رفض ذكوري للكوتا النسائية.. وتردد نسوي

رغم أنّ الدستور اللبناني أكد أن المواطنين اللبنانيين، نساء ورجالا، متساوون أمام القانون، وأن القوانين المرعية الاجراء لم تميز بينهما، إلا أن الذهنية الثقافية السائدة، والموروث الثقافي، يرفضان أن تلعب المرأة دوراً اساسياً في الحياة العامة. ويحاولان حصر دورها في المجالات الاجتماعية والثقافية، ويرفضان وصولها إلى مواقع القرار السياسي والوطني.

 أجرى “مركز الشراكة للتنمية والديمقراطية” أجرى استطلاع رأي حول مشاركة المرأة في الشأن العام، طال مختلف المناطق والطوائف وتناول عينة عشوائية، وتوصل إلى خلاصة تقدمها مديرة المركز لينا علم الدين قائلة :”من خلال الاستطلاع، استمعنا إلى رأي جمهور شكّل أقلية، جمهور مثقف حدد القضية باكتساب الكفاءة والقدرة على تبوء المراكز الأساسية، وربط موقفه من مشاركة المرأة بقدرتها على القيادة في المواقع التخطيطية والتنفيذية، في حين أن أكثرية العينة التي وصل إليها الاستطلاع كانت جمهوراً متمسكاً بالذهنية الذكورية والتعصب للصورة النمطية للدور الاجتماعي للمرأة. ورأى أن مكانها الطبيعي هو البيت، وأن عملها اذا مارسته هو لمساعدة الرجل في مصاريف المعيشة وقد رفض هذا الجمهور وصول المرأة إلى مراكز القرار، خصوصاً السياسي”.

من جهة أخرى نظمت “شؤون جنوبية” سلسلة حلقات نقاش حول الكوتا النسائية بصفتها تمييزاً إيجابياً مؤقتاً يفتح الباب أمام المرأة للوصول إلى مواقع القرار السياسي.

تقول الناشطة في “شؤون جنوبية” ندى أيوب: “برزت في خلال الحلقات آراء كثيرة خصوصاً بين الرجال، ترفض اعطاء المرأة تمييزاً ايجابياً تحت عنوان الكوتا النسائية، بحجة أن القانون لا يمنعها من الترشح ولعب دور أساسي، لكن المشكلة تكمن بالنساء أنفسهن، ويخفي هذا الموقف المعلن موقفاً آخر يرفض مشاركة المرأة في المواقع التقريرية”.

وتضيف أيوب :”ووصل الأمر في احدى الحلقات إلى أن قال أحد المشاركين، “أن الشرع الاسلامي يمنع أن تتولى المرأة القيادة”. أما معظم النساء المشاركات فأشرن إلى ضرورة، أن تعمل النساء على تمكين أنفسهن، وعلى تحويل قضاياهن إلى قضايا المجتمع بأكمله. وقد أيدت معظم المشاركات مطلب الكوتا كتمييز ايجابي بحق المرأة”.

وحول الكوتا توضح علم الدين: “بموجب الكوتا تخصص حصة محددة للمرأة، في الاحزاب والمجالس التشريعية والتنفيذية. صحيح أن الكوتا لا ترضي المواطنة اللبنانية ولكنها أداة تمثيلية تستطيع أن تخرق بها نظام الثقافة الذكورية. ففي غياب الكوتا لن تحصل على تمثيل حقيقي أو وجود فاعل، في ظل قانون انتخابي طائفي ومذهبي يمثل التركيبة الاجتماعية ذات القيم الثقافية الذكورية والعشائرية. وهي بالرغم من أن دستور وطنها اعطاها حقوقها السياسية كاملة كمواطنة، إلا أن المجتمع جعلها مواطنة من الدرجة الثانية، وكبّلها بعوائق لا تسمح لها بتبوء المناصب القيادية. ومن أهمها:

  • الارث السياسي والثقافي والديني في مجتمعنا الذكوري، حيث أن السياسة تقليديا هي حكر على الرجل.
  • النظام الانتخابي والذي لا يفسح المجال لامرأة غير “المدعومة” سياسيا وماديا أن تنجح.
  • غياب الارادة السياسية لمشاركة المرأة في المجال السياسي وغياب القوانين التي تجبر اللوائح على ترشيح المرأة.
  • شخصية المرأة ومدى وعيها لحقوقها واستعدادها في خوض معركة انتزاع السلطة.
  • ضعف دور المنظمات غيرالحكومية في دعم قضايا المرأة.
  • غياب البرامج الاعلامية التي تشجع المرأة على المشاركة في المجال السياسي.

علماً ان دور المرأة يتعدى كونها تمثل “نصف المجتمع”، فهي شريكة أساسية في التخطيط والتنفيذ للسياسات العامة في بلدنا”.

من جهة أخرى ترى أيوب أنّه “على المرأة أن تعمل على بناء ثقتها بنفسها وتفعِّل قدراتها في ظل قانون واضح وعادل يخرجها من ربقة الرجل ومن النظام القائم. كما عليها أن تكون مستعدة، للمشاركة في الحياة السياسية ومعتمدة على المعرفة، لأنه بدون المعرفة تصبح المشاركة هي مجرد استنفار وتعبئة وتبعية سهلة، وخالية من أي نبض أو طموح أو اعتراض. إن مشاركة المرأة في القيادة ومناصب القرار من العوامل الأساسية لضمان ادماج النوع الاجتماعي تحقيقاً للمساواة والعدالة الاجتماعية التي يطمح إليها جميع أبناء الوطن”.

السابق
زهرا: طائرة «ياسر» هي التي حلّقت فوق «معراب»
التالي
أهل الضاحية الجنوبية ينزحون عنها ببطء وصمت