكومة، والسلبيات انه إذا انسحب الحزب وتضامنت معه حركة أمل فستكون نكسة كبيرة. أما اذا استمر بري والمردة والطاشناق واقتصر الانسحاب على عون والحزب، خصوصا أن التيار الوطني الحر أعطي حقيبة سيادية، الأمر الذي يحرج حلفاءه، فيعني أن الأمور تصبح عند الحد الفاصل. أما الخطورة فهي اذا استقال وزراء جنبلاط تضامناً مع الثنائي الشيعي. والسؤال الآخر الذي يطرح: هل تنسحب القوات اللبنانية من الحكومة؟ الأرجح أنها لن تنسحب إذا انسحب الحزب، لأن شرطها بالمشاركة يكون قد تحقق تلقائياً، فاللعبة دقيقة جدا”.
ويوضح المصدر “ان المجتمع الدولي مع تأليف الحكومة الجامعة والخشية لديه هو ما تسرب من معطيات أنه إذا انسحب حزب الله وعون من الحكومة فإن الرئيس سلام سيستقيل، وكثيرون يشككون بالنيات. ولكن أحد السفراء الغربيين يقول إن حزب الله يعرف هذه الأمور منذ البداية، فهل أخطأ عندما أعطى وعودا للرئيس سلام؟ ام انه لم يدخل في حساباته ان عون سيكون متصلبا على أبواب الاستحقاق الرئاسي؟”.
ويسأل المصدر “هل هناك ضغط إيراني باتجاه تأليف الحكومة في لبنان وكذلك الأمر بالنسبة للسعودية ام ان ذلك ما زال ضعيفا؟ وما هو مستوى التفاهم الإقليمي، وهل هناك تفاهم فعلي؟ كل الإجابات عن هذه الأسئلة غير ثابتة، خصوصا ان أي قطع مع عون ماذا سيقابله؟ وهذا غير واضح ما دام الوضع الاقليمي المتفجر لم يذهب بعد الى الحل السياسي، والمنطق العوني يقول: اذا تخليتم عنّا في الحكومة فستتخلون عنّا في الرئاسة، وبالتالي من حقنا أن نعرف توجهات حلفائنا منذ بداية الطريق”.
اذاً، الحكومة واقعة تحت اختبار النيات ومكنونات الصدور بين الحلفاء ـنفسهم قبل أن تكون بين الحلفاء والخصوم السياسيين، والذي زاد ملف تأليف الحكومة صعوبة تقاربه مع الاستحقاق الرئاسي، بحيث صار كل شيء يُقرأ من القاموس الرئاسي الذي يختزن طموحات، قديمة ومتجددة، لا يسلم منها أحد ضمن التركيبة السياسية التي تضم التناقضات اللبنانية المنقسمة داخليا وإقليميا ودوليا، وتنتظر معجزة من عيار “الحوار الوطني لإعادة وصل من انقطع، ورسم معالم المرحلة المقبلة المليئة بالتحديات والتعقيدات”.

السابق
البحث عن أحمد أبو عدس بفرشاة الأسنان
التالي
نعم… لمؤتمر تأسيسيّ